تشكل الائتلاف الحكومي الجديد في إسرائيل برئاسة زعيم حزب يمينا نفتالي بينيت، وهو ائتلاف هش نظرٍا لأنه يضم ثمانية أحزاب تمثل أطيافا سياسية وأيديولوجية مختلفة، بما يعني أن السياسة الإسرائيلية الداخلية والخارجية ستشهد تحولات كبيرة، ربما لن يتحملها الائتلاف الجديد، الذي لا يقوم على أسس متينة أو برامج سياسية متقاربة، بل إن عوامل الفُرقة والخلاف فيه أكثر من عوامل الوحدة والتلاحم. لذا يعول نتنياهو وباقى أعضاء المعارضة على احتمال سقوط حكومة بينيت عند أول اختبار حقيقي، ليكون السيناريو الأقرب هو خوض انتخابات خامسة.
حكومة
يائير لابيد ونفتالى بينيت – صورة أرشيفية
ملامح الحكومة الجديدة:
أ‌- استمرار سيطرة اليمين المتشدد على مراكز صنع القرار، حيث سيقوده نفتالي بينيت، وهو أول رئيس وزراء متدين في تاريخ إسرائيل، وهو أيضا زعيم أصغر حزب على الإطلاق. كما أنه يُعدُّ أول رئيس وزراء في تاريخ إسرائيل، من دون أن يحصل على تفويض من رئيس الدولة بتشكيل الحكومة.
ب- تبني وزير الخارجية يائير لبيد، مواقف يمينية، ومن ثم فلن يكون له تأثير على رئيس الحكومة  اليميني المتشدد نفتالي بينيت، في حال اتخذ إجراءات لتوسيع المستوطنات في الأراضي الفلسطينية، أو تبنى سياسة عنصرية ضد العرب داخل أراضي الـ 48. كما أن وزير العدل جدعون ساعر المنشق عن حزب الليكود، ووزيرة الداخلية أييلت شكيد المُنتمية لحزب يمينا المتطرف، سينتهجان سياسة متشددة تجاه القضايا العربية.
ج- حرص رئيس حزب إسرائيل بيتنا “أفيجدور ليبرمان”، على تولي حقيبة المالية لفرض رؤيته إزاء تقليص ميزانية المنتمين للأحزاب اليهودية المتشددة (الحريديم)، إذ يتوعدهم بتقليص الميزانيات الخاصة بهم، كما يتينى ليبرمان مواقف متشددة ضد العرب.
د- استمرار وزير الدفاع بني غانتس – رئيس حزب أزرق أبيض في نفس منصبه الحالي ضمن الائتلاف الجديد، وهو أيضا سيواصل سياسته المتشددة ضد الفلسطينيين حتى بعد عملية “حارس الأسوار” التي شنها على قطاع غزة.
 ه- محدودية قدرة الحزبين اليساريين المشاركين في الائتلاف، وهما العمل وميرتس، على التأثير في توجهات الحكومة لأنهما لم يحصلا على وزارات سيادية ولن يكونا قادرين على فرض أجندتهما السياسية. أما الحزب العربي الوحيد المنضم للائتلاف فلن يكون له ثقل سياسي، وكل ما حققه هو مجرد وعود بمكاسب مادية واعتبارية دون الحصول على أي وزارة حكومية.
تحديات الحكومة الجديدة:
إن حكومة بينيت التى نالت ثقة الكنيست يوم الأحد الموافق 13/6/2021 تكاد تكون أضعف الحكومات الإسرائيلية على الإطلاق، فضلا عن أنها جاءت فى ظل انقسام سياسى وتمزق اجتماعى غير مسبوق، وهو ما قد يؤدي ليس فقط لاغتيالات سياسية، بل لاندلاع حرب أهلية بين اليهود أنفسهم إضافة إلى اشتعال الفتنة الطائفية بين اليهود والعرب داخل حدود الـ 48. ولذا فإن حكومة بينيت تواجه العديد من التحديات.
