الملخص التنفيذى

 يعتبر التسلح السيبرانى الدرع الأساسي لحماية الدول من الهجمات السيبرانية. تهدف تلك الورقة للتعرف على سباق التسلح السيبرانى وتأثيره على دول العالم، كما توضح سباق التسلح السيبرانى فى الشرق الأوسط، وتحديدًا فى (إيران – إسرائيل-تركيا – مصر- المملكة العربية السعودية –الإمارات العربية المتحدة).   

سباق التسلح السيبرانى وحماية الأمن القومى

بدأت الولايات المتحدة الأمريكية فى تسلحها السيبرانى تحديدا بعد أحداث 11 سبتمبر عام 2001 م، [i] بعد أن استنتجت كيف تم استخدام التكنولوجيا فى إحداث هجوم يعتبر الأعنف فى تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية؛ لهذا تطورت فى أمريكا الصناعة الخاصة بأمن البرامج السيبرانية، والحواسيب والهواتف، وبدأت الشركات الأمريكية فى طرح مكافأت مالية للمخترقين القادرين على اكتشاف الثغرات الخاصة بالبرامج، مع ضرورة الحفاظ على سرية تلك الثغرات ليتم بيعها بمبالغ ضخمة فيما بعد، استمر الأمريكيون فى تطوير أنفسهم حتى قاموا بصنع أول سلاح لهجوم سيبرانى بالتعاون مع الإسرائيليين، وهو الهجوم على مفاعل إيران النووى الشهير فى عام  2010 م(هجوم ستاكسنيت)، وعلى الرغم من أن الهجوم أحدث أضرارا بالغة ، الا أنه لفت أنظار العالم أجمع لأهمية الأمن السيبرانى والهجمات السيبرانية، ومن تلك النقطة بدأ السباق، ففى عام 2014 م بدأت كوريا الشمالية أولى هجماتها السيبرانية ضد الولايات المتحدة، حيث قام عملائها بتسريب مجموعة من المعلومات السرية من خوادم تابعة لشركة سوني Sony Pictures ، وعلى أثر ذلك تم فرض عقوبات اقتصادية على كوريا الشمالية، ويعتبر هذا أول هجوم سيبرانى يتم فرض عقوبة عليه. وفى عام 2016 م وتحديدا فى الانتخابات الأمريكية الرئاسية ، تم التلاعب فى الانتخابات الأمريكية، بواسطة 3 مواطنين روس، حيث تم توجيه تهم التزوير الإلكترونى لهم، كما اتهمت ثلاث شركات روسية بالتدخل فى سير الانتخابات الأمريكية، وأيضا تم اختراق حواسيب الحزب الديمقراطي، وتسريب ما عليها من معلومات، لإحراج الديمقراطيين وهيلاري كلينتون.[ii]

فى عام 2021 م تعرضت الولايات المتحدة إلى هجوم سيبرانى عنيف، استهدف خط أنابيب كولونيال بايبلاين كو الأمريكى، والذى يحمل البنزين والوقود المكرر[iii]، ويخدم حوالى  50 مليون مستهلك فى جنوب وشرق الولايات المتحدة الأمريكية، من جانيه حملت إدارة بايدن روسيا مسؤولية ما حدث على الرغم من عدم دليل قوى يثبت هذا، باستثناء أن القراصنة الذين قاموا بهذا الفعل داخل أراضى روسيا.

وفى عام 2022م ومع اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا، تم اختراق العديد من المواقع الحكومية الرسمية الأوكرانية منها: موقع وزراة الدفاع، ووزارة الخارجية، ووزارة التعليم وعدد من السفارات الأوكرانية، وأيضًا موقع البرلمان، ومجلس الوزراء، [iv]وعلى الرغم من نفى روسيا لتلك الهجمات، الا أن الولايات المتحدة الأمريكية تُصر على أن روسيا هى الفاعلة، وعلى الصعيد الآخر تم اختراق موقع الكرملين الروسى بالإضافة إلى اختراق قنوات التلفزيون الحكومي الروسي، وإذاعة أغانى أوكرانية عليه[v].

