مقدمة:
حظيت أزمة سد النهضة باهتمام إيراني مبكر ومتابعة يومية لجميع تطوراتها، منذ عام 2011م؛ فعالجتها الصحف ووكالات الأنباء على مواقعها ومنصاتها الإليكترونية كما تناولتها بعض إصدارات مراكز البحوث بالدراسة والتحليل، منها: دراسة رصينة كتبها، منذ وقت مبكر، بهرام امير احمديان الباحث في الشئون الجيوسياسية، بعنوان: القرن الأفريقي والأمن القومي الإيراني، بمجلة أفريقا الفصلية المتخصصة في الشئون الأفريقية، عام 2002م، التي يصدرها مكتب الدراسات السياسية والدولية التابع لوزارة الخارجية، (تعريف له بالملحق) ودراسة أخرى كتبها الباحث مهدی آشنا على موقع معهد تبيان الاستراتيجي بعنوان: نزاع سد النهضة وتأثيره على معادلات القوة بغرب آسيا.
ناهيك عن كثير من المقالات التي كتبها خبراء ومتخصصون في هذا الشأن، منها مقال كتبه مجتبى أماني رئيس مكتب رعاية المصالح الإيرانية الأسبق بالقاهرة، بعنوان: سد النهضة الإثيوبي وتأثيراته السياسية والإقليمية ونشره موقع مكتب الدراسات السياسية والدولية التابع لوزارة الخارجية الإيرانية، بتاريخ 30 أبريل 2021م، ومقال آخر كتبه في الآونة الأخيرة صبري انوشه الخبير في شئون شمال أفريقيا، ونشره موقع وكالة تسنيم التابعة للحرس الثوري، بتاريخ 3 مايو 2021م، تحت عنوان: هل يتجه القرن الأفريقي نحو الحرب؟
سد النهضة
الاهتمام الإيرانى بسد النهضة الإثيوبى – أرشيفية
ويقف وراء هذا الاهتمام الإيراني بأزمة سد النهضة أسباب منطقية عديدة، أهمها:
أولا: حرص إيران الدائم على متابعة كل ما يدور بمنطقة شمال وشرق أفريقيا، ودراسة مدى تأثيراتها وانعكاساتها الإقليمية؛ استنادا إلى أن هذه المنطقة تدخل ضمن دوائر الأمن القومي الإيراني. وبالتالي فإن الخلاف بين إثيوبيا ومصر والسودان حول ملء وتشغيل سد النهضة، لن تقتصر تطوراتها وتبعاتها على كل شمال أفريقيا، بل ستؤثر أيضًا على معادلات توازن القوة بغرب آسيا. [1]
ثانيا: أن إيران سوف تواجه أزمة مياه مماثلة؛ بسبب وجود أنهار حدودية بينها وبين بعض الدول المتاخمة لها، وبالتالي فإن مراقبة تطورات أزمة سد النهضة تحظى باهتمام خاصة لاستخلاص الدروس منها. صحيح أن المقارنة بين إيران ومصر في هذا الصدد هي قياس مع الفارق؛ لأن النيل يكاد يكون هو المصدر الوحيد للمياه العذبة بمصر، فضلا عن أنه نهر دولي يمر عبر خمس دول أخرى قبل أن يصل إليها، ويخضع للقوانين الدولية. في حين أن الأنهار التي تمتد إلى إيران هي أنهار عابرة للحدود، تأتي إليها من الأراضي الأفغانية، والتركية، وتمثل في مجملها أقل من 10% من موارد المياه العذبة في إيران التي تأتي إليها من الخارج. غير أن السدود التي شُيدت أو سيتم تشييدها على هذه الأنهار في المستقبل القريب، سوف يكون لها تأثير مباشر على إيران على المدى الطويل.
ولو تبصرنا قليلا في معظم المعالجات العلمية الجادة لأزمة سد النهضة، فسيتضح لنا أنها تعكس في مجملها المدركات الإيرانية لهذه الأزمة، من كونها أزمة جيوسياسية تقع بمنطقة ذات مكانة وأهمية استراتيجية، يلعب فيها الكيان الصهيوني دورا تآمريا، كما تلعب واشنطن فيها دورا بطيئا يلفه الغموض. ولكن كلاهما يستهدف تحويل منطقة حوض النيل إلى بؤرة توتر لإخضاع مصر وكبح تطلعاتها للقيام بأي دور مؤثر، لابتزازها والضغط عليها لتمرير مياه النيل إلى صحراء النقب، عبر صحراء سيناء.
العلاقات الإيرانية – الإفريقية “أرشيفية”
والملفت للنظر أن الرأي العام الإيراني، يعكس بدوره جانبا مهما من المدركات الإيرانية، والتي يمكن تلخيصها في النقاط التالية:
  • أن الهدف الأساسي من وراء بناء هذا السد هو ضمان السيطرة الدائمة على مصر
  • أن الصهاينة يريدون السيطرة على العالم الإسلامي من باب القحط والجفاف، أي أن حرب المياه ليست صدفة
  • ما كان لإثيوبيا أن تقيم السد بدون مساعدة إسرائيل والولايات المتحدة
  • أن الحق دائما مع القوة، ومصر لديها الحق في ضرب السد وتدميره
أولا: مدركات الأزمة
تتلخص المدركات الإيرانية لأزمة سد النهضة في أربعة أبعاد مهمة، تستند بطبيعة الحال على تصورات طهران الإستراتيجية، ومفاهيم الأمن القومي الإيراني ودوائره المتعددة، ومدى تأثير هذه الأزمة على تلك الدوائر، فضلا عن انعكاسها على المصالح الإيرانية بشكل عام، وعلى منطقة شرق وشمال أفريقيا بشكل خاص. ولعل هذا ما نوضحه على النحو التالي:
  1. المكانة الاستراتيجية للمنطقة
تحظى منطقة البحر الأحمر بمكانة بالغة في التصورات الإيرانية الاستراتيجية؛ نظرا لأنها تدخل ضمن دائرة الأمن القومي الإيراني، من حيث إنها كتلة جيوسياسية مرتبطة بكتلة مناظرة لها هي كتلة الخليج العربي. وتضم مضيق باب المندب وقناة السويس، التي تعد أسهل وأقرب طرق الملاحة بين القارات الثلاث، وتنتفع منها كل القوى الكبرى بالعالم؛ مثل الصين والهند اللتان تمثلان نصف عدد سكان الكرة الأرضية، كما أنها تسعف الولايات المتحدة الأمريكية في نقل قواتها إلى جزيرة دييجو جارسيا في لحظات اشتداد تنافس روسيا والصين معها على حماية البحار التابعة لها. [2]