منصور عباس وإيليت شاكيد – أرشيفية
أولا: تحديات داخلية:
1- هشاشة الائتلاف الحكومي لأنه يتكون من أحزاب ذات أجندات مختلفة ومتضاربة، فعند أول أزمة تشريعية لا سيما فيما يخص الدين والسياسة مثل السماح بالمواصلات العامة يوم السبتت أو تجنيد الحريديم أو إخلاء البؤر الستيطانية ستندلع الخلافات التي قد تُسقط الحكومة. ويُعد قانون القومية قنبلة موقوتة أيضا لأن حزب ميرتس ينوي تقديم مشروع قرار بإلغائه.
2- عدم الخبرة لدى بينيت ولابيد ومعظم الوزراء باسثناء غانتس وليبرمان، وكل أحزاب المعارضة سيضعون العراقيل والتحديات أمام تلك الحكومة، وقد تستغل حماس تلك الحقيقة
3- انتهاء ما يسمى بالتعايش بين العرب واليهود بعد أحداث العنف والكراهية بين الطرفين خلال العدوان الأخير على قطاع غزة، وبعدما أثبت عرب إسرائيلي أنهم متمسكين بولائهم وانتمائهم للقضية الفلسطينية.
ثانيا: تحديات خارجية:
1- تنامي القدرات العسكرية للفصائل الفلسطينية، وهو ما سيدفع حكومة بينيت للسعي بكل السُبل من أجل إضعاف حركتي حماس والجهاد الإسلامي، بعدما أثبتت الحرب الأخيرة أن الحركات الفلسطينية المسلحة تزداد قوة يوما بعد يوم، وهو ما كبد إسرائيل أضرارا جسيمة مادية وبشرية، وأجبر ملايين الإسرائيليين للاحتماء بالملاجئ خلال 11 يوما هي مدة الحرب بين الطرفين.
2- إصلاح العلاقات مع الولايات المتحدة بعدما أفسدها رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو تمسكه بالحزب الجمهورى وصداقته الشديدة بالرئيس ترامب واستعدائه للديمقراطيين.
3- السعي لاستعادة مكانة إسرائيل في المنطقة بعدما فقدت عامل الردع والتفوق العسكري أمام الفصائل الفلسطينية المسلحة. لذا ستحاول حكومة بينيت تحسين صورة إسرائيل أمام دول التطبيع، لا سيما في دول الخليج التي أقنعت قادتها بأنها ستحميهم من الخطر النووي الإيراني.
يحيى السنوار – صورة أرشيفية
4- عودة القضية الفلسطينية لتحتل الصدارة على الأجندة الإقليمية والدولية، بعدما تمكن نتنياهو والرئيس الأمريكي السابق ترامب من تهميشها. إلى جانب ظهور معادلة فلسطينية جديدة وهي تلاحم جميع الفلسطينيين في داخل إسرائيل وفي الضفة والقطاع وتبني موقفا موحدا ضد الإطماع والممارسات الإسرائيلية.
خلاصة القول، إن المشهد السياسي في إسرائيل يمر بمرحلة غير مسبوقة من التحول والتغيير التي تصب في صالح الفلسطينيين والعرب عموما، ولا بد من استغلال تلك المرحلة لتغيير معادلة الصراع مع العدو الإسرائيلي. كما يجب على الفصائل الفلسطينية أن تسارع بنبذ خلافاتها والترفع عن المصالح الخاصة حتي يمكن استرداد الحقوق المُغتصبة.
 كما يجب استمرار الوساطة المصرية لتحقيق المصالحة الفلسطينية في أقرب وقت ممكن، واختيار قيادة فلسطينية ممثلة من جميع الفصائل، تمهيدا لإعادة إعمار القطاع ورفع المعاناة عن كاهل المواطنين الفلسطيننين في جميع الأراضي المحتلة.
شاركها.

اترك تعليقاً

Exit mobile version