تصاعد توتر العلاقات الصومالية-الكينية مرة أخرى مع  إعلان الصومال السبت 13/2/2021، أن محكمة العدل الدولية رفضت طلبا كينيا بشأن تأجيل جلسة الاستماع في قضية النزاع البحري بين البلدين ، ومع إعلان الحكومة الفيدرالية الصومالية، في منتصف ديسمبر 2020، قطْع علاقاتها الدبلوماسية مع كينيا، على خلفية ما وصفته بـ”الانتهاكات الكينية لسيادة الصومال، وتدخلها المكشوف في شؤونها الداخلية”.
وعقب ذلك، أمرت الصومال جميع دبلوماسييها في كينيا بالعودة إلى البلاد، وطلبت من الدبلوماسيين الكينيين مغادرة أراضيها في غضون سبعة أيام.
وتُشكّل الأزمة السياسية الراهنة بين الصومال وكينيا عبئًا إضافيًّا على كاهل البلديْن في ضوء التحديات السياسية والاقتصادية التي تواجههما، وما يمكن أن تُمثّله هذه الأزمة أيضًا من تهديدٍ واضحٍ على نطاق واسع في منطقة القرن الإفريقي التي أضحت ساحةً معرَّضة للاضطرابات وعدم الاستقرار؛ بسبب تفاقم الأزمات المتتابعة في بعض دولها.
ورغم أجواء التفاؤل التي أحاطت لقاء الرئيسين، الكيني أوهورو كينياتا، والصومالي محمد عبد الله فرماجو، في مُفتتح أعمال القمة الاستثنائية الأخيرة لدول الهيئة الحكومية للتنمية الأفريقية “إيجاد” IGAD في العاصمة الجيبوتية، إلا أن الأزمة تبدو مرشحة للاستمرار بين الجانبين، وهو ما يدفع نحو ضرورة التحرُّك الإقليمي للضغط بشأن تسوية الأزمة؛ للحيلولة دون تكبُّد المزيد من الخسائر على المستويين الثنائي والإقليمي.
الصومال
شعار منظمة “إيجاد” – أرشيفية
أولاً: أسباب الأزمة و خلفيتها
اتسمَّت العلاقات الكينية-الصومالية منذ الستينيات من القرن الماضي بالتوترات والمشاحنات السياسية؛ وذلك نظرًا للتداخل الجغرافي بينهما، إلى جانب العرقية الصومالية المتمركزة في شمال شرقي كينيا ، وخاصة فيما يُعرَف بمنطقة “إن إف دي” ، التي كانت إحدى المستعمرات البريطانية، وقد ألحقته السلطات الاستعمارية بكينيا عام 1948م، لكن سكان الإقليم رفضوا هذا القرار. وتُعدّ هذه المقاطعة ثالث أكبر محافظة في كينيا بمساحة تبلغ 127.470 كم مربع، أي 20% من مساحة كينيا.
وفي عام 1963م، وافق الصوماليون على استفتاء أجرته كينيا على الانضمام إلى جمهورية الصومال، إلا أن كينيا ألغت هذا الاستفتاء بتعاون بريطاني، وتعرَّض الصوماليون في هذه المنطقة للتهميش، واندفعوا للمطالبة بالاستقلال والانضمام إلى الصومال الأم الذي استقل هو الآخر عام 1960م، إلا أن تلك المطالب تحوَّلت فيما بعد إلى حالة تمرُّد وثورة عارمة في الإقليم الشمالي بين عامي 1963-1967م، واندلعت أزمة دبلوماسية بين كينيا والصومال، لا تزال تأثيراتها متَّقدة في خضم العلاقات الدبلوماسية بين نيروبي ومقديشو.
وتُعدّ أيضًا أزمة الحدود البحرية والبرية بين البلدين من الأسباب الرئيسية لتوتر العلاقات الدبلوماسية بينهما؛ وظهرت هذه الأزمة إلى العلن عام 2014م، عندما وقَّعت كينيا اتفاقيات مع شركات أجنبية، ومنها شركة “توتال” الفرنسية وشركة “إيني” الإيطالية، للتنقيب عن النفط في المياه الإقليمية المتنازَع عليها، والتي تصل مساحتها حوالي ١٠٠ ألف كم مربع، وهي منطقة غنية بالنفط والغاز الطبيعي، ولا يزال ملف أحقية تلك المنطقة أمام محكمة العدل الدولية، والتي أجَّلت جلسة إصدار الحكم النهائي إلى مطلع يونيو من العام الجاري، و تصاعد التوتر مرة أخري مع تقديم كينيا طلب بتأجيل جلسة الاستماع لكن رفضته محكمة العدل الدولية.