كما تحظى منطقة القرن الأفريقي، التي تبلغ مساحتها حوالي 4,441,79 كم تقريبا، وتضم جيبوتي والصومال وإريتريا وإثيوبيا والسودان، بذات الاهتمام إيراني من حيث إنها المنطقة المطوقة للبحر الأحمر ومضيق باب المندب، وتمثل حلقة وصل استراتيجية مهمة بين مسارات حركة الملاحة العابرة من المحيط الهندي إلى القارة الأوروبية عبر البحر الأبيض المتوسط مرورا بقناة السويس. فضلا عن أن القرن الأفريقي بشكل عام يمثل بوابة آسيا والشرق الأوسط إلى دول شرق ووسط أفريقيا، الأمر الذي جعل هذه المنطقة محط اهتمام القوى الفاعلة بالعالم كله. [3]
وعلى الرغم من هذه الأهمية التي تتمتع بها منطقة القرن الأفريقي، إلا أنها تشهد الكثير من الاضطرابات الداخلية والتحديات الأمنية؛ فالسودان مثلا انقسم إلى نصفين ولا يزال يعاني من أزمة دارفور، وإثيوبيا مهددة بالانهيار والتفكك بسبب الصراعات العرقية، ولديها توترات حدودية مع كل من إريتريا والسودان وكينيا والصومال، كذلك إريتريا لديها توترات مماثلة مع جيبوتي، فضلا عن سيطرة حركة الشباب المسلم على الصومال. حتى باتت منطقة القرن الأفريقي كلها عرضة للضعف والتفكك، بل ومهددة على الدوام باحتمال نشوب صراعات عسكرية وفي أي وقت.[4]
وقد أدت هذه الأوضاع المضطربة إلى إضعاف الجهود الإيرانية، على مدار العقود الماضية، الرامية لأن تصبح إيران شريكا اقتصاديا لدول القرن الأفريقي، سواء كان ذلك عبر الاستغلال المناسب للإمكانيات الاقتصادية الكبيرة التي تذخر بها هذه الدول، أو عبر إفساح المجال أمام ضخ الاستثمارات اللازمة لتوسيع العمق الاستراتيجي الإيراني بمنطقة القرن الأفريقي وشمال أفريقيا. بل إن هذه المنطقة أصبحت تمثل تهديدا محتملا للمصالح الإيرانية في المستقبل المنظور، في ظل تزايد احتمالات نقل عناصر من داعش إليها؛ خاصة بعد هزيمة التنظيم بالعراق وسوريا. [5]
التوغل الإيرانى داخل إفريقيا – أرشيفية
إلى جانب أن القرب الجغرافي النسبي بين إيران ومنطقة القرن الأفريقي وشمال أفريقيا، يجعل لكل ما تشهده دول هذه المنطقة من قضايا ونزاعات، أصداء تنتقل انعكاساتها تلقائيا إلى منطقة غرب آسيا، لدرجة أن العديد من المحللين يعتبرون كلا من منطقتي غرب آسيا وشمال أفريقيا منطقة أمنية واحدة. ومن هذا المنطلق فإن أزمة سد النهضة في المدرك الإيراني سوف تؤثر تلقائيا على معادلات توازن القوة بمنطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا، مثل معادلة التوازن بين الكيان الصهيوني المعادي للدول الإسلامية، ومعادلة المحور المساند للإخوان في مقابل المحور المعادي له، فضلا عن معادلة التوازن بين محور المقاومة في مقابل محور الاعتدال.[6]
خاصة أن ليبيا تحولت، في غضون السنوات الأخيرة، إلى ساحة تنافس شديد بين محور الإخوان في تركيا وقطر، مع محور مصر والسعودية والإمارات، وهنا يمكن القول إن الدعم السعودي لمصر والسودان بشأن سد النهضة من شأنه أن يعزز التعاون بين الدول الثلاث لإنشاء نظام قانوني لمنطقة البحر الأحمر، ومن ثم مواجهة نفوذ دول أخرى مثل تركيا وإيران وقطر في شمال أفريقيا.[7]
  1. أزمة جيوسياسية
تدرك إيران أن أزمة المياه العذبة أصبحت اليوم قضية جيوسياسية سوف بكون لها مردود سلبي على جملة التفاعلات البينية بين الدول. خاصة أن مسألة ندرة المياه والجفاف أصبحت من الأزمات الخطيرة التي تواجهها كثير من دول العالم. وتشير تفاعلات العلاقات الدولية، في القرن الحادي والعشرين، إلى أن الدول قد تضطرها مصالحها الوطنية الحيوية والمعطيات الجديدة، إلى تجاهل الالتزام بالاتفاقيات السابقة. وإذا أصبح أمنها القومي معرضا للتهديدات أو الأخطار الجسيمة بالمعنى العام، فمن المحتمل أن تُنحي الاتفاقيات السابقة جانبا؛ كي تتجنب المزيد من هذه الأخطار أو الخسائر الوطنية. ولا تُستثنى مصر وإثيوبيا من هذه القاعدة. [8]
إن مشكلة ندرة المياه ونقصها التدريجي؛ جعل المياه تلعب دورًا أساسيًا في تشكيل العلاقات الاجتماعية والسياسية بين الدول والمجتمعات البشرية، لا سيما بالمناطق القاحلة من العالم، خاصة بعد أن صار حل المنازعات الدولية الناجمة عن تفاقم أزمات المياه أمرًا صعبًا؛ وربما يعود ذلك لسببين على الأقل:
الأول: لا يوجد حاليًا قانون دولي واضح وحاسم لحماية المياه وتقاسمها بين الدول وأصحاب المصالح، فثلث أنهار العالم، ومنها نهر الدانوب بأوروبا، تخضع لاتفاقيات محلية وإقليمية محددة. على الرغم من أن اتفاقية هلسنكي لعام 1966، بشأن استخدام الأنهار الدولية، نصت على أن لكل دولة الحق في استخدام مياه الحوض الدولي بشكل عادل داخل حدودها.
