واجه المجتمع الإسرائيلى عام 2021م ، تداعيات جائحة كورونا على الاقتصاد، التعليم والصحة ، وتراكمات الخلافات السياسية التى لم تنته رغم إزاحة نتنياهو وتشكيل حكومة “بينيت -لابيد” بمشاركة القائمة الموحدة كأول حزب عربى فى حكومة إسرائيلية ، إلا أن ذلك لم يكن كافيًا لكبح جماح ظاهرة العنف في المجتمع الفلسطينى داخل إسرائيل، وضمان استقرار العلاقات بعد أحداث مايو بينهم وبين اليهود خاصة المتشددين دينيًا ، الذين يعانون من تَبِعات كورونا وكارثة جبل “ميرون”، فى ظل ارتفاع نسب البطالة  وتدهور الوضع الاقتصادى بشكل عام، والتحسب إزاء قدرة المستشفيات على التعامل مع سيناريوهات قد تكون معقدة للغاية [1]، ومستقبل الحكومة التى تقفز حواجز الميزانية والإغلاق الصحى وزيادة الضرائب والتشريعات وغير ذلك من الأزمات والتحديات لتُثبت قدرتها على العقبات التى تواجهها .

السكان فى إسرائيل

 زاد عدد سكان إسرائيل بنسبة 1.7٪ ، المُقدر عددهم بحوالى 9449 مليون نسمة ، بينهم 6.982 مليون يهودى بنسبة 73.9٪ ، 1.995 مليون فلسطينى بنسبة 21.1٪ ، و 472 ألفًا آخرون يشكلون 5.0٪ من إجمالي عدد السكان ، شكلت الزيادة نسبة 87٪  في القطاع اليهودى ، 95٪ فلسطينيون وآخرون[2].

كما يظهر أنه خلال عام 2021 ، دخل حوالى 25 ألف مهاجر جديد  إلى إسرائيل و 9000 آخرون أى مواطنون مهاجرون وأشخاص فى إطار قانون الدخول[3] ، بزيادة قدرها 28.8٪ عن نفس الفترة من العام الماضى ، وكانت الدول الرئيسية التي وصل منها المهاجرون هذا العام روسيا 30.0٪ ، فرنسا 14.6٪ ، الولايات المتحدة 13.9٪  وأوكرانيا 12.4٪ [4].

أرشيفية

تغيرات ديموجرافية

نسبة اليهود التي بلغت 82.1٪ عام 1948،  آخذة في الانخفاض بأكثر من نصف بالمائة على مدار السنوات الثلاث الماضية،  حتى بلغت 73.9٪  عام 2021 ما يُشكل أكثر من نصف بالمائة 0.6٪ من مجموع سكان إسرائيل .

في المقابل ارتفعت نسبة الفلسطينيين في نفس الفترة الزمنية بنسبة 0.2 % ، وزادت نسبة السكان “الآخرين” بمعدل 0.4% . منهم 5٪ يهود غير متدينين هاجروا إلى إٍسرائيل بموجب قانون العودة ، مسيحيين غير فلسطينيين وديانات أخرى مثل البوذيين الذين هاجروا بموجب قانون الدخول إلى إسرائيل تحت بند لم الشمل كعائلات الأطفال الأجانب[5].

المواضيع التى تُشغل المواطن

أظهر الاستطلاع الذى  أجراه  مركز” فيتربى”[6] لدراسة الرأى العام والسياسة التابع للمعهد الإسرائيلى للديمقراطية، أن أكثر المواضيع التى شغلت المواطن فى إسرائيل عام 2021 هى بترتيب الأولوية:

الحالة الاقتصادية ووباء كورونا وتداعياته ، يليها الوضع الأمنى غير المستقر، أزمة المُناخ ، أداء ومستقبل الحكومة الجديدة التى لا يزال الرأى العام منقسمًا حول قدرتها على البقاء حيث أعرب 51٪  من الوسط اليهودى عن تفاؤلهم بمستقبل الحكومة التي يرونها ديمقراطية ربما بسبب دخول حزب “راعم” في الحكم ، مقارنة بـحوالى  42٪  من فلسطينيى الداخل، بينما جاء الأمن القومى لإسرائيل فى المرتبة الأخيرة  لاهتمامات رجل الشارع فى إسرائيل . 

