تشهد الساحة الصومالية خلافات حادة مع إقتراب الانتخابات التشريعية المقرر أن تجرى فى ديسمبر 2020 والانتخابات الرئاسية فى فبراير2021 وسط إستقطاب سياسى بين الرئيس الصومالى الحالى محمد عبدالله فرماجو والمعارضة السياسية، وعدد من الولايات الفيدرالية. على الرغم من حسم الخلاف حول طريقة الانتخاب وإنتصار المعارضة بإقرار النظام العشائرى المعروف بـ “4.5”، إلا أن المعارضة اتهمت الرئيس بالالتفاف على النظام الديمقراطى والتدخّل فى انتخابات برلمانات الولايات لضمان وصول حكام ونواب موالين له، تمهيدًا لفوزه فى الانتخابات الرئاسية من خلال تشكيل اللجان الانتخابية الإقليمية والفيدرالية المشرفة على إختيار نواب البرلمان من عناصر المخابرات والموظفين والموالين له.
تأتى الانتخابات فى ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة وغير المسبوقة فى الصومال منذ غياب الدولة المركزية فى تسعينيات القرن الماضى، بسبب سوء إدارة فرماجو واعتماده على المعونات والمنح الدولية والإقليمية فضلًا عن جائحة فيروس كورونا التى فاقمت الأوضاع الاقتصادية وتسببت فى مواجهة العديد من البنوك خطر الإفلاس جراء عدم توفر السيولة المالية، فضلًا عن إضطراب الأحوال الأمنية بفعل ما تقوم به حركة الشباب المجاهدين الصومالية وإعلانها الولاء لتنظيم القاعدة، والسيطرة على مناطق بالصومال، حتى باتت تشكل الخطر الأكبر الذى يهدد أمن الصومال ودول الجوار.
الإطار الدستورى للانتخابات وإمكانية التأجيل
على الرغم من وجود دستور اعتبره البعض قاعدة راسخة تمهد لحدوث الإستقرار السياسى فى الصومال، إلا أن هناك إشكاليات حالت دون تحقق ذلك، بسبب غياب مؤسسات مهمة كالمحكمة الدستورية، واللجان القضائية، والنقابات العمالية، ومؤسسات مكافحة الفساد، فضلًا عن طبيعة الانتخابات فى الصومال التى تسمح بالتدخل الأجنبى، والتأثير على سير العملية الانتخابية، حيث تجرى الانتخابات البرلمانية بطريقة غير مباشرة أشبه بالنظام القبلى العشائرى، وقد اتفق قادة كافة الولايات مع الرئيس الصومالى وعمدة مقديشيو فى 17 سبتمبر 2020 على صيغة توافقية تتضمن عقد الانتخابات وفقًا لنظام “4.5”، والتى تم إعتماها من البرلمان فى السادس والعشرين من سبتمبر 2020.
وفقًا لتعديلات تضمنت توسيع قاعدة المشاركة لتحييد أزمات شراء الأصوات والولائات القبلية، وذلك بأن تنتخب قاعدة الناخبين المقدرة بنحو 90 ألف ناخب على أساس قيام كل 301 فرد من العشيرة بانتخاب مقعد واحد فى مجلس الشعب (الغرفة السفلى للبرلمان 275 مقعدا)، بعدما كان عددهم 101 فى السابق، بينما السيناتور الواحد فى مجلس الشيوخ (الغرفة العليا للبرلمان الفيدرالى54 مقعدا) سينتخبه نحو 80 شخصا من برلمانات الولايات الإقليمية، فيما سيختار أعضاء المجلسين بدورهم رئيس البلاد الذى سيقود الصومال فى السنوات الأربع المقبلة، وتم تحديد 4 دوائر انتخابية فى كل من الولايات الخمسة بعدما كان عددهم إثنين، فضلًا عن تشكيل إدارة مفوضية الانتخابات الصومالية المستقلة العملية الانتخابية بالتعاون مع الولايات والعشائر ومنظمات المجتمع المدنى.
