نتنياهو

كان تصريح نتنياهو غير المسبوق في درجة تحديه للإدارة الأمريكية مفاجئًا لكل المراقبين عندما قال خلال حفل لرئيس الموساد الجديد “اذا احتجنا الى الاختيار وأتمنى ألا يحدث ذلك، بين الاحتكاك مع صديقتنا العظيمة الولايات المتحدة، وإزالة التهديد الوجودي (يقصد ايران) فان إزالة التهديد الوجودي هي التي تتغلب “.

من المعروف أن إيران إذا تبنت استراتيجية للتدخل في أزمة ما، فإن استراتيجية أخرى للخروج منها تكون جاهزة لديها أيضا. وبالتالي من المفترض أن تكون لديها سيناريوهات متعددة للتعامل مع الضغوط الدولية المختلفة فيما يتعلق بنفوذها المخل بالتوازن الإقليمي، الذي لم يعد مقبولا أو السكوت عليه أو التغافل عنه؛ وإذا لم يتم تفكيك هذا النفوذ وتقويض أدواته المكونة لمحور المقاومة، فسوف تنفرد إيران بالقدرة على هيكلة المنطقة وفق تصوراتها المدمرة وبأقل كلفة سياسية أو مادية، وربما تحول محور المقاومة إلى ناتو شيعي قوامه أشرس الجماعات الإرهابية المقاتلة.

إن بناء استراتيجية متكاملة لمواجهة خطر النفوذ الإيراني بالمنطقة، يتطلب منها فهما للوضع الجديد الذي تعاظم فيه هذا النفوذ. ولم تعد فيه العواصم العربية الكبرى: القاهرة ودمشق، وبغداد لاعبين رئيسيين على المستوى الجيوستراتيجي؛ بعد أن حطم الصراع الطائفي بغداد، منذ انهيار نظام صدام حسين، 2003م، ودمرت الحرب الداخلة دمشق، منذ 2011م، وكفأت القاهرة على شواغلها الداخلية منذ ذلك التاريخ.

استحدثت إيران مقاربة أيديولوجية لمنطقة الشرق الأوسط، منذ قيام ثورتها عام 1979م، استندت فيها إلى كل مكونات قدراتها الجيوسياسية، وقيمها الثورية، كما اصطحبت معها مفاهيم الصراع التاريخي على مركزية السلطة والثأر ممن اغتصب حق الأئمة في الخلافة. وقد عكست هذه المقاربة جوهر الاستراتيجية الإيرانية في بناء نفوذها الإقليمي، وإدارة ميزان القوى لصالحها، من حيث تشكيل جيوسياسية حصرية لها تسمى محور المقاومة، واختلاق هويات أيديولوجية موالية لها في كل من العراق وسوريا واليمن ولبنان وأفغانستان وباكستان.

إذا افترضنا أن إيران، يقطن بها حوالي 40% من شيعة العالم، فعلينا أن ندرك أيضا أن عملية التمدد الجيوشيعي جعلت إيران محورا لثلاث دوائر اهتمام، تضم كل دائرة منها ثلاث مناطق استراتيجية، لكل دائرة من هذه الدوائر آلية خاصة بها لبناء نفوذها.

تكشف استراتيجية إيران لبناء النفوذ الجيوشيعي، عن مدى قدرتها على رسم أجندة ثقافية متكاملة، تسهم في تحويل طهران إلى مركز لتغيير الانتماءات الأيديولوجية لدى شعوب العالم الإسلامي، بوصفهم مستضعفين، بما يتعين عليها نصرتهم ومساندتهم، بحكم الدستور. وتتجلى هذه النصرة وتلك المساندة عبر عدد من الآليات والوسائل التي تعتمد عليها في تصدير قيم الثورة ونشر معتقداتها المذهبية بين هؤلاء المستضعفين، وذلك من خلال:

1- تواصل إسرائيل عدوانها على قطاع غزة، والذى أدى إلى استشهاد حوالى 140 فلسطينيًا، وإصابة أكثر من 1500 آخرين، مع تهجير الآلاف من بيوتهم فى شمال القطاع لمناطق أكثر أمنًا حيث تستهدف إسرائيل استكمال تدمير قدرات وإمكانيات فصائل المقاومة، حيث ساهمت الإجراءات والسياسات الإسرائيلية التى انتهجها رئيس الوزراء “بنيامين نتنياهو”، وكذا الاستفزازات التى قام بها المستوطنون فى القدس والأقصى بتحريض من حلفاء “نتنياهو” فى إحباط حكومة التغيير التى كانت ستتشكل وتحتاج دعم القائمة الموحدة والقائمة المشتركة، وذلك فى أعقاب تراجع رئيس حزب يمينا “نفتالى بينيت” عن الانضمام للائتلاف الحكومى، وكذا إجهاض معركة “الأقصى” و”الشيخ جراح” التى جذبت دعمًا دوليًا وشعبيًا غير مسبوق.

اندلعت الحرب بين إسرائيل وحركات المقاومة الفلسطينية، ورغم استشهاد عشرات الفلسطينيين وإصابة المئات، إلا أن صواريخ حماس والجهاد الإسلامي ما زالت تنهمر على المدن والمستوطنات الإسرائيلية دون انقطاع، مما أدى لمقتل بعض الإسرائيليين وإصابة آخرين، فضلا عن إصابة حركة الحياة داخل إسرائيل بالشلل التام، في ظل شبح الحرب الأهلية بين اليهود والعرب في أراضي الـ 48.

مرورا بفيروس Stuxent واغتيال العلماء النوويين وسرقة الوثائق النووية والانفجار الأول في نطنز واغتيال فخري زاده إلى تفجير آخر في منشآت نووية.. فإن ضرب مسار النشاطات النووية لإيران ليس بالشيء الجديد، لكن الجديد هو تبعات هذا الحادث.

أعلنت الولايات المتحدة يوم الأحد الماضى عن اعتزامها إجراء مناورات عسكرية فى بحر العرب وخليج عمان بمشاركة سفن ووحدات بحرية تابعة لكل من اليابان وفرنسا وبلجيكا، وتشمل السفن المعنية حاملة الطائرات الفرنسية “شارل ديجول”، وكذلك السفينة الهجومية البرمائية الأمريكية “يو إس إس ماكين آيلاند”. كما ستشارك الفرقاطة البلجيكية “HNLMS Leopold I” والمدمرة اليابانية JS” Ariake”، بالإضافة إلى طائرات من الدول الأربع.