أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت مؤخرا لشرم الشيخ على ضرورة استئناف عملية السلام وحل القضية الفلسطينية حتى يتحقق الاستقرار لمنطقة الشرق الأوسط.

ورغم أن القضية الفلسطينية لا تتصدر أجندة رئيس الحكومة الإسرائيلية بينيت، إلا أن زيارته لشرم الشيخ، جاءت لتعكس مدى اهتمام تل أبيب بالتقارب مع مصر، نظرًا لمكانتها الاستراتيجية في المنطقة، وعضويتها في منتدى غاز شرق المتوسط وحلف “الشام الجديد” ومنتدى الدول المطلة على البحر الأحمر.

وبحسب مصادر إسرائيلية، فإن بينيت كان يود من زيارته لمصر، تحقيق إنجاز سياسي يتردد صداه لدى الرأي العام الإسرائيلي، لذا فإنه طلب من الرئيس السيسي أن يدعم انضمام إسرائيل لمنتدى الدول المُشاطئة للبحر الأحمر، ولكن الرئيس السيسي رفض المطلب الإسرائيلي، وفق تقرير نشره موقع ديبكا العبري.

إسرائيل ومنتدى البحر الأحمر!

تسعى إسرائيل منذ عقود لبسط نفوذها الإقليمي، ولكنها لم تحقق مثل ما حققته مؤخرا، بعد إبرام اتفاقيات التطبيع الأخيرة مع بعض دول الخليج والمغرب والسودان. وهي تتطلع الآن لتعزيز مكانتها في المنطقة عبر انضمامها لمنتدى دول البحر الأحمر الذي تأسس في يناير 2020م، ويضم ثماني دول أفريقية وآسيوية وهي: مصر والسعودية واليمن والصومال وإريتيريا وجيبوتي والأردن والسودان، حيث يرتبط طلب تل أبيب بإدراكها لمكانة مصر في التحالفات الإقليمية، لذا طرح بينيت هذا الطلب بالانضمام لمنتدى دول البحر الأحمر خلال مقابلته الرئيس السيسي في شرم الشيخ.

علاقات إسرائيل بدول البحر الأحمر!

ترى تل أبيب أن منتدى دول حوض البحر الأحمر، يمثل أحد أهم التحالفات الجديدة التي يجب على إسرائيل المشاركة فيه لتحقيق مصالحها وضمان أمنها القومي ورصد عمليات تهريب الأسلحة وانتقال العناصر المتطرفة من ليبيا ومنطقة الساحل الأفريقي عبر مصر والبحر الأحمر إلى سيناء.

وبعد اتفاقية التطبيع مع السودان، أصبحت إسرائيل تقيم علاقات رسمية مع جميع الدول المطلة على الساحل الغربي للبحر الأحمر، باستثناء جيبوتي، التي كشف رئيسها “إسماعيل عمر جيله” مؤخرا ولأول مرة بشكل علني، عن وجود علاقات غير رسمية بين بلاده وإسرائيل. ففي لقاء مع مجلة “أفريكا ريبورت” الفرنسية، قال “جيله” إن جيبوتي وإسرائيل تربطهما علاقة غير رسمية منذ 25 عامًا.

وعلى الجانب الشرقي من البحر الأحمر، تواصل إسرائيل تعزيز علاقاتها مع السعودية، والدليل على ذلك هو الإعلان عن اللقاء الذي جرى العام الماضي بين رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو وولي العهد السعودي محمد بن سلمان في مدينة نيوم السعودية.

تسعى إسرائيل لتوظيف ما أطلق عليه “اتفاقيات إبراهيم” لتعزيز تواجدها في البحر الأحمر، لأن تلك الاتفاقيات على المستوى الأمني، تتيح لإسرائيل فرصة المشاركة بشكل فعَّال في رصد حركة الملاحة في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن، وذلك من خلال التعاون الأمني مع الدول والمناطق الهشة والضعيفة ، مثل إريتريا وأرض الصومال وجنوب اليمن .

خطوة مهمة..

