انطلقت فى الثالث من إبريل الجارى الاحتفالية الأثرية الأكبر على الإطلاق فى القرن الواحد والعشرين، التى أثبتت فيها الأيدى والقلوب المصرية أنها على العهد، تصون بلدها، وتسعى لاستكمال ما بدأه أجدادها، وتفتخر بانتمائها للحضارة المصرية القديمة والعريقة، بعد أيام قليلة من نجاحها فى تجاوز حادث السفينة الجانحة فى قناة السويس، ما جعل أنظار العالم تتجه إلى مصر، مشيدة بحاضرها وماضيها.
ولم تكن وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعى العبرية ببعيدة عن الحدث، فنقلت هيئة البث الاذاعية الرسمية “كان” على موقعها متابعة للاحتفالية والتى وصفتها بالحدث الاستثنائى مصريًا وعالميًا، فى حضور الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى وكبار الشخصيات المصرية، كما أعربت سفيرة إسرائيل فى تغريدة لها عن حماسها لمتابعة الحدث، وشاركت فى نشر الهاشتاج الترويجى له على موقع تويتر.
المومياوات
الرئيس السيسي أثناء استقباله لموكب المومياوات الملكية – أرشيفية
وتابعت إذاعة الجيش الإسرائيلى “جالى تساهال” التجهيزات على موقع تويتر مصحوبة بصور خاصة بالاحتفالية التى أطلقت عليها “المسيرة الذهبية”، وحرص الإسرائيليون على سؤال متكرر أين يمكننا متابعة ذلك.
كما اهتمت صحيفة “كيكار هاشبات” بالاحتفالية وأشارت إلى أن انخفاض معدلات الإصابة بفيروس كورونا فى مصر، ساهم فى ظهور الفعالية بصورة حضارية ومرموقة، وبمشاركة كافة فئات الشعب المصرى الذين عملوا على خروج اليوم فى صورة وصفتها بالبهية، كما أكدت حرص الجميع على استثمار الحدث واصفة ذلك بالاستثمار الفكرى.
واهتمت المواقع المحسوبة على التيار المتدين “الحريدي” بالحدث، وأعطته عنوانا مناسبًا لتوجهاتها الدينية؛ “الخروج من مصر: موكب المومياوات فى شوارع القاهرة”، “المسيرة الذهبية الفرعونية”، فى ربط بين الحدث وتزامنه مع عيد الفصح؛ ذكرى خروج بنى إسرائيل من مصر وفقًا للعقيدة اليهودية، مع الإشارة إلى الجدل حول رمسيس الثانى باعتباره فرعون موسى – عليه السلام – أم لا، واصفين الحدث بأنه كان مثيرا لدرجة أنهم تركوا احتفالهم بعيد “الميمونة” لمتابعة الحدث على الهواء.
وانفرد موقع صحيفة “يسرائيل هايوم” بوصف التجهيزات المختلفة والاستعداد الأمنى غير المسبوق، مع شرح تفصيلى لتاريخ المومياوات، وتقنيات التحنيط القديمة التى حافظت عليها لآلآف السنين، مشيدة بآليات الحفاظ عليها حديثًا بأفكار وأياد مصرية خالصة، واصفة جهود وزارة السياحة والآثار المصرية بالعظيمة.
واعتبر أحدهم موقع الصحيفة مجالًا مفتوحًا للتعبير عن رأيه فى واقع إسرائيل السياسى قائلًا: يحافظ المصريون على المومياوات الباقية منهم، وأنتم لا تحافظون على اليهود الأحياء، لاتؤذوا اليهود، لا تؤذوا اليهود …
موقع صحيفة “كيكار هشبات” – أرشيفية
كما عجت مواقع التواصل الاجتماعى العبرية من صفحات شخصية وعامة بمنشورات عن الموكب، خاصة إحدى مجموعة فيس بوك، التى تحمل إسم “مصر القديمة” المهتمة بالحضارة المصرية القديمة خاصة، فوصفته بالمبهر جدا، والمنظم، والدقيق، والمثير، الذى يليق بموكب فرعونى تاريخى نادر، ونقلته فى بث مباشر عن المواقع المصرية.
وأخذت المنشورات تصف المسيرة الذهبية بالنجاح الذى لا يمكن لأحد إلا أن يقف أمامه إعجابًا وانبهارًا بمصر والمصريين، وحماسًا كملايين المتحمسين حول العالم للحضارة المصرية.