الثاني: أزمات المياه هي أزمات جيوسياسية، على عكس الأزمات السياسية التي يمكن حلها بسهولة في الاجتماعات، فهي طويلة الأمد ولا يمكن حلها بسهولة؛ لأنها تعد بمثابة خلافات على المياه بوصفها قيمة جغرافية. وتعد القيم الجغرافية في بلد ما جزءا من المصالح الوطنية، التي لا يمكن للحكومات المتاجرة بها أو المساومة عليها. ولذلك تطعن إثيوبيا وبعض دول المنبع الأخرى في مطالبات مصر بحقها التاريخي في مياه نهر النيل، بزعم أنها تسعى إلى استغلال أكثر إنصافًا لموارد هذا لنهر.[9]
ومن ناحية أخرى، كان توقيت البدء في تشييد سد النهضة يمثل عاملا مساعدا في المضي قدما نحو استكماله؛ إذ انطلق العمل به في أعمق لحظات ضعف مصر، والتي أتت عليها بعد أن فقدت على مدار الأربعين عامًا الماضية، العديد من قدراتها الناعمة والصلبة، والتي فشلت ثورة يناير 2011م، في استعادتها لمصر مرة أخرى، بوصفها دولة عربية وأفريقية مهيمنة[10]. إضافة إلى أن الكيان الصهيوني كان له دور كبير في ذلك، من حيث تقديم الدعم والمساعدة لإثيوبيا من خلف الكواليس لبناء هذا السد، بُغية التحكم في موارد مصر والسودان المائية؛ ومن ثم كسب نفوذ مضاد لهما، خاصة فيما يتعلق بالقضايا الفلسطينية.[11] 
وفي هذا الإطار، باتت مصر تواجه ثلاثة تحديات استراتيجية مؤثرة على أمنها القومي، تمثلت الأول في القضية الليبية، التي اتخذت أبعادًا جديدة بفعل التدخل التركي، والثاني قضية تأمين سيناء وامتدادها إلى قطاع غزة من الإرهابيين، والثالث قضية سد النهضة التي تسببت في زيادة قلقها على أمنها المائي[12]
وبدا الأمر كما لو كان عليها أن تقبل بسد النهضة كحقيقة واقعة لا رجعة فيها، وهو أمر سيخلق بدوره أزمات إقليمية أخرى، لأن إثيوبيا فرضت نفسها، بهذا السد، كقوة إقليمية مقارنة بمصر، مستخدمة قوتها الاستراتيجية لإدارة الأزمة. كما أنها لن توقف استكمال بناء هذا السد، بل ستستخدم نفوذها الجديد في بناء سدود أخرى على النيل لحرمان مصر من حصة أكبر من المياه، الأمر الذي سيحرم مصر في النهاية من أمنها المائي والغذائي. وهذا ما سيؤدي إلى تدفق الكثير من الثروة لأديس أبابا، والتي يمكن استخدامها في بناء ترسانتها الحربية[13].
وهنا يمكن الإشارة إلى أن المرونة التي أبدتها القيادة السياسية المصرية فيما يخص القضية الليبية، وإعادة فتح سفارتها بطرابلس، تمثل استعداداً مصريا للتفرغ لأزمة أكبر، تسمى أزمة سد النهضة، التي تنهار حيالها كل خيارات الحل السلمي المرة تلو المرة. كما أن “وقوف مصر والسودان في خندق واحد ضد التعنت الإثيوبي سيمثل نقطة تحول حاسمة في أي حرب مستقبلية معها.[14]
خاصة أن السودان يواجه مشكلة من نوع آخر. مع جنوب السودان، الذي انفصل عنه في عام 2011، وأصبح النيل الأبيض يتدفق إلى السودان، عبر أرض دولة جنوب السودان الجديدة. وليس من المستبعد أن تبني دولة جنوب السودان هي الأخرى سدًا على النيل الأبيض في المستقبل؛ خاصة في ظل تزايد عائداته النفطية الهائلة والدعم الغربي لها.[15]
  1. العلاقات الإيرانية – الإسرائيلية، وتضارب المصالح فى إفريقيا – أرشيفية
    التآمر الصهيوني
تدرك إيران أن القارة الأفريقية، في مقولات منظري الكيان الصهيوني السياسيين والاستراتيجيين، تمثل عمقًا استراتيجيًا لإسرائيل وحزامًا أمنيًا مؤاتيا لها؛ لتطويق العرب، كما أنها تمثل بالنسبة لها ساحة مناسبة لتوسيع نفوذها الإقليمي والدولي. إذ رأى دافيد بن غوريون، أول رئيس وزراء للكيان الصهيوني، أن أفريقيا تمثل ثقلا موازيا أو مضادا للعالم الإسلامي، ومن ثم يتعين على إسرائيل تعزيز علاقاتها بالدول غير العربية في هذه القارة وتعزيز قدراتها؛ وخلق انقسامات طائفية وعرقية ودينية داخل المجتمعات العربية، وصرفها عن الصراع مع إسرائيل. وبناء على هذا انطلقت المساعدات الإسرائيلية لأفريقيا على نطاق واسع منذ الخمسينيات والستينيات.[16]
ومنذ أن اعترفت إثيوبيا بإسرائيل، والجهود الإسرائيلية لم تتوان لإقامة علاقات مع دول أفريقية أخرى. كذلك الأمر، أسهمت زيارة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لأديس أبابا، في اختلاق أزمة بين مصر وإثيوبيا تصب في مصلحة إسرائيل الخاصة. كما أسهمت الاحتجاجات التي شهدتها مصر عام 2011م، لأن يسارع الكيان الصهيوني إلى تقديم الدعم الكامل لإثيوبيا وإرسال مهندسين إليها للمساعدة في بناء سد النهضة. وهنا يمكن القول إن إسرائيل نجحت في تحقيق عدد من الأهداف، منها:
  • الحفاظ على إثيوبيا كبوابة لها إلى أفريقيا.
  • محاصرة موارد مصر والسودان المائية، وبعبارة أخرى، الضغط في مجال الموارد المائية
  • اختلاق أزمة أخرى بمنطقة شمال أفريقيا، بين دول حوض النيل
  • خلق أزمة مياه لمصر بهدف زيادة توتر الوضع الداخلي وبشكل دائم
  • الوصول للأسواق الأفريقية الأخرى، وتعزيز المصالح الاقتصادية معها خاصة تجارة الماس
  • تحويل إثيوبيا، ثاني أكبر دولة في أفريقيا من حيث عدد السكان، سوقًا استهلاكية جذابة للمنتجات الإسرائيلية
  • عدم السماح لمصر بزيادة أو استعراض قوتها في صحراء سيناء.
  • تلبية احتياجاتها من المياه. وقد عبر بن جوريون في عام 1956م، بأننا “دخلنا في حرب مياه مع العرب” وتصريح موشيه ديان، بعد حرب 1967م، بأن “مصير مستقبل إسرائيل رهن بقضية المياه” عن مدى أهمية المياه لهذا الكيان، والذي أصبح اليوم أكثر احتياجا إلى موارد مائية جديدة. وبحسب قادة تل أبيب فإن هذا الكيان يواجه أزمة مياه حادة؛ بسببالنمو السكاني والتنمية الصناعية والحاجة إلى التوسع في الرقعة الزراعية. وربما يكون نهر النيل جزءا من الحل، وفق ما كان يعتقده مؤسسو الكيان. [17]
  • الضغط على مصر لإبداء المرونة اللازمة في سياساتها، وخاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
  • فرض حصار اقتصادي على دول ساحل النيل، خاصة أن السد الإثيوبي سيؤدي إلى تدمير أكثر من نصف موارد مصر المائية، ومن ثم تدمير الزراعة المصرية، التي تعتمد بشكل أساسي على النيل.
