سلطت جائحة فيروس كورونا “كوفيد 19” الضوء على أهمية الاتصالات والانترنت حول العالم وفى القلب منه أفريقيا، إذ أصبح التحول الرقمى للعديد من الخدمات المقدمة للمواطنين والاتجاه نحو التعليم الالكترونى، لا سيما إدخال التكنولوجيا فى الخدمات المصرفية والشمول المالى أمرًا حتميًا ولم يعد مجرد رفاهية خاضعة لتفضيلات الدول.
وعلى الرغم من إحداث فيروس كورونا طفرة فى التحول الرقمى فى أفريقيا باعتباره أحد الفرص الواعدة لتنمية المجتمعات الإفريقية، وتحقيق بعض الدول خطوات كبيرة نحو تبنى إستراتجية التحول الرقمى، إلا أن الكثير من الدول الأفريقية فشلت فى الإستجابة لما فرضه فيروس كورونا من تبنى المنظومة الرقمية بسبب تدهور البنية التحتية التكنولوجية وإرتفاع أسعار الانترنت ومن ثم عدم قدرة الأسر ذات الدخل المنخفص فى إفريقيا لا تستطيع تحمل تكاليف الإنترنت العالية، حيث يعيش ملايين من الأفارقة بدون إنترنت فى وقت يستقبل فيه العالم شبكة ال 5G فائقة السرعة.
وتمتلك أفريقيا فرصة لتوظيف الاقتصاد الرقمى كمحرك للنمو والابتكار وعلاج القصور التى تعانى منها المنظومة الخدمية والحكومية، خاصة فى ظل زيادة الاستثمارات فى التحول الرقمى ، وتخصيص البنك الدولى 12 مليار دولار لتحقيق وصول الانترنت إلى نطاق عريض من المواطنين فى جميع أنحاء إفريقيا، ووضع الاتحاد الأفريقى إستراتيجية تحول رقمى للاستفادة من الفرص المتاحة لأفريقيا لتحقيق طفرة فى التنمية، ولكن إذا تعثرت الدول الأفريقية فى الإستفادة من هذا التوجه والتكيف مع ما فرضه فيروس كورونا من وضع الرقمنة كأولوية أولى وسد الفجوة الرقمية بين دول القارة والعالم، فإن اقتصاداتها سوف تواجه خطر العزلة والركود.
المحور الأول: واقع التحول الرقمى فى أفريقيا
يمكن تقسيم المراحل التى مر بها التحول الرقمى فى أفريقيا إلى ثلاث مراحل:
1- مرحلة التدهور (ما قبل عام 2005)
شهدت هذه المرحلة تراجع كبير فى إستخدام الانترنت فى أفريقيا، وتفعيل المنظومة الرقمية فى الخدمات المقدمة للمواطنين، حيث وصل عدد مستخدمى الانترنت ل2% على مستوى القارة وفى عام 2000، كان هناك نحو 4.5 مليون مستخدم للإنترنت فى إفريقيا، وهذه النسبة ضعيفة جدًا وتركز معظم مستخدمى الانترنت فى دول الشمال الأفريقى، وعانت دول جنوب الصحراء من عدم وصول الانترنت لمعظم مواطنيها وإفتقارها للبنية التكنولوجية والتقنية.
الرقمى
شاشة إلكترونية – صورة أرشيفية
2- مرحلة النمو (2005 – 2019)
بدأ الاقتصاد الرقمى فى النمو والتطور بدرجة ملحوظة فى السنوات الأخيرة من العقد الثانى للقرن 21، خاصة فى ظل وجود إستراتيجية التحول الرقمى التى يتبناها الاتحاد الأفريقى، ضمن أجندة التنمية المستدامة لعام 2063 حيث تم تحرير أسواق الاتصالات السلكية واللاسلكية، وأصبحت تكنولوجيات الاتصالات المتنقلة متاحة بشكل كبير، وشهدت إفريقيا أسرع معدل نُموّ فى استخدام الإنترنت بين أقاليم العالم المختلفة فى الفترة 2005-2018م، من 2.1% من السكان إلى 24.4%، وارتفعت ل25 % فى 2019، مقارنة بنسبة 83% فى أوروبا، بحسب أرقام الاتحاد الدولى للاتصالات، كما أن إفريقيا صاحبة النمو الأسرع فى نشاط الهواتف المحمولة بنموّ سنوى 20% فى الفترة 2005-2017م، حيث بلغ عدد مستخدمى الانترنت فى 2018 لما يقرب من 400 مليون مستخدم.