ما الذى يزعج الإسرائيليين؟

تأتى جائحة كورونا في مقدمة المواضيع التي تُزعج المواطن فى الوسط اليهودى ، وفى عينة ممن لديهم دخل أعلى من المتوسط كانت نسبة الأشخاص الأكثر انزعاجًا من تداعيات وباء كورونا الاقتصادية  29٪ ،  بينما كانت نسبة القلق من تدهور الحالة الاقتصادية فى الوسط الفلسطينى فى الداخل إلى  38٪ ، ويأتى الانزعاج من الإصابة بكورونا أو متحوراتها فى المرتبة الثانية بنسبة 31 ٪ .

وفقًا للانتماء السياسى ؛ فإن القضية التي شغلت الجميع يسارًا ويمينا ووسط هى الحالة الاقتصادية ، كان اليمين أعلاهم بنسبة31٪ من إجمالى العينة، كما تباينت أراء الجمهور في إسرائيل حول الأسباب الحقيقية وراء خفض الدعم الحكومى عن السكن للأطفال والطلاب غير العاملين وزيادة بعض الضرائب ، حيث سجلت النسبة الأكبر من الاعتراضات فى الأوساط الدينية المتشددة والوسطية، ورأى 46٪ أن ذلك نتيجة لاعتبارات اقتصادية بينما 43٪  يرى أن القرار يعكس رغبة وزير المالية “أفيجدور ليبرمان” فى إلحاق الضرر المباشر بالأوساط الدينية المتشددة.

حل النزاع  الإسرائيلى الفلسطينى

عند طرح ثلاثة حلول للنزاع الإسرائيلى الفلسطينى ؛  وهى حل الدولتين بإقامة دولة فلسطينية مستقلة فى الضفة الغربية وقطاع غزة ، حل الدولة الواحدة التى تقوم على المساواة الكاملة بين الإسرائيليين والفلسطينيين ، أواستمرار الوضع الراهن، لم يحظ أى من الحلول الثلاثة بأغلبية بين الجمهور اليهودى حيث  قال 41.5٪  أن استمرار الوضع الحالي مقبول لهم ، 34٪ أنه مع حل الدولتين فقط، ويرى  14٪  أن حل الدولة الواحدة مقبول في العينة العربية ،

كان الدعم الأكبر لحل الدولتين فى الوسط العربى،  حيث قرر أكثر من  69٪  أن هذا الحل مقبول بالنسبة لهم ، وذكر معظمهم أن حل الدولة الواحدة مقبول لليهود والفلسطينيين على حد سواء ، وأيد  15٪  فقط من العرب الوضع الحالى .

كشفت الأراء حسب المعسكر السياسى عن وجود انقسامات و فجوات كبيرة فى الجمهور اليهودى فيما يتعلق بحل الصراع مع الفلسطينيين، وأيد أغلبية كبيرة من اليسار حوالى  88٪  حل الدولتين ، و46.5٪  أى ما يقرب من نصف المعسكر الوسط وأقل من خُمس المعسكر اليميني 19.5٪ ، وقبِل  نصف الذين عرّفوا أنفسهم باعتبارهم  يمينيون الوضع الحالي كما هو بنسبة 51٪  ، مقابل ثلث الوسط وحوالى عُشر اليسار الذين قرروا أن حل الدولة الواحدة غير مقبول بالنسبة لهم.

وكانت الحلول الأكثر شيوعًا للصراع مع الفلسطينين – على الترتيب،  أن يبق الوضع على ما هو عليه ، حل الدولتين ، وهناك نسبة صغيرة تؤيد إنشاء دولة واحدة  متعددة القوميات مع ضمان المساواة الكاملة للمواطنين اليهود والعرب ولم يقترح أحد حلولًا جديدة.

معدل الفقر

ارتفع معدل انتشار الفقر فى إسرائيل خلال عام 2021 بنسبة 1.1٪  عن عام 2020 إلى 21.5٪ ، كما ارتفعت النسبة لدى الأطفال بنسبة 2.5٪  لتصل إلى 31.2٪  ، ما يعنى أن الطفل الثالث فى العائلة الإسرائيلية يولد فقيرًا.

كان هذا ضمن التقرير السنوى الصادر عن مؤسسة التأمين الوطنى المعروف بتقرير الفقر[7]. ارتفع مؤشر جينى[8] 3.3٪ بالنسبة للعام الماضى ، وبينما انخفضت  نسبة الأسر التى تُعانى نقصًا حادًا فى الأمن الغذائى إلى 8.2٪  ، إلا أن أكثر من 800 ألف  مواطن فى إسرائيل يعانون من الجوع ، وحدد تقرير منظمة “لاتت”[9] عن الفقر أن ما يقرب من مليون أسرة فى إسرائيل تعاني من ضائقة مالية في 2021 .