وقد نصت المادة 53 من قانون الانتخاب الجديد على تأجيل الانتخابات لمدة ستة أشهر فى حال لم تتوافر الظروف الأمنية أو حدثت كوارث طبيعية وإنسانية، وهو ما يمكن إستخدامها من قبل الحكومة كذريعة لتأجيل الانتخابات خاصة فى ظل الموجة لثانية لفيروس كورونا فضلًا عن سحب إثيوبيا قوة قوامها 3000 جندى من الصومال للمشاركة فى حرب التيجراى، بما يفسح المجال أمام حركة الشباب للقيام بعمليات إرهابية لتأجيل الانتخابات إن استشعرت الحاجة لذلك، إلا أن العواقب التى قد تشهدها البلاد فى حال إقدام الحكومة الحالية على تأجيل الانتخابات وتمديد فترة ولايتها ستكون سلبية خاصة فى ظل رفض المعارضة وولايتى بونت لاند وجوبا لاند تأجيل الانتخابات، فضلًا عن تأكيد الولايات المتحدة الأمريكية على إجراء الانتخابات فى موعدها والالتزام الكامل بالاتفاق السياسى حول الانتخابات وعدم السماح بتهديد المسار الانتخابى، وهو ما قد يعزز إحتمالية إقامة الانتخابات فى موعدها المُقرر.
أزمة لجان الانتخابات وإتهام فرماجو بالسعى للتزوير
فى إطار محاولة الرئيس فرماجو الفوز فى الانتخابات القادمة قام بتعيين لجنتى الانتخابات الفيدرالية المكونتين من 25 عضوا، إضافة إلى لجنة إدارة انتخابات المقاعد النيابية من أرض الصومال. أما من جانب الولايات فقد عينت ثلاث ولايات موالية لفرماجو، لجانها الانتخابية الإقليمية والمعنية بتنظيم انتخابات المقاعد النيابية للبرلمان الفيدرالى وهى غلمدغ، وهيرشبيلى وجنوب غرب الصومال فيما لم تعين ولايتى جوبلاند وبونتلاند لجنتيهما، وقد رفضت المعارضة الصومالية هذه اللجان الانتخابية وشككت فى نزاهة واستقلالية أعضائها، وأنها تضم عناصر من المخابرات الصومالية، وموظفين بمكتبى فرماجو وفهد ياسين رئيس المخابرات، إضافة إلى مخالفة الرئيس فرماجو للدستور وتعيينه أعضاء اللجنة الانتخابية الممثلة لأرض الصومال، بدلاً من ترك إختيارها لرئيس مجلس الشيوخ، وفق الاتفاق السياسى الأخير بالسماح للمنحدرين من أرض الصومال باختيار ممثليهم فى مجلس النواب.
الأطراف الفاعلة فى المشهد السياسى الصومالى
أعلن عدد من المرشحين خوضهم سباق الانتخابات الرئاسية إلا أن خمسة من بينهم لهم فرص أكبر فى الفوز بمنصب الرئاسة:-
الرئيس محمد عبدالله فرماجو
الصومال
الرئيس الحالى “فرماجو” – صورة أرشيفية
• تم انتخابه فى 2017 وتنتهى ولايته فى يناير 2021، بأغلبية ساحقة من البرلمان الصومالى لكن رصيده الشعبى تضاءل، بعد فشله فى تحقيق وعوده الانتخابية وتردى الوضع الأمنى والمعيشى. يحظى فرماجو بدعم من عدة دول إقليمية أبرزها قطر، والتى تدعمه للفوز بالرئاسة لضمان سيطرتهاعلى المشهد السياسى بالصومال عبر وكلائها بنظام الحكم، وفى مقدمتهم رئيس الاستخبارات فهد ياسين _مراسل قناة الجزيرة السابق_ الذى عينه فرماجو رئيساً للمخابرات العامة، كما يحظى فرماجو بدعم من تركيا التى أتاح لها التوغل فى القرن الأفريقى باستخدام ورقة الجيش الصومالى حيث تعتزم قاعدة “تيركسوم” التركية أن تتولى تدريب ثلث قوات الجيش الوطنى الصومالى، فضلا عن الدعم الإثيوبى من قبل آبى أحمد الذى استطاع تطويع الصومال لضمان هيمنته على منطقة القرن الأفريقى وضمان دعم الصومال فى حربه على التيجراى، وفى المقابل تقف كينيا والإمارات والسعودية ضد الرئيس فرماجو ولا يدعمان فوزه بالرئاسة.