يمثل منتدى دول البحر الأحمر خطوة مهمة على طريق التكامل الاقتصادي العربي والإقليمي، بما يُمَكِّن الدول العربية من مواجهة التحديات الداخلية والخارجية. لكن انضمام إسرائيل لمنتدى دول البحر الأحمر سيؤدي إلى:

أولا: إضعاف الدول العربية في مواجهة إسرائيل وتركيا وإيران، فضلًا عن تراجع الدور المصري في التأثير على قضايا المنطقة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.

ثانيًا: انحسار التنافس الإقليمي في الشرق الأوسط على ثلاث قوى غير عربية، وهي إسرائيل وتركيا وإيران. الأمر الذي يتطلب ضرورة تخلص مصر من  مشاكلها الداخلية والخارجية لاستعادة دورها الإقليمي حتى تتمكن من حل أزمات المنطقة، وخاصة القضية الفلسطينية والأزمة الليبية وملف سد النهضة.

الدوافع الإسرائيلية:

تتمثل أهم الدوافع الإسرائيلية للانخراط في منتدى دول البحر الأحمر، فيما يلي:

1-      تعظيم الاستفادة من موقع إسرائيل الذي يجعلها مرشحة لأن تكون جسرًا بريًا، يربط بين منطقتي حوض شرق المتوسط وشمال البحر الأحمر، خاصة أن المنطقتين قد تُصبحان في المستقبل منطقة جيوسياسية واحدة.

2-      تعزيز النفوذ الإقليمي لإسرائيل، وبما يسمح بقطع العلاقات بين دول حوض البحر الأحمر وإيران، وتقليص تهديد الحوثيين لحرية الملاحة.

3-      الإعلان عن اتفاقية التطبيع مع السودان، جعل إسرائيل تقيم علاقات رسمية مع جميع الدول المطلة على الساحل الغربي للبحر الأحمر، باستثناء جيبوتي، التي تربطها علاقات سرية مع تل أبيب.

4-      تدعيم نفوذ إسرائيل لدى القوى المؤثرة على استقرار جنوب البحر الاحمر وخليج عدن مثل إريتريا وأرض الصومال وجنوب اليمن، وذلك بحجة المشاركة في ضمان حرية الملاحة في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن.

5-      التعاون الإسرائيلي مع دول حوض البحر الأحمر ودول حلف الشام الجديد، يتيح للدولة العبرية الانخراط في جبهتين من جبهات التصدي لنفوذ طهران في المنطقة وكبح جماح الهيمنة الإيرانية في الشرق الأوسط.

لا شك فإن نجاح التحركات الإسرائيلية يعكس مدي قصور السياسة الخارجية العربية واستغلال إسرائيل سوء العلاقات بين دول حوض البحر الأحمر وإيران، واندلاع الحرب في اليمن ومكافحة الإرهاب، للتوغل في منطقة حوض دول البحر الأحمر، وتوظيف الانقسام العربي في التخطيط للانخراط في التحالفات الإقليمية الجديدة، وكأنها شريك طبيعي يخدم قضايا الدول العربية ويدفع عنها الأخطار الخارجية، وخاصةً التهديد الإيراني.

وختامًا، ينبغي على الدول العربية مراجعة مواقفها واستعادة هيبتها، من أجل مواجهة التحديات الإقليمية والدولية، ولن يتحقق ذلك إلا من خلال:

1-      التنسيق بين مصر والدول المطلة على البحر الأحمر وكذلك الدول المشاركة في منتدى شرق المتوسط وحلف الشام الجديد، للعمل علي تحجيم النفوذ  الإسرائيلي في المنطقة، وإعادة النظر في السياسات العربية تجاه تل أبيب، بما يخدم مصالح الدول العربية وإضعاف إسرائيل.

2- التنسيق مع أبو ظبي للحد من تغلغل إسرائيل فى مناطق التوتر بمنطقة القرن الافريقي وجنوب اليمن. لأن ذلك يضر بالأمن القومي العربي، ويهدد الملاحة من باب المندب إلى قناة السويس.

3- تشكيل قوة عسكرية عربية مشتركة للحفاظ على استقرار الشرق الأوسط، مع إحباط محاولات إسرائيل لتصبح عضوًا ضمن أي حلف عربي أو إقليمي.

شاركها.

اترك تعليقاً

Exit mobile version