بلغ معدل انتشار الفقر بين كبار السن 13.1٪ فى عام 2021،  لكنه ظل أقل بكثير مما كان عليه في عام 2019 – 15.8٪ ،  يبدو أن هذا يرجع إلى إعانات الشيخوخة  التي لم تتأثر بتداعيات الكورونا الاقتصادية .

معدلات البطالة

تُعد البطالة من التحديات الرئيسية التى تواجه المجتمع الإسرائيلى ، خاصة في العام الماضى نتيجة تداعيات أزمة فيروس كورونا، التى  تتلخص فى ثلاثة اتجاهات رئيسة عام 2021 ؛ إنتهاء  فترة استحقاق إعانات البطالة لمن تسربوا من سوق العمل  منذ بداية الجائحة ، تغير أولويات طالبى العمل اقتصاديًا ، تحول سوق العمل رقميًا ما يتطلب سرعة ومرونة وتعزيز مهارات الباحثين عن عمل.

سجلت بيانات الدائرة المركزية الإسرائيلية للإحصاء[10] ارتفاعًا فى معدل البطالة بنسبة  6.3٪  في شهر ديسمبر 2021 ، أى حوالى 270 ألف إسرائيلى عاطل عن العمل ، رغم  الإيجابية التي شهدها شهر نوفمبر من نفس العام،  إذ سجل انخفاضًا ملحوظًا ، وبلغت النسبة حوالى  4.6% ، بمعدل  262 ألف عاطل ، وارتفع معدلات التوظيف إلى 60% ، وبلغ عدد الوظائف الشاغرة حوالى 150 ألف وظيفة[11].

الرجال والنساء ليسوا على قدم المساواة

صورة قاتمة يقدمها التقرير الذى أجراه “مركز النهوض بالمرأة ” التابع لمعهد “فان لير” فى القدس الذى يعتمد بشكل أساسى على بيانات مكتب الإحصاء المركزى للأعوام 2018 -2021، وهو المؤشر الوحيد فى إسرائيل الذى يفحص مستوى المساواة بين النساء والرجال في عدة مجالات للسنة التاسعة على التوالى[12]

 يكشف المؤشر عدم المساواة بين الرجل والمرأة مع توقعات فى زيادة النسبة العام المقبل، وهو ما اتضح من خلال تقارير مشابهة لأعوام سابقة ،  ما يجعلنا نعتبر أن التمييز بين الجنسين أصبح ظاهرة مؤسسة فى المجتمع الإسرائيلى، حيث تتعمق  الفجوة فى العمل والأجور بين الرجال والنساء الذين تلقوا نفس المستوى التعليمى  ولهم نفس السن ،  رغم زيادة الوعى بأهمية المساواة واتساع نطاق الخطاب العام حول هذا الموضوع، لكن على مستوى الممارسة العملية لم يحدث أى تغيير حقيقى على سبيل المثال:

 بلغت نسبة المديرات  في الشركات العامة 21% نساء مقابل  79% رجال، كما أن الوظائف الإدارية فى القطاعات الجماهيرية يشغلها 61%  للرجال ، مقابل 39% للنساء ،

أساتذة الجامعات 20% نساء ، 80% رجال ، مديرى المستشفيات 6% نساء ، 36% رجال ، صحافيات 22% ، 87%  صحافيين، حتى الأكثر استماعًا  بين مقدمى برامج الراديو 21% نساء ، مقابل 62% للرجال .