طاهر محمود جيلى
طاهر محمود جيلى – صورة أرشيفية
• حصل جيلى على درجة البكالوريوس فى الشريعة والقانون من جامعة الأزهر الشريف، ثم حصل على درجة الماجستير فى العلوم السياسية من معهد البحوث والدراسات التابع لجامعة الدول العربية، وقد تم تعيينه سفيرا لدى المملكة العربية السعودية عام 2013م، وقام جيلى ببناء علاقات وطيدة مع قيادات الحكومة السعودية أثناء وجوده فى المملكة، ويتمتع جيلى بعلاقات جيدة مع السعودية والإمارات ومصر.
محمد عبد الرحمن على (سيرين)
• يتولى سيرين رئاسة حزب المؤتمر الصومالى، ويتمتع بعلاقات إقليمية ودولية متميزة مع السعودية ومصر والإمارات، ويعتقد الرجل بأهمية إقامة علاقات قوية مع السعودية، وعودة الصومال إلى حضنها العربى والارتباط بالأمن القومى العربى، كما أن له علاقات وطيدة مع المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية.
عبد الرحمن عبد الشكور ورسمه
عبد الرحمن عبد الشكور ورسمه – صورة أرشيفية
• ترشح ورسمه فى الانتخابات الرئاسية عام 2017، وكان من المتحالفين مع الرئيس فرماجو، لكنه أصبح من أشد المعارضين له، وله علاقات قوية مع الحكومة الكينية حيث لعب دورًا فى توقيع مذكرة التفاهم بين الصومال وكينيا عام 2009 والتى نصت على إنهاء النزاع بين البلدين بشأن الحدود البحرية، ولكنها شهرت به، وهذه تعد من أهم نقاط ضعفه ومعروف عنه إنتقاده لقطر ورغبته فى عودة الصومال إلى محور الاعتدال فى المنطقة بقيادة مصر والسعودية والإمارات.
حسن على خير
حسن على خير – صورة أرشيفية
• شغل خير منصب رئيس الوزراء الأسبق، وتم سحب الثقة البرلمانية منه على خلفية رفضه خطة تمديد بقاء فرماجو فى الحكم وقد أعلن ترشحه للانتخابات الرئاسية، ومن المعروف أنه يرفض الوجود القطرى فى الصومال كما أن عزله من قبل الرئيس فرماجو ساهم فى حصوله على تأييد بعض قوى المعارضة.
الولايات الفيدرالية
تتكون الصومال من ست ولايات فيدرالية وهى جوبالاند، وجنوب غرب الصومال، وجلمدغ، وهيرشبيلى، إلى جانب صوماليلاند وبونت لاند، وكلها إدارات معترف بها باستثناء صوماليلاند التى أعلنت إنفصالها عن جمهورية الصومال ولم تحظى بالاعتراف الدولى رسميًا. تتسم علاقة الحكومة المركزية بالتوتر مع ولايتى جوبالاند وبونت لاند بسبب عدم إعتراف الحكومة الاتحادية بنتائج الانتخابات الرئاسية التى أجريت فى جوبالاند نهاية شهر سبتمبر 2019، والخلاف حول طريقة تقاسم المعونات المالية التى تحصل عليها الحكومة الاتحادية من المنظمات الدولية والدول الداعمة للصومال، فضلًا عن تلقى ولاية بونتلاند دعم من الإمارات لمواجهة الحكومة الفيدرالية، وتلقى ولاية جوبا لاند تمويل من كينيا، أما علاقة الحكومة مع الولايات الأخرى: جنوب غرب الصومال وهيرشبيلى وجلمدغ، فهى علاقة قوية نظرًا لوجود شخصيات على رأس السلطة فى الولايات الثلاثة ترتبط بعلاقات وثيقة مع الحكومة الاتحادية.
حركة شباب المجاهدين
حركة شباب المجاهدين – صورة أرشيفية
تعد من أخطر الحركات المتطرفة فى منطقة القرن الإفريقى ولها موقف متشدد من الرئيس الصومالى الحالى وتسيطر على خُمس الأراضى الصومالية، ويتراوح عدد عناصر الحركة بين 3 و9 آلاف مقاتل وفقاً لتقديرات وزارة الدفاع الأمريكية. وقد أعلنت الحركة منذ يناير 2020 أنها سيطرت على 4 مناطق فى الصومال، منها منطقتين إستراتيجيتين تقع إحداهما على الحدود مع إثيوبيا وهو ما يعكس إستمرار الحركة فى توسيع الرقعة الجغرافية لمناطق سيطرتها فى البلاد.