ووفقًا لتقرير عام 2016 الصادر عن المنتدى العالمى للخبرة الإلكترونية، أن صناعة التجارة الإلكترونية فى إفريقيا ستصل إلى 75 مليار دولار بحلول عام 2025، وخلال هذه الفترة زاد الابتكار الرقمى وريادة الأعمال ، حيث تم افتتاح أكثر من 400 مركز رقمى فى إفريقيا فى 93 مدينة ، مما أدى إلى توليد أكثر من 1.1 مليار دولار، إلا أنه مع هذه الطفرة كان الوصول إلى الإنترنت صعب بالنسبة لمعظم المواطنين فى القارة الأفريقية ، حيث أنه كان هناك 75% من مواطنين القارة الأفريقية لم يصل لهم الانترنت، وعدد قليل منهم لديهم معرفات رقمية أو حسابات معاملات مما يحرمهم من الوصول إلى الخدمات الهامة والتجارة الإلكترونية.
3- مرحلة فيروس كورونا (خلال 2020 وحتى الآن)
أصبح قطاع الإتصالات فى زمن فيروس كورونا ( كوفيد 19) العمود الفقرى لاستخدام البيانات والمحتويات والتطبيقات الرقمية، من قبل الأفراد والحكومات والشركات لضمان استمرارية النشاط الاقتصادى والاجتماعى، فى ظل التباعد الاجتماعى والإغلاق الكامل فى معظم دول العالم، حيث تزايد الطلب فى أفريقيا على خدمات وبيانات النطاق العريض بشكل ملحوظ خلال فترة انتشار الوباء، وبحسب تقرير لموقع إحصائيات الإنترنت العالمى نُشر فى 1 مارس 2020 فى ذروة انتشار الفيروس، أن عدد مستخدمى الإنترنت فى قارة إفريقيا وصل ل 526 مليوناً من أصل مجموع السكان الذى يقدّر بـمليار و350 مليونا.
بنك كينيا المركزى – صورة أرشيفية
المحور الثاني: تقييم موقف الدول الأفريقية فى مجال تطوير المنظومة الرقمية
اختلفت طريقة استجابة الدول الأفريقية مع ما فرضه فيروس كورونا من ثورة رقمية، حيث استجابت بعض الدول وسعت لرقمنة جميع المعاملات الحكومية وإدخال التعليم عن بُعد، على سبيل المثال مصر فى شمال أفريقيا حققت طفرة فى تطبيق إستراتيجية التحول الرقمى فى أنظمة التعليم عن بُعد، وتجهيز المحتوى التعليمى وإنشاء منصات التعليم، التى ساهمت فى استمرار التعليم أثناء جائحة كورونا.
بجانب تطبيق نظام الكشف عن بُعد سواء داخل مصر أو فى الخارج وأيضا أنظمة توزيع الأدوية، فضلًا عن إدخال خدمات وتطبيقات تكنولوجية فى مجالات عديدة مثل إجراءات التقاضى فى وزارة العدل، وفى مجال الزراعة مثل ترشيد استهلاك المياه، كذلك زادت التجارة الالكترونية فى عدد من دول شمال أفريقيا مثل تونس والمغرب.
وفى دول أفريقيا جنوب الصحراء، حققت كينيا تطورًا ملحوظًا فى تبنى إستراتيجية التحول الرقمى حيث اتخذت فى بداية الجائحة إجراءات طارئة لدعم الأنشطة الرقمية وتيسيرها، فقدم بنك كينيا المركزى إعفاءً من الرسوم وتوسع فى حدود المعاملات منخفضة القيمة التى تتم باستخدام النقود الإلكترونية عبر الأجهزة المحمولة، وأدى ذلك إلى زيادة كبيرة فى قيمة وعدد المعاملات التى يبلغ معظمها 10 دولارات أو أقل، مما ساعد على حماية معظم الأسر الفقيرة ، وجذب أكثر من 1,6 مليون عميل إضافى، وفى رواندا، فى نهاية إبريل 2020، زادت القيمة الأسبوعية لكل أنواع المعاملات القائمة على النقود الإلكترونية عبر الأجهزة المحمولة بنسبة 450% مقارنةً بمستويات ما قبل الجائحة.