وأبدى البعض انبهارًا واضحًا بالأوركسترا الفيلهارمونية ومطربي الأوبرا، كما وصفوا انفعالهم بترانيم المهابة لايزيس باللغة المصرية القديمة بالجنون، وبأنها إبداع وعظمة فى الموسيقى المصرية الأصيلة، واللغة المصرية القديمة التى كانوا يسمعون عنها فقط، والتى أثبتت تفوقها على الزمن، بتناغم فى الحروف وربط فى الكلمات وسجع أكثر من رائع، وأثنوا كذلك على المشاهد المصاحبة للمسلات والمعابد والمواقع المصرية الأخرى.
وأعرب البعض عن إعجابهم الشديد باللحظة المثيرة أثناء عرض لقطة من معبد يهودى تم تجديده وافتتاحه مؤخرًا، وعرض بعض الوصايا التوراتية اليهودية إلى جانب ظهور رئيسة الطائفة اليهودية فى مصر، إلى جانب المسجد والكنيسة، واصفين ذلك بالمساواة الدينية فى مصر.
طرح بعض المتابعين للحدث على البث المباشر فى المجموعة عبر قناة ON TV بعض التساؤلات منها: لماذا أنفقت مصر كل هذه الاموال؟، وهل الحضارة المصرية القديمة تُعبر عن مصر الإسلامية الحالية؟ 
وجاءت الإجابات عليها تحمل المعانى الآتية:
إنه استثمار كبير فى استعراض التاريخ القومي المصرى والربط بين مصر اليوم ومصر القديمة، وتهدف مصر من خلاله لتنشيط السياحة إليها بعد عام الكورونا، لأنها أحد أهم موارد مصر الاقتصادية، ولطالما كانت مصر والنيل نقطة جذب للعديد من الشعوب والثقافات، ولم تنحصر مصر فى يوم من الأيام فى ثقافة واحدة، لا فى حاضرها ولا فى ماضيها.
والمصريون القدماء لم ينفوا من بلادهم ولم يدمروا بفعل أى شعب آخر. لقد اختلطوا مع العرب حتى أصبح شعب مصر اليوم، والمصريين يعتبرون أنفسهم جزءًا لا يتجزأ من الثقافة الفرعونية. كما أن النظام المصرى يستثمر الكثير من الجهد والمال للحفاظ على تراثه الذى يعتبره تراثا وطنيا، كما يفعل مع غيره من تراث الآثار الإسلامية والمسيحية واليهودية أيضًا.
وعلقت إحدى المتابعات بقولها: نقل الغرب المستنير آثارًا من الحضارة المصرية، وعلى الرغم من تفوقهم إلا أنهم لم يستطيعوا الاستحواذ على المشاعر والإعجاب الذى احتكرته مجموعة العمل المصرية لنفسها فى هذا المجال.
الخلاصة
فى ضوء ما سبق، نرى أهمية استغلال هذا النجاح، واستثماره بصورة جيدة، بإتباعه بأحداث مشابهة، وتقديم برامج توعوية وثقافية، للتعريف بمصر الحديثة عن قرب، بعيدًا عما تحمله مواقع التواصل الاجتماعى من آراء مختلفة، قد تقدم صورة مشوهة، أو حتى غير حقيقية، غالبًا ما تنقلها وسائل الإعلام الإسرائيلية عن مصر، دون ذكر لحقيقة ما نقلته، وقد تتعمد أحيانا نقل السلبيات دون الإيجابيات لا لشئ إلا لتثبت للمواطن الإسرائيلى أن هناك ما هو أسوأ، فإذا ما وجدت قنوات رسمية لعرض المعلومات والأحداث يستقى منها الجميع الحقيقة، قد يكون ذلك داعمًا للمجهودات المصرية الساعية لعودة مصر الرائدة، ذات المكانة المتفردة.
* المصادر:
موقع صحيفة كيكار هاشبات
https://www.kikar.co.il/388874.html
موقع حريديم نت
https://haredimnet.co.il/forum.php?pageNum=0&search_real=&id_cat=35&level=1
موقع سورجيم الحريدى
https://bit.ly/3a5HXn9
الموقع الرسمى لهيئة البث الإذاعية العبرية “كان”
https://www.kan.org.il/item/?itemId=103218
موقع صحيفة يسرائيل هايوم
https://www.israelhayom.co.il/article/866849
متابعات خاصة لمواقع التواصل الاجتماعى (تويتر ، فيس بوك).
شاركها.

اترك تعليقاً

Exit mobile version