حيث بدأ الخلاف الدبلوماسيّ بين الجارتين في أعقاب التوتر بينهما منذ فبراير 2019م، عندما استدعت كينيا سفيرها بعد أن قررت مقديشو بيع امتيازات التنقيب عن النفط والغاز في مزادٍ علنيّ، في صُلْب نزاعهما بشأن الحقوق البحرية، وأعاد البلدان العلاقات في نوفمبر 2019م، قبل أن تعود للتوتر مجددًا.
حيث بدأ التصعيد الأخير للتوتر بين الصومال وكينيا في شهر نوفمبر الماضي،حيث طرد الصومال سفير كينيا، واستدعى سفيره من نيروبي؛ بعد أن اتهم كينيا بالتدخل في العملية الانتخابية في ولاية “جوبالاند”، إحدى الولايات الصومالية الخمس شبه المستقلة،وأعلنت الحكومة الصومالية قَطْع علقاتها الدبلوماسيَّة مع كينيا ابتداءً من 15 ديسمبر الماضي.
وفي خطوة تصعيدية أخرى، حاول الجانب الصومالي ممارسة ضغوط لتغيير السلوك الكيني، والتوقف عن الممارسات الكينية التي تعتبرها مقديشيو معادية لها؛ من خلال  حظر استيراد القات الكيني (ميرا) بدواعي تفشي فيروس كوفيد-19 منذ مارس 2020 ، وهو ما يضرّ بمعيشة آلاف المزارعين الكينيين، وكان الصومال يستحوذ على حوالي 50 طناً من القات يومياً، بقيمة تزيد على 100 مليون شيلن (مليون دولار) وفقاً لمكتب الإحصاء الوطني الكيني، في الوقت الذي تستمر صادرات إثيوبيا من القات بالمجيء إلى الصومال، وهي الجارة المنافسة لكينيا في هذا السوق.
وتشعر الإدارة الصومالية بحالة من الاستياء تجاه ما وصفته بمعاملة كينيا للصومال على أنها طفل “بالتبني”، وليس شريكًا على قدم المساواة، في إشارة إلى التدخل الكيني في شؤون الصومال، وهو ما دفعها لتقديم مذكرة احتجاج للهيئة الحكومية للتنمية “إيجاد” التي أعلنت عقد اجتماع عاجل لمناقشة القضية في جيبوتي في 20 ديسمبر 2020م.
 في المقابل، حاولت نيروبي خلال الأزمة الراهنة استيعاب الموقف؛ من خلال التأكيد على رغبتها في تجاوز الأزمات السياسية مع مقديشيو، وأعربت عن نيتها إنشاء لجنة لتقييم الأزمة والمساعدة في معالجتها، وأنها لن تصعّد الأمر، وتأمل في إنهاء الأزمة عبر القنوات الدبلوماسية، وقررت أنها ستُولِي الأمر لمنظمتي إيجاد والكوميسا لبحث سُبُل تسوية الأزمة.
وجاء الإعلان عن قطع العلاقات في وقتٍ تستعدّ فيه مقديشيو لإجراء انتخابات طال انتظارها، واتّهمت جهات سياسية الرئيس “فرماجو” بتعمُّد تفجير مجموعة من الأزمات، وتبنّي سياسة تُعطّل إجراء الانتخابات لتزيد من وتيرة الارتباكات والتحوُّلات السلبيَّة في المشهد السياسي العام.
ويُري أنّ الرئيس الصومالي يُمهِّد بهذه الخطوة لإشعال حرب مع ولاية “جوبالاند”، التي يتّهم كينيا بدعمها؛ وذلك لضمان إعادة انتخابه والبقاء في السلطة؛ حيث تدعم كينيا رئيس إقليم “جوبالاند” جنوبي الصومال “أحمد مدوبي”، الذي لا تعترف به مقديشيو، في ظل احتقان سياسي بين المعارضة والحكومة الصوماليتين.