وفى موريشيوس وجنوب إفريقيا وناميبيا واوغندا، زادت عمليات استخدام النظم الرقمية الحديثة فى قطاع التعليم، والصحة، والتجارة، كذلك تدشين المؤتمرات والندوات العلمية عن بُعد ، كما ظهر استخدام الرقمنة فى قطاعات جديدة لم تكن محل اهتمام ،مثل مواقع بيع اللحوم عالية الجودة، كما قامت نيجيريا بتحسين البنية التحتية الرقمية وإنشاء الاقتصاد الرقمى الذكى وزيادة الشمول المالى، لا سيما من خلال تحديد هوية العميل من خلال توسيع تسجيل رقم التحقق المصرفى، وتوسيع عدد وكلاء الهاتف المحمول، كما ظهرت منصات المدفوعات والتحويلات المالية عبر الهواتف المحمولة، كما ارتفع عدد الشركات الجديدة فى تلك المنصة الألكترونية بنسبة 330 ٪فى الربع الأول من عام 2020 مقارنة بالربع السابق من عام 2019م.
وعلى الجانب الاخر شهدت دول أفريقية أخرى تدهورًا فى مستوى الانترنت مع اجتياح فيروس كورونا، لعدم إستعداد بنيتها التحتية التكنولوجية تحمل الإقبال الكثيف على الانترنت، بسبب ارتفاع الطلب والازدحام فى الشبكة، فضلًا عن انخفاض متوسط سرعة الإنترنت وتدهور جودة الخدمة حتى فى الأسواق الناضجة نسبيًا، حيث لم تستطع تلك الدول الإستجابة للتحديات التى فرضتها كورونا، من الاستعمال المكثف للشبكة خلال النهار فى المناطق السكنية مما أدى إلى ازدحام شبكات “الميل الأخير”، التى توفر الوصول إلى المستخدم، وازدياد الطلب على الفيديو وخدمات الترفيه الأخرى ذات النطاق الترددى العام، وزيادة الاقبال على تطبيقات المؤتمرات المرئية والخدمات السحابية، وعدم توفر السعة الكافية للمستهلك من خلال شبكة النفاذ الدولية، وهى النقطة التى يدخل فيها الانترنت إلى البلاد.
شعار جهاز الإنتربول – أرشيفية
المحور الثالث: الأمن السيبرانى يهدد الرقمنة فى أفريقيا
لم تمنع معدلات استخدام الانترنت المنخفضة نسبيًا فى أفريقيا مجموعات الجريمة المنظمة من استغلال الانترنت، حيث تعتبر الجريمة السيبرانية ظاهرة عالمية وتزعم بعض التقارير أنها تتفوق على تجارة المخدرات كمصدر للإيرادات غير المشروعة، وينتشر أثرها بصفة خاصة فى إفريقيا، نظرا لعدم وجود سياسات أمنية
مشددة لمواجهة الجريمة الإلكترونية وتؤثر ‬الجريمة‭ ‬السيبرانية‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬جوانب‭ ‬الحياة‭ ‬فى‭ ‬أفريقيا.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
حيث أفاد‭ ‬”تقرير‭ ‬الأمن‭ ‬السيبرانى‭ ‬فى‭ ‬أفريقيا‭ ‬لعام‭ ‬2017″ ‬إن‭ ‬البنوك‭ ‬والخدمات‭ ‬المالية‭ ‬فى‭ ‬أفريقيا،‭ ‬تعرضت‭ ‬لما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬ربع‭ ‬الخسائر‭ ‬الناتجة‭ ‬عن‭ ‬الجرائم‭ ‬السيبرانية‭ ‬فى‭ ‬القارة،‭ ‬تليها‭ ‬الحكومات‭ ‬والتجارة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬والمعاملات‭ ‬والاتصالات‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬الهاتف‭ ‬المحمول، ويعد الأمن السيبرانى قضية ملحة بشكل خاص، مع تزايد الهجمات ونقص حماية البيانات الشخصية، هناك حاجة إلى مزيد من الاهتمام بالسياسة للأمن ، حيث أن أقل من 20 % فقط من الدول الأفريقية لديها استراتيجيات أو لوائح للأمن السيبرانى، وتفتقر إلى سياسات سليمة بشأن حماية البيانات الشخصية.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
وفى تقرير للإنتربول عن الجريمة الإلكترونية المنظمة فى أفريقيا، أكد أن الجريمة الإلكترونية مُثلت مشكلة أمنية خطرة بالنسبة لأجهزة إنفاذ القانون فى أفريقيا، حيث تستغل مجموعات الجريمة المنظمة فى أفريقيا مختلف مستويات الإنترنت (الشبكة السطحية، والشبكة العميقة، والشبكة الخفية) لارتكاب أنشطتها الإجرامية، كما تتزايد بإطّراد الحوادث المرتبطة بالبرمجيات فى أفريقيا، ففى إحدى دول شرق أفريقيا، زادت تكلفة الاحتيال السيبرى إلى الضِّعف بين عامى 2017 و2018، وبلغت قرابة 6,5 ملايين دولار.
