د.مروة إبراهيم
تلقي هذه الورقة الضوء على أبرز ما تناولته كل من الصحف الموالية للحكومة الإثيوبية وصحف المعارضة بشأن مجمل التطورات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية للدولة الإثيوبية، وعلاقاتها الخارجية، بما يتيح قراءة حقيقة الأوضاعٍ الإثيوبىة من زوايا مختلفة.
على المستوى الداخلي
أولا: اجتماعيا واقتصاديا
إنتهاك حقوق المواطنين الإثيوبيين
وفى المقابل أشارت بعض صحف المعارضة (صحيفة ሪፖርተር يوم 5/1/2025) إلى غضب إتحاد شركات المقاولين الوطنية لاعتماد الحكومة على المقاولين الأجانب وسيطرتهم على أعمال البناء ومشاريع الطرق، مما تسبب في بطالة عدد كبير من مقاولي القطاع الخاص، وذلك وفق ما تم الإعلان عنه في الاجتماع التشاوري الذي عقدته وزارة التعمير والبنية التحتية مع المعنيين في قطاع البناء والتشييد، بالإضافة إلى ما نشرته صحيفة ريبورتر (8/1/2025) حول الإعلان عن فصل أكثر من 480 موظفًا من شركة خدمات حافلات مدينة أديس أبابا بشكل تعسفي دون اتباع الإجراءات القانونية. وقد عبر كثيرون عن استيائهم لعدم تلقى إنذار، ليفاجئوا بخطاب فصلهم، بزعم سعى الشركة للإصلاح وتخفيض عدد الموظفين، وأكدوا على التزامهم بالعمل بالشركة منذ 25 عامًا.
كما أبرزت صحيفة ريبورتر المعارضة (12-1-2025) مخاوف وتحذير أعضاء البرلمان ومطالبتهم بحياد القضاء، والتنديد بتدخل السلطات لتمرير المرسوم الخاص باسترداد الممتلكات الذي أقره البرلمان وإستخدامه- وفق تعبير الصحيفة- كسلاح هجومي، والتأكيد على أن أعضاء المجلس قد حذروا من خطورة ذلك منذ عام، لاسيما وأن المرسوم ينص على أن القانون سيتم تنفيذه بأثر رجعى لمدة عشر سنوات فى إطار الإدعاء بأن الممتلكات مجهولة المصدر ولها تأثير كبير على إيرادات الضرائب والعملات الأجنبية في البلاد، ونظام تحويل الأموال والاستثمار الأجنبي المباشر. وعلقت الصحيفة بأنه منذ طرح القانون للمناقشة العامة تزايدت الاعتراضات فى ظل انتهاكه لحقوق المواطنين.
عدم تلبية الاحتياجات ونقص الموارد جراء الصراعات الداخلية
نشرت صحف المعارضة تقريراً يوم 5/1/2025 تقريراً حول معاناة المواطنين من انقطاع الانترنت بسبب الصراعات الداخلية المتزايدة وإنعدام الأمن، وذلك رغم إعلان الصحف الحكومية عن إعداد مشاريع قانونية لإجبار المباني والأراضي على استخدامها لإنشاء البنية التحتية للاتصالات، وأكدت على أن انقطاع خدمة الإنترنت قد تزايد، لاسيما في مناطق النزاع والحروب الداخلية، وأشارت لتصريحات ممثل حركة أمهرة الوطنية التى أكد فيها على “أن هناك انقطاعات مستمرة للإنترنت وإشارة الهواتف المحمولة في مناطق النزاع والحرب بين الفرقاء”، وقد وجهت اللجنة الدائمة لمجلس نواب الشعب المعنية بمنظمات التنمية العامة أسئلة إلى شركة (Ethio Telecom إثيو تيليكوم)، ودعت الأخيرة أعضاء البرلمان إلى دعمها في الحصول على أراض في مراكز الاقتراع الانتخابى الخاصة بكل عضو، بينما أشار الأعضاء إلى أن معاناة الإنترنت ليست منفصلاً عن مشاكل الماء والكهرباء، وأنها أصبحت متفاقمة في المناطق التي تشهد نزاعات وحروب، فأصبح المواطنون عرضة للصراعات، مؤكدين على أن تلك القضية تنتهك الحقوق الأساسية للمواطنين.
وأجابت الرئيس التنفيذي لشركة إثيو تيليكوم: “يجب أن يحظى ذلك الملف باهتمام كبير لتوفير الأراضي للبنية التحتية للاتصالات، خاصة في مدن كثيرة بما في ذلك أديس أبابا”. وأشارت إلى أنه لم يُطلب من الشركة استئجار مواقع جديدة فحسب، بل أيضًا تركيب وتمديد الخطوط، لذلك فإن الشركة تواجه ضغوطًا وعوائق كبيرة لتوسيع الخدمة، منها نقص التمويل، ونقص الطرق، والمشاكل الأمنية، وسرقة البنية التحتية للاتصالات، وإمدادات الأراضي، وطلب التعويضات، وإمدادات الكهرباء، مما جعل المزيد من الصعوبة في تنفيد أعمال الشركة. وفي السياق نفسه أضاف المسؤول التنفيذي أن الشركة تحتاج إلى أكثر من 140 مليار بر لمشروع التوسعة البالغ 1296 في العام الحالي.