وترى مقديشيو أن كينيا قد تحوَّلت إلى قاعدة للهجوم عليها؛ نظرًا لكونها أضحت تمثل مقرًّا لبعض القوى السياسية المعارضة الصومالية، وحملاتها الانتخابية؛ حيث يوجد فيها بعض قادة المعارضة السياسية مثل عبد الرحمن عبد الشكور ورسمي، زعيم حزب “ودجر” المعارض، وحسن علي خير، رئيس الوزراء السابق والمرشح الرئاسي المحتمل الذي يستجدي دعمًا إقليميًّا لمشروعه الانتخابي من خلال جولاته إلى بعض دول الجوار الصومالي مثل جيبوتي وكينيا. في الوقت الذي لا تستضيف فيه مقديشيو أيّ معارض كيني على أراضيها؛ بما يعني حرص الصومال على أمن واستقرار كينيا.
وعليه، فقد وجّهت الصومال اتهامات لكينيا بإيوائها جماعة صومالية متمردة بشكل غير قانوني من أجل خَلْق حالة من عدم الاستقرار، وشروعها في تقديم الدعم اللوجستي لميلشيات صومالية تستعد لمهاجمة بعض قواعد الجيش الصومالي والمدن الصومالية الحدودية مثل “بلد حواء”. وهو ما اعتبرته مقديشيو عملاً عدائيًّا دفعها لحشد قوات عسكرية على طول الحدود مع كينيا، والتمركز بالقرب من المناطق الحدودية الكينية. كما اتهمت الحكومة الصومالية نظيرتها الكينية بسعيها إلى التباعد والتفرقة بين الشعبين، وتهديد مصالحهما المشتركة.
وباستمرار هذه الأزمة، تفوق خسائر الطرفين مكاسبهما؛ نظرًا لاستراتيجية العلاقة بين البلدين، ففي الوقت الذي ظلت فيه كينيا والصومال لسنوات حليفتين رئيسيتين في عددٍ من القضايا المتعلقة بالأمن الإقليمي في منطقة القرن الإفريقي.
قوات حفظ السلام – أرشيفية
لا سيما الحرب ضد حركة الشباب المجاهدين الصومالية؛ حيث تشارك كينيا ضمن بعثة الاتحاد الإفريقي لحفظ السلام في الصومال “أميصوم” بأكثر من 3600 جندي يتمركزون في ولاية جوبالاند المتاخمة لكينيا، فضلاً عن استضافة كينيا لأكثر من 350 ألف لاجئ صومالي في مخيمات مثل داداب وكاكوما، إلا أن الخلاف السياسي وتوتر العلاقات الدبلوماسية قد عصف بتلك العلاقات الاستراتيجية.
ثانيًا :النزاع الحدودي البحري:
تمتد المنطقة المتنازع عليها على مساحة 142 ألف كم مربع؛ حيث يعود النزاع البحري بين البلدين منذ ستينيات القرن الماضي، واشتعلت شرارته عام 2009 بعد توقيع نيروبي مع الحكومة الانتقالية الصومالية آنذاك مذكرة تفاهم لتمديد جرفها القاري البحري إلا أن البرلمان الصومالي ألغى المذكرة وأصدر مشروع قرار حول بطلانها بسبب أن المؤسسات الانتقالية لا يحق لها أن تناقش الحدود السيادية مع أطراف خارجية وتطور الأمر حتى وصل العدل الدولية.
وقد تقدمت كينيا بطلب تأجيل الدعوى في ثلاث مناسبات أولها سبتمبر 2019، نوفمبر 2019 و يونيو 2020 لأسباب متنوعة، حيث يعد طلب التأجيل هذا الرابع من نوعه من قبل الحكومة الكينية منذ أن طرح الصومال القضية أمام العدل الدولية في أغسطس 2014 بعد فشل المفاوضات الثنائية بين البلدين لحل النزاع.
الرئيس الكينى “كينياتا” – أرشيفية
ثالثًا :النفوذ الكيني في الصومال:
 تتهم مقديشيو كينيا بممارسة نفوذ سياسي كبير في ولاية جوبالاند من أجل تعظيم مصالحها السياسية والاقتصادية والاستراتيجية في الصومال، وممارسة ضغط سياسي على رئيس الإقليم “أحمد مدوبي”، وتوظيفه كورقة ضغط سياسية لتنفيذ أهدافها في الصومال، وإفشال العملية الانتخابية في البلاد من خلال رفضه لقانون الانتخابات الذي توافقت عليه القوى السياسية في سبتمبر 2020م بشأن إجراء الانتخابات العامة في البلاد خلال الفترة ما بين ديسمبر 2020 وفبراير 2021م، وهو ما يعزّز ادعاءات الحكومة الصومالية بشأن تعاون مدوبي مع الاستخبارات الكينية لدوافع خفية.