كما تُستخدم وسائل التواصل الاجتماعى لتسهيل جرائم تهريب المهاجرين، ففى إحدى عمليات الإتجار بالبشر فى النيجر تم إنقاذ 232 من ضحايا الإتجار بالبشر، حيث تم الكشف أن 180 ضحية منهم تم تجنيدهم عن طريق الرسائل الإلكترونية، والقارة الأفريقية هى مركز عبور على الصعيد العالمى فالمخدرات والمستحضرات الصيدلانية والمركبات الآلية المسروقة وغيرها من البضائع تُباع وتُشترى على الإنترنت بمستوياتها السطحية أو العميقة أو الخفية.
النائب حسانين توفيق – صورة أرشيفية
المحور الرابع: دور مصر فى دعم التحول الرقمى فى القارة السمراء
تشجع مصر الاستثمارات فى مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وزيادة التعاون التقنى مع دول القارة فى مجالات الاستثمار فى رأس المال البشرى والتحول الرقمى، حيث أنشأت مصر صندوق للاستثمار فى البنية التحتية المعلوماتية بهدف دعم التحول الرقمى فى القارة الافريقية، وذلك لبناء اقتصاديات حديثة قائمة على أحدث النظم التكنولوجية، وإطلاق عدد من المبادرات لتدعيم التعاون التكنولوجى.
حيث أطلقت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات مبادرة لتنمية مجتمع المعلومات بدول حوض النيل للمساهمة بفاعلية فى تحويل المجتمعات بتلك الدول إلى مجتمعات تكنولوجية عن طريق دمج مقتنيات ووسائل الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات فى كافة قطاعات إقتصاديات تلك الدول، فضلًا عن تخصيص موازنة بعدة مليارات من الجنيهات للإسراع فى مشروع الرقمنة، وتصريحات الرئيس المتكررة بالسعى نحو دعم إجراءات الرقمنة فى أفريقيا.
وأطلقت وزراة الاتصالات عدد من المبادرات الأخرى منها الإتجاه لإقامة حزمة مشروعات تكنولوجية، وتقديم دعم غير مسبوق لتنمية منظومة الاتصالات وإنشاء مركز إقليمى فى دولتين من دول حوض النيل ، و إنشاء مركز إقليمى للذكاء الاصطناعى يهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة، فضلًا عن توقيع عدد من مذكرات التفاهم فى مجال الحوكمة الإلكترونية وبناء القدرات وإنشاء وإدارة القرى الذكية بدول حوض النيل، والبدء في إنشاء مركز استجابة طواريء بأوغندا وإنشاء مشروع بانوراما التراث الحضارى والطبيعى فى الكونغو عام 2012.
ولم يقتصر الاهتمام المصرى بالتحول الرقمى فى أفريقيا على السلطة التنفيذية فقط، بل كان لمجلس الشيوخ دور كبير فى هذا الإطار، حيث فاز النائب حسانين توفيق، عضو مجلس الشيوخ، بشخصية عام 2020 على مستوى أفريقيا للريادة بتكنولوجيا المعلومات وفقًا للإعلان الرسمى الصادر عن تحالف (AFICTA) الدولية والذى يضم المؤسسات العاملة فى قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والتحول الرقمى على مستوى إفريقيا، وهو أول مصرى يفوز بهذا اللقب، كما قام مجلس الشيوخ بتكريمه والاحتفاء به، فضلًا عن دور مجلس النواب فى إقرار قوانين تهدف لتشجيع التحول الرقمى فى أفريقيا.