لم ينجح الرئيس الصومالى الحالى فى القضاء على تلك الحركة التى أعلنت ولاءها لتنظيم القاعدة عام 2012، ومنذ الإعلان عن “داعش” عام 2014 أحجمت الحركة عن الانفصال عن تنظيم القاعدة الذى يوفر لها الدعم اللوجستى. ويتردد أن حركة شباب المجاهدين تحظى بدعم قطرى وإيرانى لمساندة الحوثيين، وللقيام بعمليات إرهابية بالوكالة فى عدد من الدول، كما تحظى الحركة بدعم تركى، وهى تتبنى تكتيك حرب العصابات، وقد استطاعت إسقاط طائرة أمريكية بدون طيار فى منطقة “تورا توورو” بإقليم شبيلى السفلى والتى عرضت صور حطامها فى 19 يناير 2020 ، الأمر الذى يعكس التطور النوعى فى أسلحة الحركة وتنامى قدراتها العسكرية.
أطماع القوى الإقليمية فى الصومال وأثرها على الانتخابات
• أدى موقع الصومال الإستراتيجى لجعلها محط أنظار القوى الساعية لتنفيذ أجنداتها الإقليمية، مما سيؤدى لتدخلات كبيرة فى الانتخابات القادمة لضمان فوز المرشح الذى يحقق تطلعات تلك القوى فى الصومال.
الإمارات
• تلعب الإمارات دورا كبيرا فى دعم ولايتى أرض الصومال وبونتلاند اللتين تسعيان للاستقلال عن الحكومة المركزية، ورغم أنه لا توجد دولة تعترف بأرض الصومال إلا أن للإمارات وجود ملموس فى تلك الولاية، حيث بدأت الإمارات فى عام 2017 إنشاء قاعدة بمطار مدينة بربرة فى الإقليم وسُمح لها بالبقاء فيها لمدة ثلاثين عاما، ويمكن إرجاع الدعم الإمارتى لهاتين الولاياتين لعدة أسباب:
تتمتع الولايتان بموقع جغرافى مميز فى القرن الإفريقى إذ تمتدان بطول الساحل الجنوبى لخليج عدن، مما يوفر للإمارات منطقة مميزة مقابلة لجنوب اليمن.
توتر العلاقة مع الحكومة المركزية بعد حياد الصومال فى خلاف عام 2017 بين قطر ودول الحصار الأربع، كما واجهت العلاقة بينهما مشكلة حين صادرت السلطات الصومالية فى أبريل 2018 حقائب نقود تحوى 9.6 مليون دولار على متن طائرة إماراتية فى مطار مقديشيو، وما نتج عنه من إنهاء البرنامج التدريبى للجيش الصومالى وقطع مساعدات التنمية.
علاقة الحكومة الفيدرالية القوية بقطر وتركيا وإتاحتها لتركيا التوغل فى الصومال.
بسط النفوذ على المنطقة المحيطة بمضيق باب المندب لتحقيق المكاسب فى الصراع الدائر فى اليمن والحفاظ على وجودها فى خليج عدن والتصدى للحوثيين فى اليمن.
الحصول على حلفاء لها فى المنطقة، بعدما أصبح جليا سعى دول أخرى من بينها قطر وتركيا للحلول محلها، خاصة بعد فسخ حكومة جيبوتى العقد المبرم مع الإمارات والذى بموجبه وقعت شركة موانئ دبى عقد امتياز مع ميناء “دوراليه” الذى يعد امتداد لميناء جيبوتى، ويقع على بعد 5 كم غرب مدينة جيبوتى، للحصول على إمتياز إدارى وإستثمارى لمدة 50 عاما.
قطر
• أتاح الرئيس الصومالى فرماجو لقطر التوغل فى الدولة الصومالية، وتعيين فهد ياسين لرئاسة وكالة الاستخبارات والأمن الوطنى الصومالية، رغم أن ياسين _صحفى الجزيرة السابق_ ليس لديه خلفية أمنية أو إستخباراتية، وقد قام بتفكيك الركائز الأساسية للوكالة وتعيين مؤيديه. كما تعد قطر من بين الداعمين الرئيسيين لحركة الشباب حيث أنه وفقا لتصريحات قائد سابق لحركة الشباب، فقد قدمت قطر 20 مليون دولار للصومال فى عام 2016، ونفذت حركة الشباب هجمات إرهابية نيابة عن قطر داخل الصومال وخارجها مقابل موارد مالية كبيرة، فضلًا عن مبالغ الفديات التى تسددها الدوحة تحت غطاء إطلاق سراح الرهائن، لتوفير دعم سياسى للحكومة القطرية من ناحية، وتمويل النشاط الإرهابى للحركة من ناحية أخرى، كما تعمل قطر فى الصومال تحت غطاء إنسانى، وذلك من خلال جمعية قطر الخيرية، وجمعية الهلال الأحمر القطرى، والتى تتعاون بشكل مباشر مع حركة الشباب الإرهابية، وتزود الحركة وعناصرها بمواد غذائية وأدوية ودعم لوجيستى.