 وفقًا للتقرير فإن 40٪ من النساء العاملات يتقاضين أجورًا أقل من الحد الأدنى للأجور بشكل عام ، مقابل 27٪ من الرجال، وبلغ  الدخل الشهرى  للنساء 8.954 شيكل مقابل 13.095 للرجال، ما دعا لجنة النهوض بالمرأة فى الكنيست لعقد اجتماع  لمناقشة التقرير، قررت  خلاله رئيس اللجنة “عايدة توما سليمان” عضو الكنيست عن القائمة المشتركة أن نسبة المتعلمات هى نفسها أو ربما أعلى من نسبة الرجال، رغم ذلك  لا توجد ترجمة لهذا على أرض الواقع فى سوق العمل ، كما أقرت اللجنة ما جاء في التقرير؛ من أن جائحة كورونا لفتت الأنظار إلى فئة المسنين في إسرائيل ، بسبب تداعيات  العُزلة الاجتماعية مع الأمراض والنقص فى الرعاية الصحية والحاجة للإعالة، وكان التقرير قد كشف أن النساء كُن أكثر تضررا من الرجال فى عام 2021 فى  الفئات العمرية من 65 عامًا وأكثر، وأن فجوة الأجور بين الجنسين في هذا العُمر أعمق بكثير مقارنة بعامة السكان؛ حيث  تتقاضى النساء في سن الشيخوخة 49 سنتًا مقابل كل شيكل يتقاضاه الرجال ، بينما تتقاضى  النساء 88 سنتًا لكل شيكل للرجال بشكل عام فى الفئات العمرية الأخرى ، وتبلغ نسبة النساء المشاركات في سوق العمل في هذه الفئة العمرية حوالى نصف نسبة الرجال (15٪ مقابل 29٪ ) كما يبلغ متوسط ​​الراتب الشهرى للمرأة حوالى نصف أجر الرجل (6،935 شيكل مقابل 12،769 شيكل)، وتبلغ نسبة النساء اللائى يتلقين معاشًا تقاعديًا 42٪ مقابل 47٪ بين الرجال،  وتعكس الأجور عُمق الفجوة حيث يبلغ الدخل الشهرى للمرأة من المعاشات 2،045 شيكل ، مقابل 3،669 شيكل للرجال[13].

وقررت “هداس بن إلياهو” ، مديرة مركز “يودعت” وعضو فريق البحث، أن الفجوة الأكبر والأولى بإعادة النظر في إسرائيل،  تكمُن فى مراكز القوة والسيطرة السياسية والاقتصادية لأنه مع  الزيادة في حجم السكان المسنين في إسرائيل أصبحت الحاجة ماسة  إلى سياسة حكومية تراعى هذه الفئة الاجتماعية ووضع  ميزانية توفر الأدوات اللازمة لتنفيذ تلك السياسة، مما يضمن شيخوخة آمنة لكل من النساء والرجال على حد سواء .

فلسطينيو الداخل الإسرائيلى  (عرب 48)

دخل الأسرة

خلال عشر سنوات مضت كانت هناك زيادة كبيرة في الدخل للأسر العربية خاصة فى المدن المختلطة،  قُدرت الزيادة على مدى العقد الفائت بـحوالى  9000 شيكل  ، إلا أن متوسط ​​الزيادة فى الدخل لا يعكس الصورة الحقيقية حيث أن شريحة كبيرة من السكان لا تزال تحت خط الفقر بمرتين ونصف بالنسبة للجمهور اليهودي من نفس الشرائح العمرية والتعليمية ، حتى طالت نسبة الفقر أكثر من ثلث الأسر العربية في تلك المدن ، هذا ما جاء فى التقرير السنوى للمعهد الإسرائيلي للديمقراطية.

التعليم

معدل التسجيل للطلاب الفلسطينيين  في مراحل التعليم الأساسى فى المدن المختلطة أقل من نصف متوسط  عددهم في  القطاع اليهودى وأقل من المعدل العام لسكان إسرائيل ، كما اتسعت الفجوة بين الطلاب الفلسطينيين و اليهود فى المراحل المتقدمة – ماقبل الجامعية لتبلغ  حوالى 7% إلى 22% على التوالى ، وبين الطالبات 7% إلى 19 % ، أى أن وضع الفلسطينين فى الداخل الإسرائيلى ، أقل من المتوسط ​​ للسكان إسرائيل بشكل عام .

هناك نقطة مضيئة وهى أن الفتيات الفلسطينيات يتفوقن فى معدلات خمس مجالات دراسية علمية وهى: (الفيزياء ، والأحياء ، والكيمياء ، وعلوم الكمبيوتر) هذا ​​فى معظم المدن باستثناء تل أبيب – يافا، رغم أن كان متوسط ​​الميزانية لطالب المرحلة الإعدادية في التعليم العبري كانت أعلى بنسبة 18٪ من التعليم العربي. أما الأقسام العليا في التعليم العبري في اللد والرملة وعكا ، فسيتم تخصيص ميزانية أعلى لها 24٪ إلى 36٪ من التعليم العربى .