  • تحقيق خطوة نحو السيطرة على المياه الإقليمية في العالم العربي.
وهو الأمر الذي قد تكون له عواقب وخيمة على الأمن القومي العربي، خاصة أن المساعي الإسرائيلية لتوسيع نفوذها بشمال أفريقيا والسيطرة على مواردها المائية يمكن أن يغير موازين القوى في غرب آسيا لصالح الكيان الصهيوني على حساب إيران وتركيا أيضا. [18]
ولعل ما يعزز فرضية التآمر الصهيوني في تأجيج أزمة سد النهضة، هو أن تل أبيب هي التي تقف وراء نشر صواريخ إثيوبية جديدة لحماية السد؛ نظرا لأن الكيان الصهيوني لا يريد أي استقرار لمصر أو السودان. كما أنها هي التي تقف وراء التعنت الإثيوبي وتحريض آبي أحمد على رفض الحلول السلمية. [19]
  1. البطء الأمريكى – أرشيفية
    البطء الأمريكي
تدرك إيران أن الولايات المتحدة، وهي حليف رئيسي آخر لإثيوبيا، يقدم لها مليار دولار سنويا لمساعدتها على التنمية، وأن إثيوبيا حليف قديم للولايات المتحدة في حربها ضد الجماعات الإسلامية المتشددة وخاصة حركة الشباب في الصومال، منذ عام 2006م،
وأن تقسيم الأدوار بين الولايات المتحدة والكيان الصهيوني بشأن سد النهضة يبدو واضحا؛ بغرض ممارسة الضغوط على مصر، لصالح إسرائيل التي تسعى لضم الضفة الغربية. فهي تدعم إثيوبيا من جهة. بينما تتطلع مصر، من جهة أخرى إلى استقطاب الدعم السياسي الأمريكي لصالحها. ولعل هذا هو الذي يمنع مصر من أن ترد بشكل مستقل على محاولات إسرائيل ضم الضفة الغربية. وعلى الرغم من هذا، لم تتوصل الوساطة الأمريكية إلى نتيجة، كما فشلت الدول الأوروبية وحتى الدول العربية إلى الآن، في إنهاء النزاع بين مصر والسودان وإثيوبيا بشأن تقسيم موارد مياه النيل وكيفية ملء وتشغيل سد النهضة. ومن ثم تتوارد تقارير مختلفة تفيد أن مصر وإثيوبيا تستعدان لمواجهة عسكرية. ووفقا لهذه التقارير فإن الولايات المتحدة وإسرائيل تقفان إلى جانب إثيوبيا في هذا الصراع.  وفي المقابل، تساند السعودية الموقف المصري.[20]
صحيح أن الولايات المتحدة رعت جولة مفاوضات بواشنطن، في نوفمبر 2019م، وفبراير 2020م، بحضور مسؤولين من مصر والسودان وإثيوبيا، كما التقى بهم الرئيس دونالد ترامب بالبيت الأبيض، وحاولت واشنطن أيضا ممارسة ضغوط اقتصادية ومالية لإقناع الأطراف الثلاثة بحل خلافاتهم بشأن السد، إلا أن مساعيها تلك تبددت بسبب انسحاب إثيوبيا المفاجئ من المفاوضات.[21]
ومن ناحية أخرى، فإن إدارة بايدن ليس لها صداقات كثيرة مع القادة المصريين؛ بل إنها تعتبرهم حلفاء لترامب، ولديهم أيضًا حالة خطيرة من انتهاكات حقوق الإنسان، لذلك قررت رفع العقوبات التي سبق أن فرضتها إدارة ترامب على إثيوبيا؛ بسبب امتناعها عن التوقيع على الاتفاق الذي تم التوصل إليه في واشنطن برعاية ترامب وصندوق النقد الدولي. والأهم من ذلك أنه إذا أرادت إدارة بايدن فرض عقوبات على النظام الإثيوبي فسيكون بسبب انتهاكات حقوق الإنسان في منطقة تيجراى، وليس بسبب موقفه المتعنت من قبول الحلول السلمية لأزمة سد النهضة.[22]
ثانيا: الموقف المصري
عالجت الكتابات الإيرانية الموقف المصري حيال أزمة سد النهضة الإثيوبي التي تسببت في توتر العلاقات بين القاهرة وأديس أبابا، من حيث أهمية النيل بالنسبة لمصر، والأضرار التي سوف تترتب على بناء سد النهضة دون إبرام اتفاق ملزم لإثيوبيا وفقا للقوانين الدولية، فضلا عن تطورات الموقف السياسي لمصر. وهذا ما نُلقي الضوء عليه بإيجاز على النحو التالي:
  1. أهمية النيل لمصر
تدرك إيران أن نهر النيل هو شريان الحياة لمصر، وأنه كان على الدوام رسول سلام واستقرار لها، وتقوم الحياة المصرية كلها عليه، ولكن سد النهضة، الذي تبنيه إثيوبيا منذ عام 2011 على النيل الأزرق، سوف يشكل في المستقبل تهديدًا خطيرًا لكل من مصر والسودان خاصة إذا انخفض نصيبهما من المياه بسبب هذا السد. نظرا لأن أكثر من 90٪ من المصريين يعيشون على طول ضفتي نهر النيل، وهذه سمة خاصة بمناخ مصر وسكانها. ولا يمكن لأحد العيش في مناطق أخرى من مصر بعيدة عن هذا النهر، إلا إذا كان لديه على أقل تقدير بنية تحتية كافية. كما أن حوالي 90٪ من موارد البلاد المائية تأتي إليها من نهر النيل، مما يدل على أهمية هذا النهر لحياة مصر واقتصادها، وأنها في حاجة ماسة إلى مياهه التي لو قلت لتعرضت مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية للتدمير وزاد التلوث البيئي وتقلصت ثروتها من اللحوم والأسماك، وعلى الرغم من ذلك ترفض إثيوبيا التوقيع على أي اتفاق ملزم لها.[23]
  1. أضرار سد النهضة
سوف يبلغ حجم بحيرة سد النهضة حوالي 65.5 مليار متر مكعب، وهو ما يعادل إجمالي التدفق السنوي لنهر النيل إلى مصر والسودان، ومن المتوقع أن تفقد مصر ما بين 11 إلى 19 مليار متر مكعب من المياه سنويًا، خلال فترة ملء هذه البحيرة، الأمر الذي ستترتب عليه أضرار اقتصادية لحوالي مليوني مزارع مصري، كما ستفقد مصر ما بين 25 إلى 40 في المائة من توليد الطاقة الكهرومائية خلال الفترة ذاتها، مما سيؤدي بدوره إلى انخفاض بنسبة تتراوح ما بين 3 إلى 11 في المائة في إجمالي توليد الكهرباء في مصر. كما ستقل كمية المياه المخزنة ببحيرة السد العالي، التي تعد إحدى أهم مصادر الإمداد بمياه الري في مصر. وبشكل عام، سوف يكون تأثير سد النهضة السلبي على الاقتصاد المصري كما يلي:
  • انخفاض بنحو 2.5٪ في الناتج المحلي الإجمالي
  • بطالة مباشرة لـ 1.3 مليون مزارع وارتفاع معدل البطالة إلى 38٪.
