أصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس قرارا رسميا بتاجيل الانتخابات التشريعية التي كانت مقررة في شهر مايو الجاري، بعدما تسلم رداً اسرائيليا برفض إجراء الانتخابات في القدس الشرقية بسبب عدم وجود حكومة اسرائيلية، إلا أن هذا الرد الذي جاء في اليوم الأخير قبل بداية الدعاية الانتخابية حسب جدول الانتخابات، لم يكن مقنعا حيث إن الحكومة الإسرائيلية التي تسير الأعمال حاليا، هي نفسها التي تصدر قرارات الاستيطان وتستولي على المنازل الفلسطينية والعقارات في القدس الشرقية وتقمع المواطنين. وهذا الرد يحمل في طياته تهربا للأسباب التالية :
"بينيامين نتنياهو" - أرشيفية
“بينيامين نتنياهو” – أرشيفية
1- إن الرفض الإسرائيلي الرسمي يعني مخالفة الاتفاقيات الموقعة مع الجانب الفلسطيني والتي تنص على اجراء الانتخابات في القدس الشرقية كما جرت سابقا عامي (1996،2006)، وهذا يضع اسرائيل في مواجهة مع المجتمع الدولي حيث إنها تزعم من البداية أنها لا تتدخل في الانتخابات الفلسطينية، لذلك كان ردا بمناورة عدم وجود حكومة باسرائيل.
2- إن نتنياهو الذي يشكل حكومة يمينية معتمدا على أحزاب حريدية ومتطرفة وقد يذهب الى انتخابات خامسة، لايمكن ان يعطي موافقة تفكك له ائتلافه وتضعه في مواجهة مع حلفائه كما خصومه.
3- نتنياهو يدرك أن ماحصل عليه من الإدارة الأمريكية السابقة (ترامب) والاعتراف بالقدس موحدة عاصمة لاسرائيل، سوف يخسره بمجرد الموافقة على اجراء الانتخابات الفلسطينية في القدس الشرقية، وهو يخشى أنه يذكره التاريخ بأنه اعترف باحتلال القدس منذ عام 1967.
4- نقل الخلاف الى الفلسطينين حيث تدور حملة ممنهجة ومدعومة من أطراف تتوافق مع المسعى الاسرائيلي للخلاص من القيادة الفلسطينية التي وقفت بوجه صفقة القرن.
تبعات تأجيل الانتخابات الفلسطينية
برغم أنه لا يختلف أحد عن أن الانتخابات في القدس جزء أساسي من الاتفاق الذي جرى بالقاهرة يوم 8 فبراير 2021 ووقعت عليه الفصائل الفلسطينية بما فيها حماس حيث أشار البند الثاني من الوثيقة إلى وجوب إجراء الانتخابات في القدس والضفة الغربية وغزة بدون استثناء، إلا أن قرار التأجيل قد جلب هجوما من أطراف فلسطينية من باب المزايدات، فيما تهدف أطراف أخرى الى زعزعة الثقة في القرار والترويج الى أن السبب هو خشية أبو مازن من الخسارة كما روجت نفس الأسباب إسرائيل عبر إعلامها الممول.
إسماعيل هنية – صورة أرشيفية
مبررات رفض التأجيل
تنوعت المبررات وكلها كانت تحمل التناقضات حيث تشير الى أهمية إجراء الانتخابات في القدس وفي نفس الوقت ترفض تأجيلها وتتذرع بأن هناك طرقا أخرى لإجرائها في القدس، حيث صرح هنية بأن بالإمكان وضع صناديق الاقتراع في المساجد والكنائس وهكذا إحراج للاحتلال، بينما اتجهت قوائم أخرى الى الادعاء بأنه يمكن وضعها في القوائم، قائمة المستقبل التابعة لدحلان وقائمة الحرية التابعة لناصر القدوة.
للوهلة الاولى، يعتقد من يُفكر بطريقة سطحية أن هذه مبررات محقة ولكن في حقيقة الأمر أن المشكلة هي الإجابة على التساؤل التالي: هل الانتخابات في القدس عملية إجرائية ذات بعد فني أم هي سياسية بالدرجة الأولى، حيث إن الانتخابات الفلسطينية تحمل بعدا وطنيا بالدرجة الأولى وهي الاعتراف الضمني من إسرائيل بأن القدس الشرقية مازالت منطقة نزاع ضمن الأراضي المحتلة عام 67، كما أن التعامل مع المقدسيين كجالية أجنبية تقترع في سفارات تعتبر أراضٍ خاضعة لسيادة دول أو مؤسسات دولية، تعني اعترافا بأنهم ليسوا أصحاب المكان وأنهم جالية تعيش في القدس.
الخلاصة :
1- تأجيل الانتخابات سيؤدي إلى حراك دولي مرة أخرى سيضع القدس في مقدمة الاهتمامات وربما يصدر رد فعل للأمم المتحدة والدول الأوروبية (ألمانيا ، وفرنسا، وإيطاليا، وأسبانيا) التي أكدت في بياناتها أهمية إجراء الانتخابات ودعت إسرائيل الى عدم عرقلتها وإجراءها أيضا في القدس الشرقية.
2- كشف هذا القرار أشكال التحالفات الإقليمية التي تسعى الى إضعاف حركة فتح والضغط على الرئيس الفلسطيني بهدف إخضاعه وهذا كان واضحا في دعمهم لقوائم شكلت رأس الحربة في مواجهة قرار التأجيل.
3- قد يكون هناك في الفترة القادمة محاولات تستهدف زعزعة الاستقرار الداخلي من مرشحي قوائم عبر دعوات تشكيل إدارات بديلة عن السلطة ومنظمة التحرير بدعوى تأجيل الانتخابات.
4- نجاح تشكيل حكومة في إسرائيل سيسهم في زعزعة الموقف الإسرائيلي ونقل الضغط باتجاه الحكومة الاسرائيلية لإجبارها على الالتزام بالاتفاقيات الموقعة مع الفلسطينيين والسماح بإجراء الانتخابات في القدس الشرقية.
شاركها.

اترك تعليقاً

Exit mobile version