الطائرات المُسيرة (الطائرات بدون طيار)، هي طائرات تحتوي على أنظمة تقنية يتحكم بها الذكاء الاصطناعي. ويمكن لهذه الطائرات أن تحمل موادا مُفجرة، ويمكنها أيضا أن تحمل أجهزة تجسس عالية الدقة، فضلا عن عدم قدرة الرادار على رصدها، وسعرها الزهيد ([1]).

ولهذا باتت صناعة الطائرات المُسيرة تحتل مساحة مهمة في قطاعِ تطوير الصناعات العسكرية في المنطقة والعالم ، فتعددت مهامها، الأمر الذي عزز من فكرة تصنيعها وإمتلاكها واستخدامها.

بعد عقب سقوط  طائرة التجسس الأمريكيةU2  في أراضِ الاتحاد السوفيتي عام 1960م سعى الخبراء إلى البحث عن طائرة بدون مخاطر تُحقق الأهداف المطلوبة؛ أي عملية الاستطلاع والرقابة والتجسس والقصف. من هنا جاءت فكرة ظهور الطائرات بدون طيار([2]).

وقد عانت بعض دول المنطقة من القصف بطائرات مسيرة، مثلالمملكة العربية السعودية التي قصفتها طائرات قوات الحوثي المسيرة، خاصة بعدما فشلت منظومة صواريخ باتريوت في التصدي لها.

مخاطر هذه الطائرات:

وقد نشر مركز أبحاث تشاتام هاوس (المعهد الملكي للشؤون الدولية) ورقة بحثية للباحث جيسيكا دورسي، المتخصص في القانون الدولي والأوروبي بجامعة أوتريخت، ضمن إصدارات برنامج الأمن الدولي، بعنوان “الطائرات المُسلحة بدون طيار في أوروبا ضمان الشفافية والمُساءلة”. فتطرق إلى الآثار السياسية لاستخدام الطائرات المسلحة بدون طيار([3])، جاء فيها “على الرغم مما يُنسب للطائرات بدون طيار من دقة عالية في تحديد أهدافها على أرض الواقع، إلا أنها لا تتميز بالدرجة ذاتها من الدقة لضرب أحد الأهداف، وتزيد مخاطر استخدامها في المناطق التي تشهد عمليات مكافحة إرهاب أو قمع تمرد؛ لأن المستهدفين لا يمكن تمييزهم عن المدنيين، لعدم ارتدائهم الزي العسكري. ولهذا فإنه في كثير من الأحيان يتم إصابة مدنيين، وهذا حدث بالفعل في عام 2010 في ولاية أروزجان في أفغانستان مما يوقع خسائر في الأرواح”([4]). من هنا تخلص الورقة غلى ضرورة العمل على الحد من انتشار الطائرات المُسيرة لأنها تعمل على تسهيل العمليات العسكرية التي تتعارض مع قواعد القانون الدولي.

الطائرات المُسيرة الإسرائيلية:

تُعتبر إسرائيل أكبر مصدر للطائرات المُسيرة في العالم، لتنافس في هذا المجال الصين والولايات المتحدة الأميركية[5]، حيث تمثل 10% من صادراتها العسكرية. كما أن المناصب العليا في الشركات الإسرائيلية المصنعة للطائرات المُسيرة يشغلها مسؤولون عسكريون وورجال استخبارات سابقون. وتُستخدم هذه المُسيرات كالأسراب في الحرب على غزة لضرب أهداف معينة ورصد صواريخ حماس.

ومن أشهر طرازاتها من الطائرات المُسيرة “هيرون”، التي يمكنها حَمْل مجسات إلكترونية، مثل مجسات الأشعة تحت الحمراء التي تتعرف على كل ماتنبعث منه حرارة، سواء كان إنسانا تبلغ درجة حرارة جسمه 37 درجة مئوية ، أو مركبة تنبعث منه حرارة عبر مُحركها، ومجسات الرؤية الليلية، بالإضافة إلى أنظمة رادار مختلفة. وقد قامت إسرائيل بتصدير هذا النوع من الطائرات للهند وتركيا وفرنسا وكندا وأستراليا.