كينيا
• توظف كينيا الخلافات السياسية بين الصوماليين لخدمة مصالحها الإقليمية عن طريق إستضافة المعارضين على أراضيها وتقديم الدعم لهم، وقد زادت حدة الخلافات بين الصومال وكينيا، حيث أعلنت الحكومة الفيدرالية الصومالية فى 14 ديسمبر 2020 قطع العلاقات الدبلوماسية مع كينيا ردا على الانتهاكات الكينية لسيادة الصومال، وتدخلها فى الشئون الداخلية، وقد جاءت هذه الخطوة بعد يوم واحد من لقاء رئيس إدارة أرض الصومال موسى بيحى عبدى مع الرئيس الكينى أوهورو كينياتا فى نيروبى يوم 13 ديسمبر 2020. تدعم كينيا إقليم جوبا لاند، وتعترف برئيسه أحمد مدوبى الذى لا تعترف به مقديشيو، للضغط على الحكومة الفيدرالية وفتح ملفات داخلية، لاسيما وضع جوبالاند حتى تنشغل مقديشيو عن ملف النزاع الحدودى البحرى بين البلدين، وقد صرح نائب رئيس البرلمان الكينى السابق فارح عمر فى 2018، بأن نيروبى تقدم شهريًا حوالى 1.5 مليون دولار لولاية جوبالاند لمحاربة الإرهاب.
تركيا
• تراهن تركيا على إعادة انتخاب الرئيس الصومالى فرماجو، حيث تعد من أبرز الجهات الداعمة له ولها نفوذ كبير فى الصومال، وتتولى قاعدة “تيركسوم” التركية تدريب ثلث قوات الجيش الوطنى الصومالى، وإدارة مجموعة “البيرق” التركية ميناء مقديشيو منذ 2016، فضلًا عن السماح بإنشاء قاعدة عسكرية فى الصومال فى 2017 والتى لها دور كبير فى تقديم الدعم لأبى أحمد فى حربه ضد التيجراى حيث أن هدف تركيا هو إستمرار التمدد فى الصومال دون أن تزاحمها أديس أبابا، ويرغب الرئيس رجب أردوغان فى التوغل بالقرن الأفريقى عبر بوابة الصومال، لتحقيق أهداف عسكرية وإقتصادية بالقارة السمراء.
إثيوبيا
• تعتبر إثيوبيا حليف إستراتيجى للرئيس فرماجو وحكومته، حيث أنه بعد تولى آبى أحمد الحكم فى إثيوبيا تزايد النفوذ الإثيوبى فى الصومال، بسبب دعم القوات الإثيوبية الحكومة الفيدرالية الصومالية فى الصراعات العسكرية التى تخوضها مع بعض الولايات الإقليمية، فضلًا عن أن إثيوبيا نجحت فى التمركز بالموانىء الصومالية، حيث وقعت مع موانئ دبى وحكومة أرض الصومال إتفاقا تصبح بموجبه إثيوبيا شريكًا إستراتيجيًا فى ميناء بربرة فى أرض الصومال بنسبة 19 فى المئة، وقد ساندت الصومال الحكومة الفيدرالية الإثيوبية ضد الجبهة الشعبية لتحرير التيجراى، لذلك فإنه من المرجح أن تتأثر الصومال بهذه الحرب.