فقد لُوحِظَ رفض مدوبي إجراء الانتخابات التشريعية التي كان مقرر لها في أوائل ديسمبر 2020 عقب زيارته لنيروبي ولقائه بالرئيس الكيني، أوهورو كينياتا، إلى أن تسحب الحكومة الفيدرالية قواتها من منطقة “جدو” المتنازع عليها بين الطرفين. كما تسيطر نيروبي على الولاية أمنيًّا بحكم تمركز القوات الكينية المنضوية تحت لواء بعثة الاتحاد الإفريقي “أميصوم” البالغ عددها 3600 جندي في جوبالاند.
و يُنظَر إلى القوات الكينية العاملة تحت مظلة الاتحاد الإفريقي على أنها أكثر اهتمامًا بالدفاع عن زعيم ولاية جوبالاند، أحمد مدوبي، وإبقائه في السلطة عن محاربة الإرهاب وتهديدات حركة الشباب المجاهدين الصومالية، وهو ما يعزّز المخاوف الصومالية من دور سلبي لتلك القوات في المستقبل ضد الحكومة المركزية.
رابعًا : دوافع الحكومة الصومالية من الأزمة
 تأجيل موعد الانتخابات الصومالية، تُبدي حكومة الرئيس محمد عبد الله فرماجو تخوّفات من دعم كينيا للمعارضة، وفي نفس الوقت تتهم الحكومة الصومالية الطرف الكيني بدعم إقليم جوبالاند؛ وكان هذا واضحاً في الانتخابات الأخيرة التي شهدها الإقليم في أغسطس 2020، حيث سعت الحكومة المركزية وقتئذٍ إلى الإطاحة بزعيم الإقليم أحمد مدوبي، وتنصيب موالٍ لها، وهو سيناريو تكرّر في أكثر من ولاية فيدرالية أثناء فترة الرئيس فرماجو، وقد اتهمت مقديشو نيروبي بدعم الشيخ مدوبي في الانتخابات، لكن وزارة الخارجية الكينية وصفت هذه الاتهامات بأنها “باطلة”.
لكن ما فَجَّر الأزمة الحالية بين الطرفين، هو استضافة كينيا رئيس صومالي لاند موسى بيحي عبدي، وواقع الحال أن الحكومة الصومالية تواجه استياءً كبيراً في الداخل، وتتواصل مظاهرات في مقديشو تُطالِب بتغيير لجنة الانتخابات الموالية للرئيس الحالي، ولذا ينظُر كثيرٌ من المراقبين إلى أن الرئيس فرماجو اختار افتعال مشكلة دبلوماسية مع كينيا، لصرف الأنظار عن التعقيدات التي تواجهه في الداخل.
ومنذ المفاوضات التي عُقدت في منتصف  العام الماضي في جيبوتي، كانت مسألة صوماليلاند مطروحة علي الساحة الإقليمية، وفي زيارته الأخيرة لكينيا أبرم رئيس صوماليلاند موسى بيحي مع الرئيس الكيني أوهورو كينياتا، عدّة اتفاقيات تهدف إلى تعزيز العلاقات الثنائية بينهما، وتشمل مجالات التجارة والتعاون الدبلوماسي. وبدء تسيير رحلات جوية مباشرة بين نيروبي وهرجيسا، كما تم الاتفاق أيضاً على فتح قنصلية كينية في هرجيسا في أواخر شهر مارس 2020 ورفع تمثيل صوماليلاند في نيروبي.
الرئيس الصومالى “فرماجو” – صورة أرشيفية
خامسًا: ما هي التداعيات المحتملة للأزمة:
يطرح استمرار الأزمة السياسية بين كينيا والصومال عدداً من التداعيات السلبية على المستويين الثنائي والإقليمي في منطقة القرن الإفريقي؛ الأمر الذي يمكن إيجازه علي النحو التالي :-
أ‌- تقويض التعاون في الحرب على الإرهاب ومواجهة حركة الشباب المجاهدين الصومالية؛ مما يعزّز التهديدات الأمنية في الصومال وكينيا.