  • سوف تكون مصر في حاجة إلى 45.5 مليار دولار لخلق فرص عمل للعاطلين عن العمل
  • انخفاض الصادرات وزيادة الواردات والعجز التجاري.[24]
  1. تصريح الرئيس السيسى حول أحقية مصر فى حماية حقوقها فى مياه النيل – أرشيفية
    الموقف السياسي
أثار سد النهضة الإثيوبي، الذي يقع على مسافة تتراوح ما بين 20 إلى 40 كيلومترًا، من الحدود الإثيوبية السودانية، مخاوف الخبراء المصريين من حيث تأثيره السلبي المحتمل على حصة مصر من مياه النيل المتفق عليها بموجب اتفاقيات تقسيم مياه النيل، التي تعود إلى أعوام 1902 و1906 و1929م، وفي عام 1959، صدقت مصر والسودان على بنود اتفاقية عام 1929م، التي حمت، إلى جانب الاتفاقيات الأخرى، حق مصر وحصتها من مياه النيل، كما منحت لمصر الحق في الاعتراض إذا تم وضع خطط إنشائية جديدة على النيل وروافده، قد تعرض مصالح القاهرة للخطر.[25]
وإذا كانت إثيوبيا ترى في سد النهضة حقًا قانونيًا وشكلًا من أشكال الفخر الوطني لتحقيق التنمية الاقتصادية، فإن مصر ترى أنه يمثل تهديدا وجوديا لها ولأمنها القومي. ومن ثم تصر على الحصول على نصيبها كاملا من مياه النيل البالغ 55.5 مليار متر مكعب بموجب اتفاقية 1959م، وتتهم إثيوبيا بأنها لم تراع مصالح دول المصب. وترتكز نقاط الخلاف الرئيسية بين الدول الثلاث على عمليتي ملء وتشغيل السد. [26]
وقد رصدت وكالات الأنباء الإيرانية معظم التصريحات والأخبار التي تعبر عن الموقف المصري منذ بدء الأزمة، فتابعت تصريحات وزراء الخارجية في هذا الشأن، منذ الوزير محمد كامل عمرو، التي صرح فيها بقوله إن المحادثات مع إثيوبيا بشأن سد النهضة كانت مشروطة بتحقيق أهداف التنمية ومصالح مصر والسودان في نهر النيل. وصولا إلى تصريحات الوزير الحالي سامح شكري التي شدد فيها على أن مصر والسودان لن يسمحا بالإضرار بمصالحهما، وأن المجتمع الدولي يجب أن يشارك بشكل أكبر في قضية السد، خاصة أن أي تطورات خطيرة بصدده سيكون لها تأثير كبير على السلام والأمن الدوليين.[27] كما نقلت أيضا بيان وزارة الخارجية المصرية، الذي أعلنت فيه أن محادثات كينشاسا بشأن سد النهضة يومي 4 و5 أبريل لم تسفر عن اتفاق.[28]
كذلك نشرت أيضا بعضا من تغريدات الرئيس عبد الفتاح السيسي في هذا الشأن، منها التغريدة التي نشرها، يوم السبت الموافق 5/10/2019م، على حسابه الشخصي بتويتر، بعد فشل جول المفاوضات التي أجريت بالسودان بين الأطراف الثلاثة، نصها: “مصر ملتزمة بحماية حقوقها المائية في النيل، وتستخدم كل الوسائل السياسية لاستعادة حقوقها”[29]. كما نوهت بنوع من الاستغراب، إلى طلب الرئيس السيسي من رئيس وزراء إثيوبيا، أثناء المؤتمر الصحفي الذي عقد بالقاهرة يوم 10/6/2018م، أن يقسم بالله أنه لن يقلل من إمدادات المياه لمصر![30]
ثالثا: خيارات حل الأزمة
أدت التحركات الإثيوبية الأحادية الجانب إلى تأزم علاقاتها مع مصر والسودان معها، الأمر الذي أصبح يمهد الطريق لكثير من التكهنات حول خيارات مصر لحل الأزمة، ومنها التكهنات الإيرانية، التي ترى أن الحل السلمي متاح، والحل عسكري محتمل.
  • الحل السلمي
يرى الإيرانيون، أن مصر تخلت عن معارضتها لفكرة بناء السد، وأصبحت تركز أكثر على كيفية إنشائه وملئه والحفاظ على حصتها من المياه، لدرجة أن أعلى سقف لمطالب السيسي عام 2021م، كان هو أن تلتزم إثيوبيا وتأخذ حصة مصر المائية في اعتبارها عند صياغة أي اتفاق. ومما لا شك فيه أن إكمال بناء هذا السد سيضعف موقف مصر التفاوضي، وستكون إثيوبيا في موقف متميز. وما يمكن توقعه الآن هو استمرار إثيوبيا في بناء السد بغض النظر عن معارضة الدول الأخرى، وسيتحول الأمر إلى قضية أخرى مضافة إلى مشاكل القارة الأفريقية خلال العقود القادمة؛ بعد أن تحول دور النيل إلى عنصر من عناصر التباعد بين دولها، بما سيكون مؤداه المنطقي ضعف مصر أكثر فأكثر في إفريقيا والعالم العربي. الأمر الذي وضع مصر أمام الخيارات التالية:[31]
الإذعان: وهو قبول مصر بأمر السد كحقيقة لا رجعة فيها، الأمر الذي ستترتب عليه أزمات إقليمية، لأن إثيوبيا فرضت نفسها كقوة إقليمية مقارنة بمصر، واستخدمت قدرتها الاستراتيجية في إدارة الأزمة معها. وأنها لن توقف استكمال مشروعها الوطني.
التفاوض: أي العودة إلى المفاوضات في ظل موقف إثيوبي متعنت دون تدخل أجنبي، فيمر الوقت وتترك مصر سد النهضة وشأنه، بعد أن تفوقت إثيوبيا عليها في طريقة إدارة الأزمة، ورسخت لنفسها صورة ذهنية بوصفها قوة إقليمية، ودمرت ثقة مصر بنفسها[32].
