الخليج

إن بناء استراتيجية متكاملة لمواجهة خطر النفوذ الإيراني بالمنطقة، يتطلب منها فهما للوضع الجديد الذي تعاظم فيه هذا النفوذ. ولم تعد فيه العواصم العربية الكبرى: القاهرة ودمشق، وبغداد لاعبين رئيسيين على المستوى الجيوستراتيجي؛ بعد أن حطم الصراع الطائفي بغداد، منذ انهيار نظام صدام حسين، 2003م، ودمرت الحرب الداخلة دمشق، منذ 2011م، وكفأت القاهرة على شواغلها الداخلية منذ ذلك التاريخ.

الاتفاق النووي الإيراني، المعروف رسميًا باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، هو اتفاق تاريخي تم التوصل إليه بين إيران والعديد من القوى العالمية، بما في ذلك الولايات المتحدة، في يوليو 2015. وبموجب شروطه، وافقت إيران على تفكيك الكثير من مراحل البرنامج النووي وفتح منشآته لمزيد من عمليات التفتيش الدولية المكثفة مقابل تخفيف العقوبات بمليارات الدولارات، وهو الاتفاق الذي انسحب منه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عام 2018، إلا أن الرئيس جو بايدن أكد أن الولايات المتحدة ستعود إلى الاتفاق إذا عادت إيران إلى الامتثال.

مثلت قمة العلا بما حملته من المصالحة العربية بين قطر من جهة والرباعي العربي من جهة أخري (مصر، السعودية، الامارات، البحرين) فصلاً جديداً في العلاقات العربية الإيرانية، فقد كانت من أولويات هذه القمة توحيد الصف العربي إزاء التحديات الخارجية التي يواجهها الوطن العربي، وفي مقدمتها التهديد الإيراني.

لفت انتباه المراقبين دخول كبرى الغواصات الأمريكية “يو اس جورجيا” التي تعمل بالطاقة النووية، والمحملة بأكثر من 154 صاروخا من طراز توماهوك، في نطاق عمليات الأسطول الخامس بمياه الخليج العربي، فوضع بعضهم جملة من التصورات حول المغزى من وراء ذلك، منها أنه ربما يأتي ضمن محاولات استدراج إيران للوقوع في خطأ استراتيجي؛ يقتضى معاقبتها عقابا يفضي إلى الإطاحة بنظامها.