موقف قوات بعثة الاتحاد الأفريقي AUSSOM

تواجه بعثة الاتحاد الأفريقي الجديدة للصومال “AUSSOM” بمشاركة القوات المصرية والتي كان مقررًا تسلم مهامها يناير 2025 تحديات جمة فرضت مدّ مُهمة البعثة الانتقالية “ATMIS” لمدة ستة شهور إضافية حتى يوليو 2025 الذى قارب على الإنتهاء، وذلك بسبب نقص التمويل اللازم لأداء مهام البعثة والذي يُقدّر بـ 190 مليون دولار، حيث لا يوجد سوى ما يقرب من 16 مليون دولار فقط، بالإضافة إلى الاحتياج إلى توفير ما يقرب من 8 آلاف جندي آخر لقوة البعثة، معززين بالأسلحة والمعدات اللازمة، فضلًا عن أنه لا يوجد قوة أخرى خاصة للاستجابة السريعة لمواجهة الحوادث الأمنية الطارئة، في ظل التحسب من احتمالية سقوط بعض المناطق الصعب الوصول إليها في يد “حركة الشباب” الموالية لتنظيم القاعدة، مما يفرض الأفراد والمعدات وسبل الوصول إليها لمواجهة انتشار عناصر الحركة، لاسيما مع ضعف التنسيق بين قوات البعثة والقوات الصومالية والأجنبية الأخرى العاملة ضد الحركة، والحاجة إلى تطوير استراتيجية حماية المقار العسكرية، والتخطيط لتنفيذ عمليات هجومية بدعم الجيش الصومالي، خاصة وأن الوضع المالي للبعثة الجديدة ومشكلة التمويل القائمة يهدد وجودها وقد يعيق انتشار قواتها حتى خلال الموعد الجديد المحدد لها سلفًا، وربما تعد خطة الرئيس الأمريكي بإنهاء أنشطة الوكالة الأمريكية للتنمية USAID أحد أهم أسباب عدم تدبير التمويل اللازم للبعثة، إضافة إلى تراجع العلاقات بين مؤسسة الرئاسة الصومالية والشركاء والمانحين الداعمين، تحت دعوى قلقهم من تعميق الانقسام الوطني، وقيام الرئيس شيخ محمود بتسيس ملف الأمن، وتهميش الولايات أعضاء الاتحاد الصومالي، مما زعزع الإجماع الوطني الهش، فضلا عن عدم استجابته لتوسيع نطاق الشمولية السياسية والمشاورات الداخلية لاستيعاب القوى الوطنية بما فيها المتمردة، بما يضمن إنهاء التوترات السياسية، وهناك تقديرات تشير إلى عدم قدرة مواجهة البعثة الحالية “ATMIS” لهجمات “حركة الشباب “، وأنها لن تستطيع ملئ الفراغ الأمني الحالي في الصومال تزامنًا مع قرب موعد انتهاء مُهمتها، ومطالبات من مفوضية الاتحاد الأفريقي بضرورة الإسراع نحو التنسيق مع الأمم المتحدة لإنهاء عملية نشر القوات المصرية ضمن بعثة الاتحاد الأفريقي الجديدة للصومال “AUSSOM”.

mostbet mostbet giriş mostbet mostbet giriş

أهداف البعثة الأفريقية الجديدة

تمت الموافقة على إنشاء بعثة الاتحاد الأفريقي الجديدة للصومال “AUSSOM” من قبل مجلس السلم والأمن للاتحاد الأفريقي في أغسطس 2024، وذلك لنقل المسؤوليات الأمنية كاملة للقوات الصومالية بنهاية عام 2029، ولتحقيق ذلك يتطلب إنجاز مجموعة من الأهداف منها دعم الحكومة الفدرالية الصومالية في الحفاظ على المكاسب الأمنية وتعزيز قواتها الأمنية، وإضعاف حركة الشباب والجماعات التابعة لها المرتبطة بتنظيم الدولة الإسلامية بما في ذلك تعطيل حركتهم وتقييد وصولهم إلى التمويل غير المشروع، فضلًا عن دعم الاستقرار في الصومال وتمكين أولويات بناء الدولة وبناء قدرات قوات الأمن والشرطة الصومالية وتسهيل النقل المنظم للمسؤوليات الأمنية إلى الصومال، فهي بعثة متعددة الأبعاد والاهداف وتتألف مما يقرب من 11 ألف مكون عسكري وشرطي ومدني طبقًا لقرار مجلس الأمن الدولي، وقد دعت قمة الدول المساهمة فيها في أبريل 2025 إلى زيادة قوام القوات بـ8 آلاف فرد إضافي لمواجهة التحديات الأمنية وتعزيز الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع.