ب‌- ترجيح أن تكون الأزمة الجديدة جزءاً من الحملة الانتخابية للرئيس فرماجو، باعتبار أن افتعال أزمة دبلوماسية قوية مع كينيا سيُلهي الرأي العام الصومالي عن قضية لجنة الانتخابات المثيرة للجدل.
جـ- تتمسك كينيا بدعم إقليم جوبالاند المُحاذي لشريطها الحدودي،  باعتباره منطقة عازلة عن هجمات حركة الشباب المجاهدين.
د- استفادة  صوماليلاند من التوتر الصومالي-الكيني الراهن ،لتحقيق بعض المكاسب السياسية والاقتصادية، وتحسين مكانتها الإقليمية، في ظل مطالبتها بالاعتراف الدولي.
هـ- تصاعد نشاط حركة الشباب؛ ثم تفاقم الأزمة الأمنية في البلاد واحتمالية تعطيل سير العملية الانتخابية في معظم المناطق الصومالية لا سيما الوسط والجنوب حيث تتمركز الحركة هناك.
و- تأثر العلاقات التجارية بين البلدين سلبًا، ،  وتدهور حركة السياحة نتيجة تعطيل حركة الطيران بين البلدين، وإلغاء تأشيرات الدخول للكينيين عند وصولهم للمطارات الصومالية .
ز-  التأثير سلبًا على العلاقات الاجتماعية بين البلدين والمصالح المشتركة بينهما؛ إذ يعيش نحو 35 ألف كيني في الصومال، بينما يعيش 500 ألف صومالي في كينيا، كما تستضيف كينيا نحو 200 ألف صومالي في مخيمات اللاجئين، لا سيما في مقاطعة جاريسا شمالي شرق كينيا، ومخيم كاكوما للاجئين.
ح- تحسب فرماجو من التحرُّك الكيني ضده في الانتخابات المقبلة بدعم مرشَّح منافس، لذلك سوف يسعى لتحييد الجانب الكيني؛ على الأقل لضمان عدم التدخل في مجريات العملية الانتخابية واختيار الرئيس القادم، مقابل تخوف الرئيس أوهورو كينياتا من إيواء الصومال لعناصر من المعارضة الكينية، وتخفيف الرقابة على تحرُّكات حركة الشباب المجاهدين لمهاجمة الأراضي الكينية.
 ط- إمكانية تعقُّد المشهد الإقليمي في منطقة القرن الإفريقي الذي يشهد بعض الأزمات مثل الصراع في إقليم تيجراي بإثيوبيا؛ الأمر الذي قد يعصف بالاستقرار النسبي في المنطقة، مع توسيع دور حركة الشباب المجاهدين الصومالية في الداخل الصومالي وفي دول الجوار الإقليمي، مما يهدد الأمن الإقليمي في القرن الإفريقي.
الخلاصة
في ضوء ما سبق، يمكن ترجيح حدوث اتفاق للتهدئة بين الجانبين، لكن شروط الاتفاق التاريخي مرهون بدولة صومالية مستقرة داخليًّا وخارجيًّا، فـكينيا تراهن حاليًا على عدم عودة “فرماجو” إلى الحكم، والاتفاق مع من يخلفه، لكن في حال تمديد ولاية “فرماجو”؛ ستستمر حالة التوتر المسيطرة علي العلاقات بين البلدين، مع استبعاد لجوء الصومال  للتصعيد ؛ لأنها لا تملك تكلفته، كما أنه من غير المتوقع نجاحها في إعادة تقديم نفسها كفاعل مؤثر إقليميًّا.
لاسيما مع انتظار الحكومة الكينية  نتائج الانتخابات لحسم خياراتها وخطواتها في هذا الصدد، ومن ناحية صعود إدارة جديدة في مقديشيو قد يُفضي إلى تقديم وجهة نظر مختلفة حول السياسة الإقليمية، تتعارض مع المقاربة الراهنة للرئيس فرماجو القائمة على استعداء كينيا. ومن ناحية أخري حاجة الصومال إلى القوات الكينية المشاركة في بعثة أميصوم لتحقيق السلام والأمن في البلاد، سيكون من غير الحكمة أن تصطدم الصومال مع كينيا أو مع أي دولة أخرى في محيطها الإقليمي
شاركها.

اترك تعليقاً

Exit mobile version