وأفردت جريدة “ريبورتر” المعارضة يوم 12-1-2025 تقريراً حول زيادة الأسعار بشكل كبير، فناشدت الحكومة بالحد من الإجراءات التي تسبب تلك الزيادة، وأشارت إلى أنه بالرغم من إعلان البنك الوطني الإثيوبي عن انخفاض معدل التضخم من 30٪ إلى 16٪، فقد ارتفعت أسعار المنتجات والمواد الغذائية وسلع أخرى في الأسواق ورسوم النقل والكهرباء والمياه والاتصالات. كما لوحظت زيادات في العديد من رسوم الخدمات الحكومية.
وفى هذا السياق أشارت صحيفة أديس ستاندرند المعارضة يوم 6/1/2025 إلى استمرار آثار الزلازل المدمرة والمتواصلة في إثيوبيا، مثل ماحدث في ولاية عفار، ومعاناة الأسر النازحة من الظروف القاسية وسط الملاجئ المكتظة؛ دون الحصول على المياه والمساعدات الغذائية غير الكافية.
ثانيا: أمنيا
النزوح القسري وتصاعد التوترات الأمنية في بعض الأقاليم
أبرزت صحيفة እዜና الحكومية يوم 13/1/2025 إشادة مستشار وزير المياه والري برؤية الحكومة ودورها في تعزيز السلام داخل إثيوبيا ودول الجوار، وتأكيده على التطور السريع الذي تشهده إثيوبيا، والتنويه بالإنجازات التي حققتها في مجالات اقتصادية عديدة مثل التنمية الزراعية.
في المقابل، أشارت صحف المعارضة (ريبورتر الأمهرية، وأديس ستاندرد يوم 15/1/2025) إلى تصاعد حدة التوترات الأمنية في بعض الأقاليم الإثيوبية، ونوهت إلى إستياء المواطنين من الوضع الأمني الحالي في البلاد، فكشفت عن إندلاع عدد من المسيرات والمظاهرات الاحتجاجية، ومطالبة لاجئي منطقة تيجراي بالعودة إلى منازلهم ومدنهم، واستنادهم إلى اتفاقية بريتوريا للسلام التى أبرمت بين الحكومة الإثيوبية وجبهة تحرير تيجراي في نوفمبر 2022م لوقف الأعمال العدائية، غير أنهم لم يتلقوا رداً، وقال النازحون “أنه طوال السنوات الأربع الماضية تشردنا من منازلنا وأجبرنا على العيش في أكواخ وملاجئ”، مؤكدين على أنهم يواجهوا الكثير من المشاكل والمعاناة، ودعا النازحون من تيجراي- خلال مسيرة احتجاجية بمدينة ميكيلى – استمرت لمدة ثلاثة أيام في عاصمة تيجراي- إلى وقف النزاعات، والحد من تعذيب لاجئي تيجراي، وطالبوا بالعودة إلى ديارهم التي لا تزال تحت سيطرة القوى التوسعية، معربين عن استيائهم من موقف الحكومة التى قامت بإجلائهم قسراً من أراضيهم، وقالوا متعجبين: “من أجل السلام، تعرضنا للتعذيب في الملاجئ لمدة أربع سنوات!”، وأفاد المتظاهر آتو تساجاي بأن التجمع يهدف إلى نقل رسالة مثيرة للقلق، ليس فقط إلى جبهة تحرير تيجراي الشعبية والإدارة المؤقتة والحكومة الفيدرالية والمنظمات الدولية، ولكن أيضا إلى الشعب الإثيوبي بأكمله، وأكدت الصحيفة على أن السلام الدائم بتيجراي لا يمكن تحقيقه إلا عندما يعود النازحون إلى مدنهم.
وفي سياق متصل، كشف منسق شؤون النازحين لمراسل صحيفة “أديس ستاندرد” عن أن ما يقرب من 300 نازح في مركز “هينتساد” قد لقوا حتفهم خلال الأشهر الثلاثة الماضية، واعترفت إدارة تيجراي المؤقتة (TIRA) بالمظالم التي عبر عنها النازحون داخلياً خلال الاحتجاجات السلمية في ميكيلي تحت شعار “كفى”، وسلطت الضوء على النزوح المطول، والوعود التي لم يتم الوفاء بها، والاستعادة غير الكاملة للحكم الدستوري، وردد المتظاهرون شعارات مثل “أرجعونا إلى بيوتنا”، و”يكفي العيش في الخيام”.