إيران
• قطعت الصومال عام 2016 علاقاتها الدبلوماسية مع إيران تضامنًا مع المملكة العربية السعودية، وقد أقامت إيران علاقات سرية مع حركة الشباب، واستخدمتها لتهريب الأسلحة إلى الحوثيين فى اليمن، ولمهاجمة الجيش الأمريكى والقوات الأجنبية الأخرى فى الصومال وفى المنطقة، فضلًا عن تهريب النفط الإيرانى وبيعه بسعر رخيص عبر إفريقيا، فى محاولة للالتفاف على العقوبات الأمريكية، لذلك يمكن القول إن هناك ثمة تحالف غير معلن بين طهران وحركة شباب المجاهدين الصومالية، تسعى من خلاله إيران إلى خلق بؤرة إستخباراتية وشبكة سرية تابعة لها لتنفيذ وتحقيق أهدافها ودعم مصالحها فى الشرق الأوسط وأفريقيا.
مهددات الأمن القومى المصرى فى القرن الإفريقى
• تولى مصر أهمية جيوسياسية خاصة بالصومال باعتبارها إحدى دول حوض النيل، وتقع على ممر مائى هام للدولة المصرية وهو مضيق باب المندب والذى تسبب فى زيادة الأطماع الخارجية لتحقيق المصالح فى المنطقة، مما تطلب جهوداً مصرية حثيثة تجاه الصومال، لذلك فإن المرشح الذى سيفوز فى الانتخابات الرئاسية فى الصومال سيكون له تأثير على الأمن القومى المصرى فى منطقة القرن الإفريقى، حيث أن فوز الرئيس فرماجو يترتب عنه عدد من التداعيات السلبية لعدة أسباب منها: تحالفه مع قطر وتركيا، وإتاحته الفرصة لتركيا للتوغل فى منطقة القرن الإفريقى، ومحاولة السيطرة على مضيق باب المندب، وإستجابته للضغوط الاثيوبية فيما يتعلق بأزمة سد النهضة، ودعمه لموقف إثيوبيا بعد تحفظه على قرار الجامعة العربية بشأن السد.
• رفضت الخارجية الصومالية فى مارس 2020 مشروع قرار قدّمته مصر لجامعة الدول العربية، تؤكّد فيه حقوقها التاريخية فى مياه النيل، والتضييق على الأنشطة المصرية بالصومال حيث ألغت وزارة التربية والتعليم بمقديشيو بروتوكول التعاون التعليمى بين الصومال ومصر، وطالبت البعثة التعليمية المصرية بإخلاء مدرسة 15 مايو ومدارس أخرى ومغادرة البلاد، كما أن فوزه بالسلطة سيقود البلاد نحو الفوضى والفراغ السياسى، خاصة فى ظل رفضه من قبل بعض الأقاليم الفيدرالية، وفشله فى مقاومة حركة شباب المجاهدين، وتردى الأوضاع الأمنية والإقتصادية.
• قد يكون المرشح الأفضل لتحقيق مصالح مصر فى منطقة القرن الأفريقى هو طاهر محمود جيلى، وذلك لتلقيه الدراسة خلال مراحل مهمه من حياته التعليمية فى مصر، حيث حصل على درجة البكالوريوس فى الشريعة والقانون من جامعة الأزهر الشريف، ونال درجة الماجستير فى العلوم السياسية من معهد البحوث والدراسات التابع لجامعة الدول العربية، فضلًا عن عدائه المعروف لقطر وتركيا، وعلاقاته الجيدة بالسعودية أثناء تقلده منصب سفير بلاده لدى المملكة، وإيمانه بالتضامن العربى وعروبة الصومال بحكم موقعها الجغرافى، وهو ما يُمثل أهمية كبرى للأمن القومى العربى، وقد يسهم فى عودة حصول مصر على دعم الصومال فى قضية سد النهضة بشكل معلن.
خاتمة
يتمتع الرئيس الحالى فرماجو بدعم عدد من القوى الإقليمية، وعلى رأسها قطر وتركيا وإثيوبيا وثلاثة أقاليم فيدرالية (جنوب غرب الصومال وجلمدغ وهيرشبيلى) فى ظل وجود حالة من السخط الشعبى داخل الصومال تجاه سياساته، ووقوف المعارضة الصومالية وولايتى جوبا لاند وبونت لاند _المدعومين من الإمارات وكينيا_ أمام فوزه فى الانتخابات لولاية ثانية، وهو ما يشير إلى تعقد المشهد الانتخابى، وإعتبار النجاح فى تنظيم الانتخابات الرئاسية فى موعدها بمثابة تحدى خاصة فى ظل جود حركة الشباب فى جنوب ووسط البلاد، وتنظيم الدولة الإسلامية “داعش” فى شماله.
شاركها.

اترك تعليقاً

Exit mobile version