المحور الخامس: تحديات التحول الرقمى فى أفريقيا
ارتفاع تكاليف الانترنت: يدفع المستهلكون فى الدول الإفريقية أعلى التكاليف فى العالم للوصول إلى الإنترنت مقارنة بنسبة الدخل حيث أنه بحسب تقرير صادر على مؤسسة التحالف من أجل الإنترنت فى 2019 أن تكلفة 1 جيجا بايت من البيانات على الأجهزة المحمولة 7.12% من الدخل الشهرى للفرد فى إفريقيا، وفى بعض الدول مثل تشاد والكونغو الديمقراطية وجمهورية إفريقيا الوسطى يدفع المستخدمون 20% من الدخل الشهرى، وهى نسبة مرتفعة جدًا، ويقارن ذلك بنسبة 3.5% من الدخل الشهرى فى أمريكا اللاتينية و1.5% فقط فى آسيا.
تدهور البنيية التحتية التكنولوجية: لا تزال العديد من المناطق فى أفريقيا تفتقر إلى الكهرباء والوصول إلى الإنترنت ، حيث أن أكثر من 700 مليون شخصا لا تصلهم خدمات الإنترنت عريضة النطاق، بينما يفتقر أكثر من مليار شخص لأي أداة رسمية لتعريف الهوية.
الجريمة الالكترونية: افتقار العديد من الدول إلى سياسات واستراتيجيات شاملة لمكافحة الجريمة السيبرية وهو ما يعتبر من العوامل الرئيسية لتفاقم الجريمة الالكترونية التى يسهل الإنترنت ارتكابها فى أفريقيا.
ضعف الاستثمار: ضعف استثمار الحكومات الأفريقية بشكل استراتيجى ومنهجى فى التحول الرقمى وتطوير البنية التحتية الرقمية والخدمات والمهارات وريادة الأعمال، حيث أن معظم الحكومات الأفريقية ما زالت تتعامل مع التحول الرقمى باعتباره رفاهية يمكن الاستغناء عنها، وهو ما يظهر بشكل جلى فى أطر السياسات واللوائح الغير مناسبة خاصة فيما يخص الذكاء الاصطناعى.
احتكار أسواق الانترنت: تشهد الكثير من أسواق الإنترنت فى أفريقيا احتكارات أو حواجز تمنع دخول المنافسين، مما جعلها من أعلى المناطق التى بها تركّز قوة سوقية للإنترنت ، وهذه الحواجز العديدة القائمة تحدّ من تطوير البنية التحتية للإنترنت، والابتكار على امتداد سلسلة القيمة فى قطاع الإنترنت بالكامل.
الأزمات السياسية: تشهد القارة الأفريقية العديد من النزاعات الإثنية فضلًا عن انتشار الجماعات الإرهابية مؤخرًا فى منطقة الساحل الأفريقى مما يؤثر على نجاح إستراتيجية التحول الرقمى بسبب هروب المستثمرين وعدم قدرة الدولة على الحفاظ على البنية التحتية التى تتعرض للتدمير أثناء الصراعات والحروب.
قلة المهارة التكنولوجية وهجرة الكفاءات: ضعف تمكين الشباب وتأهيلهم بالمهارات الرقمية مما يعرقل وصولهم إلى التكنولوجيا والأسواق التى تعتبر ضرورية للازدهار فى اقتصاد عالمى يتزايد فيه الطابع الرقمى، فضلًا عن هجرة الكفاءات التكنولوجية للخارج.
خاتمة
على الرغم من تحقيق أفريقيا تطور ملحوظ فى مجال التحول الرقمى، إلا أنه ما زال هناك فجوة كبيرة بين أفريقيا والعالم فيما يخص الانترنت والإتصالات، حيث تحتاج الحكومات الأفريقية إلى إيجاد وسائل رقمية أكثر ذكاءً وفعالية لتقديم الخدمات والتفاعل مع المواطنين، فضلًا عن الاستثمار فى البنية التحتية الرقمية والهوية الرقمية حتى يتمكن الأفارقة من الوصول إلى الخدمات المتاحة على شبكة الإنترنت، والاستثمار فى محو الأمية الحسابية والمالية، وإلى جانب ذلك ينبغى دعوة جميع الدول الأفريقية للتوقيع على اتفاقية بشأن أمن الفضاء الإلكترونى وحماية البيانات ذات الطابع الشخصى الذى اعتمدها الاتحاد الأفريقى فى 2014 ولم يوقعها إلا 14 دولة من أصل 55 دولة عضوة فى الإتحاد الأفريقى
شاركها.

اترك تعليقاً

Exit mobile version