التدويل: بمعنى لجوء مصر والسودان إلى مجلس الأمن، وهو الأفضل لجميع الأطراف، وهنا يجب على مصر أن تقرر تعليق جميع الأنشطة المتعلقة ببناء السد حتى يتم التوصل لحل الخلاف في الأمم المتحدة. خاصة بعد أتضح أن المفاوضات لم تؤد إلى نتيجة، وعليها أيضا أن تعمل على إدخال روسيا والولايات المتحدة للعب دور الوساطة كأطراف خارجية، وإدخال المنظمات الإقليمية مثل الاتحاد الأوروبي (في الغالب لأن الشركة التي تقوم بالبناء هي شركة إيطالية)، والجامعة العربية والاتحاد الأفريقي. (مقترح من السودان)[33]
الأرجح: سوف تدخل الولايات المتحدة على خط لأزمة بين إثيوبيا من جانب ومصر والسودان من جانب آخر، وهو الأمر الذي يجعل الإثيوبيين يديرون السد بشكل طبيعي، خلال موسم الأمطار من كل عام، لتقليل حساسية الجانب المصري؛ خاصة أن الحد من تدفق مياه النيل لمصر سوف يمثل تهديدًا خطيرًا لها.[34]
  • الحل العسكري
فيما يتعلق بمسألة الحل العسكري لحل أزمة سد النهضة، برز اتجاهان لدى المعالجات الإيرانية؛ اتجاه يستبعده، وآخر يرجحه:
الاتجاه الأول: يرى أن الحل العسكري للأزمة هو خيار غير ممكن؛ لأسباب تحتم على كل من مصر وإثيوبيا مراعاة أبعاده السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية، قبل أن يقدما على أي إجراء في هذا الشأن. ومن بين هذه الأسباب:
  • ضعف الجبهة الداخلية لمصر
  • التداعيات الإقليمية والدولية الخطيرة التي سيؤدي إليها الحل العسكري للأزمة، فضلا عن التكاليف المادية
  • البيئة الإقليمية المحيطة تجعل مصر غير مستعدة لممارسة ضغوط إقليمية عليها خاصة من ناحية ليبيا
  • سعي قوى إقليمية ودولية لضخ استثمارات كبيرة في مصر، منعا لنشوب أي صراع عسكري بين الجانبين بأي ثمن، لأنه في حالة حدوث ذلك، فسوف تترتب عليه عواقب وخيمة.
وبالتالي يرى أصحاب هذا الاتجاه أن مصر لن تكون قادرة، في الوقت الراهن، على قصف السد وتحمل العواقب. حتى لو استعادت مصر قوتها يومًا ما وأرادت تدميره بهجوم عسكري، فإن عواقبه الإقليمية ستكون وخيمة، لدرجة أن الدول الثلاث إثيوبيا ومصر والسودان ستعاني من أضرار جسيمة. وفي ذات الوقت ستقف إثيوبيا بحزم ضد هذا العمل، وستنقل الحرب والصراع إلى البلدان المجاورة. ولكن بما أن نهر النيل يمثل كل شيء بالنسبة للمصريين، يبرز الحل العسكري في وسائل الإعلام، كلما تصاعدت حدة التوتر بين مصر وإثيوبيا، بوصفه أحد وسائل الاحتجاج المصرية. [35] كما تزداد الشائعات التي تتناقلها وسائل الإعلام المصرية حول وجود شركات إسرائيلية في بنائه؛ بما توحي لدى الرأي العام المصري، وهو حساس للغاية تجاه مشاركة الصهاينة فيه، أن قرار بناء هذا السد، هو قرار أمريكي صهيوني استراتيجي معادٍ للحضارة والدولة المصرية.[36]
الاتجاه الثاني: يرى أصحاب هذا الاتجاه أنه إذا نجحت أديس أبابا في التملص من أي اتفاق ملزم لها، فستندلع أزمة جديدة في المنطقة، تبدأ بتوجيه السلطات المصرية الاتهام لأديس ابابا بالخداع الدبلوماسي، لأنها تكمل بناء السد قبل توقيع الاتفاق. ويرى أصحاب هذا الاتجاه أن الدول التي تحرض إثيوبيا، خاصة إسرائيل، ستكون هي المستفيد الأول من نشوب أي صراع عسكري بين مصر وإثيوبيا، لا سيما أنها تسعى إلى تحقيق مكاسب استراتيجية بمنطقة القرن الأفريقي؛ تقوم على استغلال نهر النيل والموانئ والمعابر البحرية المهمة لصالحها. ومن ثم فهي تقدم الدعم الفني والمالي لإثيوبيا، كما لا يخفى على أحد أنها نشرت منظومة صواريخ MR-Spider حول المنطقة المحيطة بسد النهضة لحمايته[37]
وبالنظر إلى كل العوامل، لا يمكن استبعاد حدوث صدام عسكري -وإن كان محدودًا -تحاول مصر وإثيوبيا تجنبه. إلا أنه سيظل احتمالا قائما. وأن هذا الحل كان يبرز للعلن كلما فشلت جولة من جولات المفاوضات المطولة مع إثيوبيا، فيعقبه إعلان عن قرب التوصل لاتفاق بين الأطراف الثلاثة، ولكنه أمر لا يتم. وهكذا يسير الوضع منذ نوفمبر عام 2017م، الذي صدر فيه أول تهديد صريح ومباشر للقيام بعمل عسكري، عندما أعلنت مصر أنه لا يمكن التوصل إلى اتفاق مع إثيوبيا بسبب معارضتها لتقرير مكتب الخبير الفني المحايد، ومن ثم فإن مصر لن تتوانى عن اتخاذ أي إجراء لحماية حقها في نهر النيل[38]
وعلى الرغم من أنه ليست بين مصر وإثيوبيا حدودا مشتركة، بما يعني أنه من غير الممكن شن هجوم بري مباشر عليها. ولكن وجود سد النهضة على بعد حوالي 25 كيلومترًا من الحدود السودانية، يجعله في مرمى المدفعية والصواريخ المتطورة، وبالتالي إذا قرر القادة السياسيون في مصر والسودان استخدام الحل العسكري، فإن احتمالية تدميره كبيرة جدًا. أو أن تقوم القوات المصرية بعملية إنزال على الحدود الشمالية الغربية لإثيوبيا وتدمير منشآت سد النهضة، وهي عملية ستصاحبها تحديات كبيرة، ورحلة لوجستية طويلة، وتكاليف باهظة للغاية على الحكومة والجيش المصري، خاصة أن آخر معاركه الكبرى تعود إلى الحرب التي نشبت بين العرب وإسرائيل مطلع السبعينات من القرن العشرين.[39]
أما الخيار الأكثر ترجيحًا للضغط على إثيوبيا، فهو قيام القوات الجوية المصرية بشن ضربات جوية على منشآت السد باستخدام الطائرات المتطورة التي اشترتها حديثا، على الرغم من أن المسافة بين الأراضي المصرية والسد لا تقل عن 1400 كيلومترًا، وهو الأمر الذي يجعل خيار الضربات الجوية تحديًا تقنيًا.[40]