 اضطر عدد كبير من الطلاب الإسرائيليين خلال فترة كورونا بشكل عام  إلى التحول إلى “التعلم عن بعد” ، وحدد التقرير عن عام 2021 الأحياء الفلسطينية الفقيرة فى المدن المختلطة كواحدة من المناطق التى تفتقر الموارد اللازمة للتعليم عبر الإنترنت، كاشتراك الإنترنت على سبيل المثال ، فقد حدثت زيادة كبيرة فى العامين الأخيرين .

تجدر الإشارة إلى أن نسبة الأكاديميين من فلسطيني الداخل خاصة فى المدن المختلطة مثل الرملة واللد ، أقل بكثير منها فى الوسط اليهودى وتبلغ حوالى 5٪ فقط مما يعكس الوضع غير المستقر فى سوق العمل للمواطن الفلسطينى في الداخل الإسرائيلى حيث أن هناك انخفاض حاد فى فرص التوظيف ، وكانت أفقر المدن فى معدلات التوظيف: الرملة 52.5٪ واللد 62.1٪  ، بينما ارتفع معدل تعليم النساء الفلسطينيات وارتفعت معدلات توظيفهن بشكل عام وفى المدن المختلطة بشكل خاص ، ومع ذلك ، هناك فجوة بينهن وبين النساء اليهوديات 55٪ مقابل 62٪ فيما يتعلق بالبيانات الخاصة بالتعليم ما بعد الجامعى  والتوظيف[14].

العنف والجريمة

ساهم الوضع الاجتماعى والاقتصادى السيئ فى المجتمع الفلسطيني فى الداخل  إضافة لافتقار التمثيل السياسى الفعال والأفق المحدود للخيارات المتاحة ، خاصة في أوساط الشباب إلى تزايد معدلات العنف و الجريمة، التى شهدت ارتفاعاً في العامين الماضيين من 30 إلى 35 % ، عنه في عام 2019 ، ويشير ارتفاع معدل  الجريمة المتنامى إلى المشاكل التى يعانى منها هذا المجتمع خاصة وأنها طالت القُصّر و البالغين ، حتى زادت نسبة المحكوم عليهم فى قضايا عنف عام 2021 من فلسطيني المدن المختلطة بمقدار 35٪ منها فى  2019 ، ما يعادل 2.7 سكان إسرائيل بشكل عام ، وبين القُصّر 51٪  أى ما يقرب من ضعف نسبة القاصرين بشكل عام ، ما يتطلب تدخلاً حكومياً عاجلاً في هذا الشأن، يبدأ بأن لا يُنظر للمجتمع الفلسطيني في الداخل الإسرائيلى من قِبل صناع القرار على أنها منفصلة عن المجتمع الإسرائيلى بشكل عام [15].

تحولات فى الوسط الحريدى ( المتشدد دينيًا )

سجل الكتاب السنوى للمجتمع الحريدى في إسرائيل لعام 2021 ،  الصادر عن المعهد الإسرائيلى  للديمقراطية التغييرات التى حدثت في المجتمع الحريدى فى مختلف المجالات ؛ كالتعليم والتوظيف ونمط الحياة،  ورغم زيادة عدد الحريديم الذين تقدموا  لتلقى التعليم العالى والتدريب التكنولوجى[16]، إلا أن هناك قفزة فى عدد طلاب المعاهد الدينية، واتسعت  الفجوات فى مجالات التوظيف بين الحريديم (المتشددون دينيًا) وغير المتدينين .

يُشكل “الحريديم” حوالى ثُمن سكان إسرائيل حيث يبلغ عددهم حوالي 1.226.000 (مقارنة بنحو 750.000 فى عام 2009) ، بزيادة قدرها  10٪  عام 2009 إلى 13٪ عام 2021 ، أي أكثر من ثُمن مجموع السكان في إسرائيل ، وكما نرى أن  مؤشر النمو السكانى مرتفع وسريع فى هذا الوسط ، تُلاحظ النتيجة ذلك فى سوق العمل واستمرار ارتفاع معدل توظيف النساء الحريديات (المتشددات دينيًا)  مقارنة بالرجال ، كما أن دخلهن أقترب إلى دخل النساء اليهوديات غير المتدينات ، بينما دخل الرجل الحريدى منخفض عن اليهودى غير المتدين خاصة خلال فترة أزمة كورونا، مما يدل على عدم تأهيل الرجل الحريدى بالدرجة الكافية و ضعف مرونته فى العمل ..

