تعكف دوائر السياسة الخارجية التركية على اختيار سفير جديد لتمثيل الدولة التركية بالقاهرة. وتأتي هذه الإجراءات ضمن محاولات أنقرة المتعددة لعودة العلاقات بين البلدين، ولكن ما مواصفات وسمات السفير القادم للقاهرة؟
من المؤكد أنه سيجيد اللغة العربية، مع تمتعه بقدرات متميزة في متابعة قضايا الشرق الأوسط، وإلمام بعادات وتقاليد الشعب المصري، وليس شرطًا أن يكون من داخل وزارة الخارجية نفسها، وهو تقليد تتبعه تركيا في أحيان كثيرة لإيجاد الشخص الذي يحسن التفاهم والتفاوض مع الدولة المبعوث إليها.
السفير
وزير الدفاع التركى – أرشيفية
التصريحات التركية: 
عكست تصريحات المسئولين الأتراك خلال الأيام الأخيرة، رغبة حقيقية في تحسين المناخ العام للعلاقات التركية مع مصر، وهو ما يمكن إيجازه على النحو التالي: –
أ- تأكيد وزير الدفاع خلوصي أكار “بأن لدينا قيمًا تاريخية وثقافية مشتركة مع مصر، وبتفعيل هذه القيم يمكن حدوث تطورات مختلفة في العلاقات بين الدولتين”.
ب- تصريح المتحدث الرئاسي إبراهيم قالن “بأنه بالإمكان فتح صفحة جديدة في علاقاتنا مع مصر ودول الخليج، للمساعدة في السلام والاستقرار الإقليمي، وبأن مصر هي قلب وعقل العالم العربي”.
ج-  إشارة ياسين أقطاي مستشار رئيس حزب العدالة والتنمية في تصريحات لقناة TRT عربي إلى “أن مصر رأت أن من مصلحتها أن تحترم الجرف القاري لتركيا وأن من يأتي إلينا بخطوة نأتي له بخطوتين”.
وتشير التصريحات الرسمية للمسئولين الأتراك على المستوى الرئاسي والدفاع وأيضًا الخارجية التركية، إلى حرص الجانب التركي على إيصال رسائل طمأنة لمصر، حيث بادروا بالتلويح بعبارات يؤمن بها جميع الأتراك على المستويين الرسمي والشعبي، من أن مصر هي قلب وعقل العالم العربي، وأن صفحة جديدة تسعى تركيا لفتحها مع مصر، وطي صفحات السنوات السابقة، مع الحفاظ على خط رجعة من خلال تصريحات ياسين أقطاي والتي تتسم بقدر من التشدد، وبما يتسق مع توجهات بعض القوى التي تسعى لعدم وجود توافق مصري تركي، ويسعون كذلك للتأثير بالسلب على العلاقات التركية العربية.
الرئيس المصرى “عبدالفتاح السيسى” – أرشيفية
معنى عودة السفير الجديد: 
تقر الأعراف الدبلوماسية والسياسية بأن عودة السفير التركي للقاهرة هي اعتراف تركي بالنظام المصري وبالرئيس المصري، الذي تم مهاجمته كثيرًا من تركيا سواء على المستوى الرسمي من الرئيس التركي مرورًا بإعلام التحريض ضد الدولة المصرية ، وبما يعكس نجاح الرئيس المصري فى تغيير قواعد المعادلة السياسية في العلاقات المصرية التركية.
وهذا ليس بجديد على شخصية الرئيس المصري فمنذ تحمله مسئولية  الوطن المصري وهو يقوم بتغيير قواعد السياسة مع غير المتوافقين معه والذين لم يفهموا حقيقة ما حدث في مصر في 30 يونية 2013 من أنها ثورة شعبية انحاز لها الجيش المصري، ولعل إجراءات التقييد التي اتبعتها حكومة أردوغان مؤخرًا على قيادات الإخوان المقيمين على الأراضي التركية، وكذا أدواتهم الإعلامية وقنواتهم الفضائية التي تبث من إسطنبول، لتؤكد النوايا الحقيقية لحكومة وأجهزة المخابرات التركية، والتي تعطى الأولوية للمصالحة مع الدولة المصرية.
الموقف التركي الأخير: 
تعددت الرسائل والتصريحات التركية حول عودة العلاقات المصرية التركية واهمية طي صفحة الماضي والخلافات بين البلدين، وذلك لإدراك صوت العقل داخل تركيا أن عدائها للقاهرة لم تجن من خلفه غير الخسارة السياسية والعسكرية في مناطق مختلفة وأنها تراجعت أمام الدولة المصرية في العديد من قضايا الخلاف والتماس في قضايا الأمن القومي المصري على راسها الملف الليبي، والصراع في شرق المتوسط.
موقف مصر من السفير التركي الجديد: 
ستتعامل الدوائر المصرية مع السفير التركي مثل غيره بكل ود واحترام، وهذا دأب الدوائر الدبلوماسية والرسمية مع جميع السفراء، ولكن الموقف الشعبي سيظل يحمل بقلبه وعقله التحركات التركية ضد مصر في الأعوام السابقة، وهو الأمر الذي سيحتاج إلى وقت ومجهود كبيرين من السفير التركي الجديد ليستطيع العودة إلى شكل العلاقات كما كانت عليه قبل سنوات القطيعة.
كما أن عودة السفير التركي للقاهرة ستفتح جميع ملفات الخلاف بين البلدين من أجل التوصل إلى نقاط اتفاق مشتركة فيما يخص الأمن القومي المصري سواء في أفريقيا أو المنطقة العربية، وأيضا سيساعد تركيا على توضيح موقفها من غاز شرق المتوسط وأهمية غاز المتوسط لاقتصاد الدولة التركية التي تستورد ما يزيد عن 90% من الطاقة المستخدمة في تركيا.
ختامًا: 
في ضوء تقدير الموقف السابق، نستطيع القول إن الفترة القادمة ستشهد استئنافًا للاتصالات العلنية بين المسئولين المصريين والأتراك، وبعيدًا عن المكايدات في الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي فإن مصر وتركيا في حاجه إلى التعاون وليس إلى القطيعة التي لا تصب في مصلحة الشعبين المصري والتركي، وأن الدولتين يدركان مشاغل بعضهم البعض، فمصر تدرك القلق التركي من التقارب المصري اليوناني القبرصي، وأن لها حقوقًا في البحر المتوسط على حساب اليونان وليس مصر، كما تدرك أنقره القلق المصري من التواجد التركى بليبيا ودعم تركيا للجماعة الإرهابية، فكل هذه القضايا ستطرح للنقاش والحل بين الوفدين المصري والتركي ، لأنقرار عودة العلاقات واستئناف التعاون بين البلدين قرار حكيم يستحق الثناء والدعم حتى يكتب له النجاح.
شاركها.

اترك تعليقاً

Exit mobile version