وعلى الرغم من كل ما سبق ذكره، يرى يعض المحللين الإيرانيين أن واشنطن سوف تلعب دورًا رئيسيًا في حل الأزمة، خاصة أن الرئيس عبد الفتاح السيسي، لا يمكنه أن يتجاهل أهمية إثيوبيا الاستراتيجية للولايات المتحدة بشرق أفريقيا وأنها الشريك الرئيسي لها في القارة السمراء، وأن تصعيد الصراع معها سوف يؤدي إلى زيادة التدخل الأمريكي والإسرائيلي في المنطقة. ومن ناحية أخرى فإن أزمة نقص المياه لدى الكيان الصهيوني، والتي تفاقمت بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة، كانت تمثل دافعا لأن تتدخل تل أبيب بشكل مباشر في قضية “سد النهضة” لفرض وجودها السياسي والأمني على مياه النيل، وإعادة إحياء مشروعات نقل مياه نهر النيل إلى المستوطنات الصهيونية في فلسطين المحتلة، خاصة في ظل ظروف انعدام الأمن المائي لديهم.[41]

———————————————————-

الهوامش
[1] مهدی آشنا: مناقشه سد النهضه در شمال آفریقا و تاثیر آن بر معادلات غرب آسیا، انديشكده راهبردي تبيان
http://tabyincenter.ir/37589/%D9%85%D9%86%D8%A7%D9%82%D8%B4%D9%87-%D8%B3%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%87%D8%B6%D9%87-%D8%AF%D8%B1-%D8%B4%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%A2%D9%81%D8%B1%DB%8C%D9%82%D8%A7-%D9%88-%D8%AA%D8%A7%D8%AB%DB%8C%D8%B1/
[2] بهرام امير احمدى: شاخ افريقا وامنيت ملي ايران، مطالعات افريقا، شماره پايير وتابستان، 1381ه.ش، ص 70
[3] المرجع السابق
[4] فاطمه محمدی:اهمیت قاره آفریقا برای ایران/ ظرفیت عظیم اقتصادی که مغفول ماند، خبرگزاری مهر، على الرابط
 https://www.mehrnews.com/news/3722724/%D8%A7%D9%87%D9%85%DB%8C%D8%AA-%D9%82%D8%A7%D8%B1%D9%87-%D8%A2%D9%81%D8%B1%DB%8C%D9%82%D8%A7-%D8%A8%D8%B1%D8%A7%DB%8C-%D8%A7%DB%8C%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D8%B8%D8%B1%D9%81%DB%8C%D8%AA-%D8%B9%D8%B8%DB%8C%D9%85-%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF%DB%8C-%DA%A9%D9%87-%D9%85%D8%BA%D9%81%D9%88%D9%84-%D9%85%D8%A7%D9%86%D8%AF
[5] المرجع السابق
[6] مهدی آشنا: مناقشه سد النهضه در شمال آفریقا و تاثیر آن بر معادلات غرب آسیا، انديشكده راهبردي تبيان
http://tabyincenter.ir/37589/%D9%85%D9%86%D8%A7%D9%82%D8%B4%D9%87-%D8%B3%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%87%D8%B6%D9%87-%D8%AF%D8%B1-%D8%B4%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%A2%D9%81%D8%B1%DB%8C%D9%82%D8%A7-%D9%88-%D8%AA%D8%A7%D8%AB%DB%8C%D8%B1/
[7] المرجع السابق
[8] حمیده هوشور: تأسس سد النهضه بر روی رود نیل؛ آیا درگیری نظامی بین مصر و اتیوپی جدی است؟
https://www.tasnimnews.com/fa/news/1397/02/04/1707873/%D8%AA%D8%A7%D8%B3%DB%8C%D8%B3-%D8%B3%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%87%D8%B6%D9%87-%D8%A8%D8%B1-%D8%B1%D9%88%DB%8C-%D8%B1%D9%88%D8%AF-%D9%86%DB%8C%D9%84-%D8%A2%DB%8C%D8%A7-%D8%AF%D8%B1%DA%AF%DB%8C%D8%B1%DB%8C-%D9%86%D8%B8%D8%A7%D9%85%DB%8C-%D8%A8%DB%8C%D9%86-%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D9%88-%D8%A7%D8%AA%DB%8C%D9%88%D9%BE%DB%8C-%D8%AC%D8%AF%DB%8C-
[9] مهدی آشنا: مناقشه سد النهضه در شمال آفریقا و تاثیر آن بر معادلات غرب آسیا، انديشكده راهبردي تبيان
[10] مجتبى أماني: سد النهضه اتیوپی وتاثیرات سیاسی واقلیمی آن، مركز مطالعات سياسي وبين المللي، على الرابط:   https://ipis.ir/portal/subjectview/
[11] مهدی آشنا: مناقشه سد النهضه در شمال آفریقا وتاثیر آن بر معادلات غرب آسیا، انديشكده راهبردي تبيان
[12] بحران سد النهضه و گزینه‌های مصر؛ دخالت‌های آمریکا و خیز اسرائیل برای غارت «نیل»
[13] المرجع السابق
[14] احتمال وقوع جنگ در حوزه آبی نیل
[15] مجتبى أماني: سد النهضه اتیوپی وتاثیرات سیاسی واقلیمی آن، مركز مطالعات سياسي وبين المللي
[16] مهدی آشنا: مناقشه سد النهضه در شمال آفریقا و تاثیر آن بر معادلات غرب آسیا، انديشكده راهبردي تبيان
[17] سد النهضه؛ بحران آفرینی در شمال آفریقا
https://www.irna.ir/news/83505156/%D8%B3%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%87%D8%B6%D9%87-%D8%A8%D8%AD%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D8%A2%D9%81%D8%B1%DB%8C%D9%86%DB%8C-%D8%AF%D8%B1-%D8%B4%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%A2%D9%81%D8%B1%DB%8C%D9%82%D8%A7
[18] مهدی آشنا: مناقشه سد النهضه در شمال آفریقا و تاثیر آن بر معادلات غرب آسیا، انديشكده راهبردي تبيان، وفرزاد فرهادي بحران مصر واتیوپی درباره سد النهضه؛ نقش رژیم صهیونیستی در دامن زدن به مشکلات کشورهای حوزه نیل
https://www.mehrnews.com/news/2079714/%D8%A8%D8%AD%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D9%88-%D8%A7%D8%AA%DB%8C%D9%88%D9%BE%DB%8C-%D8%AF%D8%B1%D8%A8%D8%A7%D8%B1%D9%87-%D8%B3%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%87%D8%B6%D9%87-%D9%86%D9%82%D8%B4-%D8%B1%DA%98%DB%8C%D9%85-%D8%B5%D9%87%DB%8C%D9%88%D9%86%DB%8C%D8%B3%D8%AA%DB%8C-%D8%AF%D8%B1-%D8%AF%D8%A7%D9%85%D9%86