على غرار معدل النمو السكانى ، زاد عدد الطلاب الحريديم  فى إسرائيل حيث سجل نحو  94322 طالبًا عام 2021 ، 81٪ منهم معفيون من الخدمة في الجيش ، 47٪ في سن العمل 25-64  يدرسون فى المدارس الدينية.

وسجل حوالى 14700 طالب حريدى فى مؤسسات التعليم العالى يشكلون 4.5٪ من مجموع الطلاب في إسرائيل. 67.5٪ منهم من النساء ، يدرسن للحصول على درجة البكالوريوس ، وحوالي 2600 يدرسون للحصول على درجة الماجستير ، الغالبية العظمى منهم للحصول على درجة الماجستير.

التعليم (التدريب) التكنولوجى

 درس حوالي 4900 طالب حريدى مساقات التدريب التكنولوجي في عام 2021. “عام الكورونا” سجل 49٪ من الرجال ، 62٪ من النساء فى مساق هندسة البرمجيات وحده ، رغم تسجيل قفزة بنسبة 26.5 ٪ فى عددهم لكنهم يشكلون حوالى 7٪ فقط من الطلاب الذين يدرسون في هذا المجال .

يعمل 39٪  من النساء الحريديات فى مجال التعليم ، مقابل17٪ من اليهوديات غير المتشددات دينيًا والسبب فى ذلك هو كثرة الإنجاب في المجتمعات الحريدية  وعدم ملائمة ساعات العمل لرعاية الأطفال أو الاندماج في العمل المجتمعى ،  23٪ منهن يعملن فى مجالات الصحة والرعاية الاجتماعية مقابل 19٪  فى النساء اليهوديات غير الحريديّات[17].

ختامًا 

حاولنا الوقوف على اهتمامات المواطن فى إسرائيل ومعاناته  من خلال رصد أهم التطورات والتحولات لعام فائت ، ونرى أن :

  • من السابق لأوانه تحديد مدى تأثير تداعيات جائحة كورونا على المجتمع الإسرائيلى ، فى الوقت الذى يواجه فيه موجة جديدة لانتشار الفيروس وتفشى متحور أوميكرون،  إلا أن روتين الحياة بشكل عام  والوضع الاقتصادى  بشكل خاص، لن يعودا بسهولة إلى ما كانا عليه، كما أن هناك بعض التحولات الملحوظة كانتقال النشاطات المختلفة ؛ مثل التعليم عن بُعد والعمل من المنزل، ستستمر وسيكون تأثيرها طويل المدى على شكل وطبيعة الحياة.
  • اتسعت الفجوات الاجتماعية والاقتصادية فى إسرائيل؛ حيث أصبحت العلاقات الاجتماعية أكثر حدة وعنفًا ، تتآكل الطبقة الوسطى وتقترب من خط الفقر بسبب تدهور الحالة الاقتصادية  ما سيستمر لسنوات قادمة، كما تتجه إسرائيل نحو أزمات اجتماعية إن لم تتحول إلى سياسة الضمان الاجتماعى والخدمات العامة المستقرة والمقيدة بالميزانية وهذا من الصعب تطبيقه على المدى القريب نتيجة  الأجواء السياسية المضطربة .
  • رغم أن إسرائيل مستمرة فى مواجهة المشكلات السياسة والأمنية وسعيها على ترسيخ مبدأ التعايش الإقليمى وتعزيز مسار الاتفاقيات الإبراهيمية ، إلا أن المواطن في إسرائيل لايلق لذلك بالًا ،ولم يرد ذكره بين اهتماماته اليومية في أى من استطلاعات الرأي التى عرضناها أو التى نتابعها مرئية أو مسموعة ، بينما اهتم المواطن اليهودى الذى يُعانى من فجوات حادة فى المعتقدات والسلوكيات والانقسامات ، بهشاشة العلاقات بينه وبين فلسطينى الداخل، وكان هناك دعمًا أكبر للحلول الأقرب للتعايش وتحقيق العدالة والمساواة لضمان الاستقرار والسلام.

، ونعتبر ذلك التحولً الأهم فى المجتمع ، خاصة مع التغيُرات الديموجرافية وإن كانت بطيئة، وزيادة عمق الفجوة الثقافية خاصة فى أجيال الشباب من اليهود المنقسمين سياسيًا وعقائديًا ، إلا أنها قد تؤثر سلبًا على ما تسعى إسرائيل لترسيخه وتأسيسه منذ عام 48 ، وتُعرفه بالهوية اليهودية للدولة .