الطائرات المُسيرة الحوثية:

  بات الحوثيون يشكلون تحديا أمام الدولة السعودية نتيجة استخدامهم الطائرات بدون طيار لضرب أهداف داخل المملكة. وقد بدأ الحوثيون استخدام طائرات بدائية حتى تطورت لتصبح من طراز قاصف 1 ، 2. واختلف الكثيرون حول مصادر هذه الطائرات؛ فقد اعلنوا أنها من صُنعهم، ولكن تقارير الأمم المتحدة وغيرها تؤكد أن هذه الطائرات تحوي تكنولوجيا إيرانية. ومعروف أن إيران تُعد مورِّدا رئيسا للأسلحة لهم.

الطائرات المُسيرة التركية:

تحتل تركيا المرتبة السادسة في العالم في تطوير وتصدير الطائرات المُسيرة، بعد الولايات المتحدة وإسرائيل والصين وإيران. وقد تم تصنيف الطائرة بدون طيار التركية على أنها طائرة تكتيكية هجومية؛ لأنها تستطيع الطيران على ارتفاعات تتراوح من 20 ألف إلى 27 ألف قدم، حوالي ثمانية كيلومترات، وتحمل معدات تزن 150 كيلوجرامًا وتبقى في الجو لمدة تصل إلى 25 ساعة متتالية.

وتتمتع الطائرات التركية بقدرتها على أداء مهام المراقبة والبحث والتدمير الفوري للأهداف بشكل دقيق. وتعمل على توفير معلومات لمراكز العمليات العسكرية[6]. ويُطلق على الطائرات المُسيرة التركية “بيرقدارTB2 ” وهي تمثل أساس العمليات الحربية التركية،.

وتمثل المُسيرات التركية خطرا على الأكراد في العراق؛ لأن المُسيرات التركية تخترق الحدود العراقية، والحدود السورية.

 الطائرات المُسيرة الإيرانية:

انتجت إيران الطائرات بدون طيار، واخذت تطور في طرزها، إدراكا منها لأهميتها الاستراتيجية، وحفاظا على  أمنها القومي. ولكن لم يتوقف إنتاج عند الحدود الإيرانية، بل تعدى ذلك ليصل إلى اليمن وسوريا وحزب الله في لبنان، وهو ما جعل من طهران قوة إقليمية عبر تعزيز أذرعها الإقليمية بهذه النوعية من الطائرات. وعلى الرغم من القيود التي فرضها الرئيس الأمريكي السابق ترامب، على إيران إلا إنها لم تتوان أو تتراجع عن صناعة وتطوير المُسيرات.

وقد صدر تقرير عن معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام حول الإنفاق  الإيراني في مجال صناعة وتطوير المُسيرات يشير إلى تجاوز ميزانيتها مليارات الدولارات. وقد تسارع إنتاجها منذ العام 2013، لتصبح أهم صناعاتها العسكرية إلى جانب الصواريخ الباليستية([7]). ويوجد أنواع كثيرة من المُسيرات الإيرانية ولعل أبرزهم ” فطرس”.

ويتسع نطاق مخاطر المُسيرات الإيرانية؛ ليصل إلى العراق ولبنان واليمن وسوريا وقطاع غزة وتحديدًا “حماس”. وهذا يُعد خطرًا كبيرًا على المنطقة ككل. وقد قامت هذه الطائرات بضرب منشأت نفطية في الدمام شرق المملكة السعودية.

والجدير بالذكر أنه قد سبق ونجحت إيران في إختراق إحدى المُسيرات الأمريكية وتهكير نظامها حتى تم إسقاطها، هذه الطائرة المُسيرة، من طراز غلوبال هوك، في محافظة هرزمكان جنوب إيران([8]). تم بعد ذلك فحص الطائرة لمعرفة صناعتها والأجهزة التي تحملها.

مصر أول دولة عربية تصنع مسيرات:

الطائرة المُسيرة المصرية 30يونيو

كان من الأهمية بمكان أن تتحرك مصر لتواكب هذه الطفرة التكنولوجية، لتفاجأ العالم في معرض “أيديكس الدولي2021 لأسلحة الدفاع”- الذي أُقيم على أرض مصر- حيث أُعلن فيه للمرة الأولى أن مصر تمتلك مُسيرة تم تصنيعها بأيد مصرية، مُخصصة لأغراض المُراقبة والاستخبارات الإلكترونية والاستطلاع، والقصف الجوي الدقيق. فنجد المُسيرة “نوت” التي تستطيع الطيران لمدة 14 ساعة متواصلة، وتصل حمولتها 65 كيلو جرام من الصواريخ المُتفجرة. وكذلك المُسيرة “30 يونيو” التي يمكنها البقاء في الجو أكثر من 24 ساعة، وتصل سرعتها القصوى إلى 260 كيلومترا في الساعة، بطول 8.9 متر وارتفاع 2.6 متر والمسافة بين طرفي جناحينها 12 مترا.