أزمات صومالية

تُنذر بعض الأزمات السياسية والأمنية والاقتصادية التي تمر بالدولة الصومالية في حكم الرئيس الصومالي الحالي رغم نجاحاته النسبية بحالة من الضعف في إدارة تلك الأزمات، وقد تعصف بنظام حُكمه ووضع الصومال على حافة الهاوية وجعلها في مسار تفكيك الدولة، فمعضلة الأمن والتنظيمات الإرهابية تأتي في مقدمة الأزمات وأبرزها “حركة الشباب ” الموالية لتنظيم القاعدة، و”ولاية الصومال” الموالية لتنظيم داعش، وقد حققت الإدارة الحالية نجاحًا نسبيًّا في حربها على الإرهاب، بالتعاون مع قوات عشائرية إقليمية، ودعم من قوات أمريكية، وقوات من بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال “ATMIS”، فضلًا عن مساهمات وحدات تركية ومصرية وإماراتية في تدريبات قوات الجيش الصومالي ورفع كفاءتها وفعاليتها، وفي ظل الخلافات التي نشبت بين بعض قادة العشائر وإدارة الرئيس وتراجعها عن التعاون معها، وتحت تأثير توالي انسحاب “ATMIS” تمهيدًا لتسليم مهامها إلى بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال “AUSSOM” استعاد تنظيم الشباب نشاطه وكثَّف هجماته، مستهدفًا مسؤولين حكوميين بمن فيهم الرئيس نفسه والمؤسسات الحكومية والقوات الصومالية والقوات المتعاونة معها والمدنيين، فضلًا عن معارضة التعديلات الدستورية المقترحة من قِبل الرئيس في ظل الأوضاع الاقتصادية الهشة، بالإضافة الى العلاقات الصومالية المتأرجحة ما بين إثيوبيا من ناحية وبين وإريتريا ومصر من ناحية أخرى بحكم طبيعة الأزمات المتشابكة، كما يفرض الموقع الاستراتيجي للصومال تبني منهج واضح “للدبلوماسية الصومالية”، بدلا من سياسة الموازنة التي تتبعها مقديشيو بين المصالح المصرية والضغوط الإثيوبية، والسعي دائمًا إلى التأقلم مع آليات القوى المتغيرة في القرن الأفريقي.

مخاطر فشل بعثة الاتحاد الأفريقي، وإمكانية عقد شراكات امنية ثنائية بديلة

قد يضطر الاتحاد الأفريقي بسبب العجز في تمويل البعثة القادمة وتوفير آلية تمويلية مستدامة إلى تقليص عملياته بشتى مناطق الصراع في أفريقيا، الامر الذي قد تنعكس تداعيته على مجمل الأوضاع الراهنة في القارة، وقد تزيد من احتمالية انتشار الحركات المتطرفة وتنفيذ عمليات إرهابية، وهنا برزت احتمالية إنهاء مهمة الاتحاد الأفريقي في الصومال، والتي قد تفتح الباب أمام عقد شراكات أمنية ثنائية أو تحالفات عسكرية إقليمية مؤقتة لمواجهة حركة الشباب مثل قوة المهام المشتركة متعددة الجنسيات في حوض بحيرة تشاد، مما يجير السلطات الصومالية لحل أزماتها الداخلية سياسيًا بما يتجاوز الحلول العسكرية التي تدعمها عمليات دعم السلام التابعة للاتحاد الأفريقي، ورغم إيجابية تلك الاحتمالية كأحد محددات استقرار الأوضاع في الداخل الصومالي، إلا أنها مخاطرة كبرى في ظل تواجد الحركات المتطرفة، مما قد يؤدي إلى مزيد من ديناميكية عدم الاستقرار في الصومال.