[1] ) تم تسجيل 10644 إصابة جديدة بمتحور أو ميكرون خلال 24 ساعة ما يشير إلى انتشار واسع جداً للوباء، إضافة إلى ارتفاع عدد حالات مرضى كورونا داخل المستشفيات فى جميع أنحاء إسرائيل،  وصل إلى 236 حالة، صُنّفت 117 حالة منها بأنها خطرة؛ وفقًا لتقرير وزارة الصحة الإٍسرائيلية فى 4 يناير 2022 .

[2] )تنشر الدائرة المركزية الإسرائيلية  للإحصاء بيانات خاصة بالتعداد السكانى بشكل دورى فى نهاية العام الميلادى، البيانات  المنشورة وفقًا لتقرير عام 2021.

[3] ) ينظم قانون الدخول الذى شُرع عام  1952 م ، دخول مواطنيين غير إسرائيليين أو المهاجرين الجدد إلى إسرائيل والحصول على تصاريح الإقامة .

[4] ) אוכלוסיית ישראל בפתחה של שנת 2021 – הלשכה המרכזית , cited in 2.1.2022,https://www.cbs.gov.il .

[5] ) המרכז למדיניות הגירה חשראלית , cited in 4.1.2022, https://israeli-ipc.org.il

[6] ) يُجرى مركز ויטרבי –  فيتى بى  استطلاعًا لقياس مؤشر الصوت الإسرائيلى سنويًا،  تم تطبيق الاستطلاع عن عام 2021 على عينة تُمثل مواطنى إسرائيل البالغين ، الذين تبلغ أعمارهم 18 عامًا فأكثر – فلسطينين ويهود ،  باللغتين العربية والعبرية ، قُدر الحد الأٌصى للخطأ فيها بنسبة 3.59٪ ± ، وبمستوى ثقة 95٪  .

[7] ) דוח העוני והאי שוויון של הביטוח הלאומי, הביטוח הלאומי,  cited in 3.1.2022, https://www.btl.gov.il

[8] ) مقياس جينى: مؤشر إحصائى يبحث مستوى المساواة في توزيع الدخل فى الدولة، برعاية “CIA ” ، وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ، تحتل إسرائيل المركز 103, 42.8  على مستوى العالم فى عدالة توزيع الدخل القومى بتاريخ  4/ 1/2022 ، https://www.idi.org.il .

[9] ) ארגון לתת, منظمة لاتت – منظمة مجتمع مدنى إسرائيلية  ، معنية بالعمل على الحد من الفقر من أجل خلق مجتمع عادل ، https://www.latet.org.il/he/ .

[10] ) وفقًا لبيانات مسح القوى العاملة الشامل للمكتب المركزي للإحصاء ،  للنصف الأول من ديسمبر 2021.

[11] ) דופק שוק העבודה – שירות התעסוקה , cited in 3.1.2022, https://www.taasuka.gov.il  .

[12] ) מדד המגדר2021 : פערים מגדריים , מכון ון ליר בירושלים, https://www.vanleer.org.il cited 22.1.2022

[13] ) חסמים להשתלבות נשים בשוק העבודה בישראל, מכון ון ליר בירושלים,cited in 4.1.2022  https://www.vanleer.org.il.

[14] ) התושבים הערבים בערים המעורבות – תמונת מצב, המכון הישראלי לדמוקרטיה, cited in  2.1.2022 , https://www.idi.org.il.

[15] ) قدّم المركز دراسة مفصلة عن ظاهرة العنف والجريمة فى المجتمع العربى فى 2021 .

[16] ) تم تخصيص فصل خاص هذا العام في الكتاب السنوى لاستخدام الإنترنت والعالم الرقمى ، للإطلاع : https://www.idi.org.il .

[17] ) جميع البيانات من الكتاب السنوى الحريديم، والتى تستند إلى معطيات المكتب المركزى الإسرائيلى للإحصاء ، وبيانات الوزارات والهيئات الحكومية ومؤسسة التأمين الوطنى ، للمزيد ،שנתון החברה החרידית  בישראל 2021 , , המכון הישראלי לדמוקרטיה .

شاركها.

اترك تعليقاً

Exit mobile version