ومما يفاقم من خطورة الوضع- طبقًا لما ورد في خبر نشرته صحيفة “أديس ستاندرد” يوم 15/1/2025 حول اضطرابات وصراعات وقتل من قبل مسلحي جماعة أونق شني الإرهابية، الذين صنفوا من قبل البرلمان الإثيوبي من ضمن الجماعات المتطرفة – قتل أشخاص في تبادل لإطلاق النار بين هؤلاء المسلحين وميليشيات في ولاية بنى شنقول-جوموز، وأكدت الصحيفة على لسان سكان وأحزاب سياسية في مدينة بولين غرب إثيوبيا- طلبوا عدم الكشف عن هويتهم للمراسل- أن هناك صراعات وممارسات مخيفة، مثل القتل والسرقة التي يقوم بها المسلحون الذين أطلقوا عليهم اسم “مسلحي شني”، وقتل أحد شيوخ المنطقة المعروفين أثناء محاولته السطو على بنك في مدينة بولين، وهناك أكثر من 200 من مسلحي شني عبروا مسافة 34 كيلومترًا وحاولوا سرقة البنك التجاري الإثيوبي الواقع في بولين.
على المستوى الخارجي
إثيوبيا وموقف الصومال المتأرجح
أشادت الصحف الحكومية (إيزنا 3-1 ) بزيارة الوفد الإثيوبي برئاسة وزيرة الدفاع ووزير الدولة للشؤون الخارجية إلى الصومال، والمناقشات التي أجراها الوفد مع رئيس الصومال/ حسن شيخ محمود فى إطار تعزيز العلاقات الثنائية والأمن بالصومال، والتوصل إلى اتفاق للتعاون مع الحكومة الصومالية في القضايا الأمنية، ودراسة الصومال عملية ضم إثيوبيا إلى مهمة حفظ السلام الجديدة، وتراجع مقديشيوعن موقفها الرافض لإدراج الجيش الإثيوبي في بعثة الاتحاد الأفريقي الجديدة (AUSSOM) لدعم وتحقيق الاستقرار، وذلك نتيجة لإتفاق أنقرة، مما غيّر موقف الصومال وجعلها تفكر في إشراك إثيوبيا في المهمة الجديدة، وبحسب مصادر المراسل فإن الصومال ستسمح بمشاركة إثيوبيا، طالما أنها تدعم جيشها بميزانيتها الخاصة، وعلقت الصحيفة في هذا الصدد أنه بعد اتفاق إثيوبيا مع أرض الصومال، كانت حكومة حسن شيخ محمود على وشك إرسال الجيش المصري إلى الصومال، لكنها أصبحت في طي النسيان.
تصريحات أمريكية حول الأزمات الإثيوبية
نشرت صحيفة ريبورتر الأمهرية تقريرًا في منتصف الشهر الحالي عن تصريحات السفير الأمريكي حول تداعيات الأزمات والصراعات المحتدمة في إثيوبيا، وقال: “نحن مستعدون للمساعدة عندما تكون الحكومة والمسلحون في منطقتي أمهرة وأوروميا مستعدين لإجراء حوار سلمي بطريقة بناءة، في أي مكان وفي أي وقت”. ووجه السفير “رسالة إلى شعب إثيوبيا”، فقال في بيان: “أنا فخور بالعلاقة بين البلدين التي دامت لمدة 120 عامًا رغم المعوقات”، وأشار إلى أهمية مجلس السلام الذي بدأ في منطقة أمهرة، ونوه بضرورة تنفيذ اتفاق بريتوريا بالكامل، وأن يحصد شعب إثيوبيا إرث السلام. ودعا الأطراف المشاركة في الصراع في أمهرة وأوروميا ومناطق أخرى من البلاد إلى حماية الأبرياء واحترام حقوق الإنسان والاستعداد للمفاوضات السلمية. وأشار إلى تزايد الجرائم وعمليات الاختطاف بسبب الصراعات المحتدمة بين منطقتي أمهرة وأوروميا، وقال إن هذه الأعمال خلقت عقبات أمام الحركة السلمية للشعب، وأسهمت في تدهور النمو الاقتصادي ونزيف خسائر لا حصر لها. كما أوضح السفير تفاقم الأزمات الإنسانية في المجتمع ولا سيما الأطفال الذين كانوا أكثر عرضة لانتهاكات عدة، علاوة على أنهم لم يتلقوا التعليم في المدارس، كذلك أشار إلى المزارعين غير القادرين على زراعة المحاصيل، وعدم توفير الخدمات الصحية، وأزمات أخرى يعاني منها الشعب، وأشار أيضًا في سياق حديثه إلى معوقات أخرى متعلقة بالبيئة، وقال إن: استغلال الموارد، وخاصة التعدين غير القانوني وإزالة الغابات، يؤدي إلى تفاقم الحرب والإضرار بالبيئة الطبيعية. كما أشار إلى المساعدات والإعانات التي قدمتها الولايات المتحدة والتى بلغت 16 مليون دولار، لإعادة تأهيل وتنفيذ أعمال لجنة إعادة الإعمار الوطنية، ودور الشركات الخاصة الأمريكية في الاستثمار في إثيوبيا، على سبيل المثال اشترت الخطوط الجوية الإثيوبية 87 طائرة بوينج.