قامت الحكومة الصومالية استنادًا إلى رغبتها في تولي زمام المبادرة والقيادة في جميع جوانب عمليات دعم السلام على أراضيها في تحديد مساهمات الدول المشاركة في “AUSSOM” من خلال تفاهمات ثنائية، طبقًا لمفهوم “الملكية المحلية” لعمليات السلام كوسيلة لتمكين الجهات الفاعلة والمجتمعات المحلية في عملية بناء السلام، وذلك بخلاف ما كان يحدث في البعثات السابقة، حيث كان للاتحاد الأفريقي دورًا في كيفية تكوين البعثة، مما انعكس على زيادة التوترات والخلافات بين بعض الدول المشاركة في البعثة – مثل اثيوبيا -والدولة المضيفة على سرعة تكوين القوة وفعاليتها، وهذا بسبب تسييس البعثة بشكل أكبر وجعل تشكيلها عرضة للنزاعات السياسية الداخلة والخارجية للصومال، وقد انعكس معارضة الموقف الأمريكي في تمويل البعثة في الصومال بذرائع عدم التزامها بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان والمساءلة المالية، على فشل مجلس الأمن في اعتماد قرار البعثة في مايو 2025، وهناك ضبابية في نوع وحجم الدعم اللوجيستي الذي ستوفره الأمم المتحدة والدول المشاركة في البعثة، فجميع تلك المهددات تقف عائقًا أمام استمرار عمليات البعثة، وقد تعمل على تقويض أنشطتها خلال الفترة القادمة.

التحركات المصرية

تلتزم الدولة المصرية بتقديم الدعم الكامل للصومال، وذلك للحفاظ على أمن واستقرار الصومال وتعزيز التعاون في المجالات المختلفة، لاسيما المجالين العسكري والأمني، حيث دعت مصر المجتمع الدولي بتقديم الدعم الكاف لتمويل البعثة، وقد يكون من المفيد تقديم بعض المقترحات علي النحو التالي:

1-     تقديم الخبرات اللازمة لاحتواء المعارضة السياسية، من أجل عبور مرحلة التحوُّل نحو الديمقراطية بلا مصادمات داخلية تقوّض الاستقرار السياسي.

2-     تكثيف الجهود بالتعاون مع كافة الشركاء في الحرب على التنظيمات الإرهابية، للحدّ من تهديداتها وصولًا إلى القضاء عليها، وبالتوازي مع ذلك يجب تدبير التمويل الكافي لكل هذه الأنشطة والعمليات بحسب الأولويات الإستراتيجية.

3-     التعاون الوثيق مع القوات الصومالية لتقديم كافة أوجه الدعم للبعثة الجديدة من دعم استخباراتي ومعلوماتي لضمان نجاح البعثة، وذلك بهدف تحجيم التدخلات الإقليمية في الشأن الصومالي.

4-     ضرورة التواصل مع الأطراف الإقليمية والدولية المشاركة في البعثة سواء بالمشاركة الفعلية أو تقديم الدعم المالي واللوجيستي، لتفنيد كافة المعوقات التي قد تعمل على فشل مُهمة البعثة، في ضوء التنسيقات المصرية مع تلك الأطراف في إطار عضوية مصر في مجلس السلم والأمن الأفريقي، وذلك استغلالًا للمطالبات التي تُفيد بضرورة التواجد المصري في الصومال وفقًا للقرارات الدولية بذات الشأن.

5-     العمل مع الشركاء الإقليمين والدوليين لوضع خطة لحشد التمويل اللازم لمعالجة النقص في تمويل بعثات السلام الأفريقية، لضمان استدامة مهام تلك البعثات.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version