وقد جاء في تقرير أعدته جريدة الجارديان البريطانية بأن مصر من الدول التي تصدرت المراكز الأولى وتحديدًا المركز السادس حتى سبقت تركيا وإسرائيل في صناعة وتطوير

جريدة الجارديان تُصنف مصر ضمن العشر دول الأولى بعد عشر سنوات

خطر المُسيرات على الأمن القومي المصري:

كانت مصر –وماتزال- محل أطماع الكثيرين، وأصبح استقرار مصر وتنيمتها يُغضب الكثيرين أيضا، ومن هنا لم يكن الخطر عليها من الشرق فقط (إسرائيل)، بل من الغرب أيضًا. فقد اسقطت مصر مسيرة تجسس امريكية من طراز “أفينجر”، بالقرب من الحدود المصرية الليبية، بعدما انتهكت الأجواء المصرية وحلقت فوق الأراضى المصرية. كما أكدت المصادر ان الطائرة الامريكية كانت تقوم بدورية فوق الاراضى الليبية[1]. تعد الطائرة “افينجر” أكبر وأسرع مسيرة. وفيما يلي عرض مُوجز لأبرز الطائرات التي تناولتها هذا الدراسة.

النوعالحجم: الطول والأجنحةالسرعة كم/سالحمولة كجممدة الطيران ساعةارتفاع الطيران متر
المُسيرة الإسرائيلية “هيرون”الطول  8.94م الجناح 16.60م207250529000
المُسيرة التركية “بيرقدار TB2”طولها 6متر ونصفسريعة150258000
المُسيرة الإيرانية “فطرس”الطول 8.25مسريعةصواريخ16-307619
المُسيرة المصريةنوت 1806510- 145000
المُسيرة المصرية “30يونيو”الطول 8.9 متر260 242.6

ويمكن القول إجمالا أن صناعة المسيرات في مصر وتطويرها سيعود بالفائدة الكبيرة في الحفاظ على الأمن القومي المصري والعربي.



([1])https://arabic.rt.com/middle_east/1042862-%D9%84%D9%88%D8%A7%D8%A1-%D8%B3%D8%A7%D8%A8%D9%82-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%8A%D8%B4-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%8A-%D9%8A%D9%83%D8%B4%D9%81-%D8%AE%D8%B7%D9%88%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D8%A6%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%8A%D8%B1%D8%A9/

([2]) مؤمن، طاهر شوقي، النظام القانوني للطائرات بدون طيار الدراونز، بحث منشور،جامعة عين شمس، كلية الحقوق، 2016، صـ4

([3]) Jessica Dorsey, Nilza Amaral, Military drones in Europe, Chatham House, April 30, 2021

([4]( Ibed

[5]https://www.swissinfo.ch/ara/afp/%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D8%A6%D8%B1%D8% A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%8A%D8%B1%D8%A9-%D8%B3%D9%84%D8%A7%D8%AD-%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B1%D9%8A/45398582

[6]https://nziv-net.translate.goog/42016/?_x_tr_sl=iw&_x_tr_tl=ar&_x_tr_hl=ar&_x_tr_pto=nui,sc 18/11/2021 الساعة 5

([7])https://web.archive.org/web/20191103160703/https://www.voanews.com/middle-east/voa-news-iran/irans-military-expenditure-declines-2018-due-economic-problems 26/11/2021 الساعة10

([8])https://www.france24.com/ar/20190620-%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D8%B7%D8%A7%D8%A6%D8%B1%D8%A9-%D9%85%D8%B3%D9%8A%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%84%D8%A7%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D8%A9-%D8%A5%D8%B3%D9%82%D8%A7%D8%B7-%D9%85%D8%AC%D8%A7%D9%84-%D8%AC%D9%88%D9%8A

شاركها.

اترك تعليقاً

Exit mobile version