[19] احتمال وقوع جنگ در حوزه آبی نیل
https://www.iribnews.ir/fa/news/3028518/%D8%A7%D8%AD%D8%AA%D9%85%D8%A7%D9%84-%D9%88%D9%82%D9%88%D8%B9-%D8%AC%D9%86%DA%AF-%D8%AF%D8%B1-%D8%AD%D9%88%D8%B2%D9%87-%D8%A2%D8%A8%DB%8C-%D9%86%DB%8C%D9%84
[20] مهدی آشنا: مناقشه سد النهضه در شمال آفریقا و تاثیر آن بر معادلات غرب آسیا، انديشكده راهبردي تبيان
[21] بحران سد النهضه و گزینه‌های مصر؛ دخالت‌های آمریکا و خیز اسرائیل برای غارت «نیل»
https://www.tasnimnews.com/fa/news/1399/05/06/2315093/%D8%A8%D8%AD%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D8%B3%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%87%D8%B6%D9%87-%D9%88-%DA%AF%D8%B2%DB%8C%D9%86%D9%87-%D9%87%D8%A7%DB%8C-%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D8%AF%D8%AE%D8%A7%D9%84%D8%AA-%D9%87%D8%A7%DB%8C-%D8%A2%D9%85%D8%B1%DB%8C%DA%A9%D8%A7-%D9%88-%D8%AE%DB%8C%D8%B2-%D8%A7%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%DB%8C%D9%84-%D8%A8%D8%B1%D8%A7%DB%8C-%D8%BA%D8%A7%D8%B1%D8%AA-%D9%86%DB%8C%D9%84
[22] احتمال وقوع جنگ در حوزه آبی نیل
https://www.iribnews.ir/fa/news/3028518/%D8%A7%D8%AD%D8%AA%D9%85%D8%A7%D9%84-%D9%88%D9%82%D9%88%D8%B9-%D8%AC%D9%86%DA%AF-%D8%AF%D8%B1-%D8%AD%D9%88%D8%B2%D9%87-%D8%A2%D8%A8%DB%8C-%D9%86%DB%8C%D9%84
[23] بحران سد النهضه و گزینه‌های مصر؛ دخالت‌های آمریکا و خیز اسرائیل برای غارت «نیل»، ومجتبى أماني: سد النهضه اتیوپی وتاثیرات سیاسی واقلیمی آن، مركز مطالعات سياسي وبين المللي
[24] گزارش ویژه مشرق؛ تحلیلی بر آغاز آبگیری سد النهضه وبحران رودخانه نیل / آیا ارتش مصر توان مداخله نظامی در خاک اتیوپی را دارد؟
https://www.mashreghnews.ir/news/1101675/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%DB%8C-%D8%A8%D8%B1-%D8%A2%D8%BA%D8%A7%D8%B2-%D8%A2%D8%A8%DA%AF%DB%8C%D8%B1%DB%8C-%D8%B3%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%87%D8%B6%D9%87-%D9%88-%D8%A8%D8%AD%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D8%B1%D9%88%D8%AF%D8%AE%D8%A7%D9%86%D9%87-%D9%86%DB%8C%D9%84-%D8%A2%DB%8C%D8%A7-%D8%A7%D8%B1%D8%AA%D8%B4
[25] فرزاد فرهادي بحران مصر واتیوپی درباره سد النهضه؛ نقش رژیم صهیونیستی در دامن زدن به مشکلات کشورهای حوزه نیل
[26] میثم غفاری نژاد: چالش های سد النهضه برای مصر.. منازعه مصر، سودان و اتیوپی در موضوع سد النهضه، پژوهشكده تحقيقات راهبردي،
[27] فرزاد فرهادي بحران مصر واتیوپی درباره سد النهضه؛ نقش رژیم صهیونیستی در دامن زدن به مشکلات کشورهای حوزه نیل. ومجادلات مصر و اتیوپی در مورد سد النهضه
https://www.irna.ir/news/84286977/%D9%85%D8%AC%D8%A7%D8%AF%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D9%88-%D8%A7%D8%AA%DB%8C%D9%88%D9%BE%DB%8C-%D8%AF%D8%B1-%D9%85%D9%88%D8%B1%D8%AF-%D8%B3%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%87%D8%B6%D9%87
[28] مجادلات مصر و اتیوپی در مورد سد النهضه
[29] سد النهضه؛ بحران آفرینی در شمال آفریقا
https://www.irna.ir/news/83505156/%D8%B3%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%87%D8%B6%D9%87-%D8%A8%D8%AD%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D8%A2%D9%81%D8%B1%DB%8C%D9%86%DB%8C-%D8%AF%D8%B1-%D8%B4%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%A2%D9%81%D8%B1%DB%8C%D9%82%D8%A7
[30] تحلیلی بر آغاز آبگیری سد النهضه وبحران رودخانه نیل / آیا ارتش مصر توان مداخله نظامی در خاک اتیوپی را دارد؟
[31]  مجتبى أماني: سد النهضه اتیوپی وتاثیرات سیاسی واقلیمی آن، مركز مطالعات سياسي وبين المللي
[32] المرجع السابق
[33] مجتبى أماني: سد النهضه اتیوپی وتاثیرات سیاسی واقلیمی آن، مركز مطالعات سياسي وبين المللي.                                                            
[34] المرجع السابق، حمیده هوشور: تأسس سد النهضه بر روی رود نیل؛ آیا درگیری نظامی بین مصر واتیوپی جدی است؟
[35] حمیده هوشور: تأسس سد النهضه بر روی رود نیل؛ آیا درگیری نظامی بین مصر واتیوپی جدی است؟، ومجتبى أماني: سد النهضه اتیوپی وتاثیرات سیاسی واقلیمی آن، مركز مطالعات سياسي وبين المللي.
[36] مجتبى أماني: سد النهضه اتیوپی وتاثیرات سیاسی واقلیمی آن، مركز مطالعات سياسي وبين المللي
[37] حمیده هوشور: تأسس سد النهضه بر روی رود نیل؛ آیا درگیری نظامی بین مصر واتیوپی جدی است؟
[38] تحلیلی بر آغاز آبگیری سد النهضه وبحران رودخانه نیل / آیا ارتش مصر توان مداخله نظامی در خاک اتیوپی را دارد؟  
[39] المرجع السابق  
[40] نفسه
[41] بحران سد النهضه و گزینه‌های مصر؛ دخالت‌های آمریکا و خیز اسرائیل برای غارت «نیل»
شاركها.

اترك تعليقاً

Exit mobile version