تتوالى الهجمات بالاسلحة السيبرانية، ويظل الصراع قائم بين القوى الكبرى فى العالم، حيث تحاول كل قوة استعراض امكانيتها فى مجال التسلح السيبرانى، مما كان له أثر خلق استراتيجيات تعمل على تحسين الأمن السيبرانى، مع ضرورة زيادة الاستثمار فى هذا المجال، لنجد أن الإدارة الأمريكية تعلن عن خطة بمليارات الدولارات لتعزيز أمنها السيبرانى، بينما نجد روسيا تعتزم تجربة شبكة داخلية خاصة بها، لتحميها من الهجمات السيبرانية لتسير على خطى الصين، لتأتى الصين وتعلن أنها طرحت مسودة خطة عمل لمدة ثلاث سنوات تنتهى بحلول عام 2023 م لتطوير الأمن السيبرانى.

  • سباق التسلح فى الشرق الأوسط :

من المؤكد أن سباق التسلح السيبرانى قد وصل إلى الشرق الأوسط- أكثر المناطق المشتعلة فى العالم- حيث تسيطر أجواء من الصراعات فى هذه المنطقة منذ سنوات، بل ويعتبر بيئة خصبة لتطوير السلاح السيبرانى، ففى عام 1948م نشأ الصراع الأكبر والأطول على الاطلاق فى المنطقة، وهو الصراع العربى الإسرائيلى، الذى لايزال قائم إلى الآن، وعلى أثره خاضت مصر والدول العربية حربًا قوية، وعلى الرغم من عدم ايجاد حل لهذا الصراع حتى الآن، الا أننا نجد اتفاقيات السلام بين بعض الدول العربية وإسرائيل، لكن لايمكن الجزم بأن المنطقة ستنعم بالاستقرار  مالم يتم حل الصراع  الإسرائيلى الفلسطينى بشكل نهائى.

وبعام1980م نشأ صراع جديد بين العراق وايران، لتبدأ أطول حروب القرن العشرون، وأكثرها تكلفة وعنفًا، وبمرور سنوات عديدة، وقع الطرفان اتفاقًا رسميًا بوقف الحرب عام 1990م،وفى ظل تلك الحرب كانت إيران تعمل على تطوير إمكانيتها النووية، والذى شكل أزمة تعانى منها دول الجوار وعلى رأسها إسرائيل. بدأ فصل جديد من الحروب بين العراق والكويت بعام 1990م، واستطاع تحالف الدول المعادى للعراق النجاح وإخراج القوات العراقية من الكويت، ثم يأتى عام 2003 م لتغزو الولايات المتحدة الأمريكية العراق.

تأججت منطقة الشرق الأوسط بداية من عام 2010م، حيث اندلعت أحداث الربيع العربي التى، وأثرت وبشكل كبير فى المنطقة، وهزت الأنظمة الحاكمة بها، وشهدت المنطقة فى الفترة بين 2010 م وحتى الآن توترات وعدم استقرار ملحوظ، بل وتطور الأمر لظهور أطماع استعمارية من جانب بعض الدول؛ نتيجة لهشاشة مؤسسات بعض الدول.

  • إيران وإسرائيل

فى ظل تنامى تلك التوترات فى المنطقة، تتسابق الدول بشكل أسرع للحصول على أحدث الأسلحة، ومنها الأسلحة السيبرانية، وعند التطرق لهذا النوع من الأسلحة لا يجب أن نغفل عن دور إسرائيل وإيران فى هذا المجال، حيث يحتدم بينها صراع الهجمات السيبرانية بشكل واضح، فقررت إيران تعزيز قدرتها السيبرانية بعد الهجوم الشهير على مفاعلها النووى( هجوم ستاكسينت)،حيث ضرب الفيروس أجهزة الطرد المركزي الإيرانية التي تنتج اليورانيوم المخصب، وأتلف العديد من الأجهزة؛ لهذا قامت إيران بتسريع برنامجها النووى، ودراسة هذا الهجوم للحماية منه، ومن ثم تطوير أمنها السيبرانى، وعلى أثره تم انشاءالجيش السيبراني الإيراني، والمجلس الأعلى للفضاء الإلكتروني،[vi] لتبدأ بعدها إيران فى شن هجمات سيبرانية بشكل موسع، جعلتها تصنف من قبل الأوساط الاستخباراتية العالمية بأنها ثالث قوى سيببرانية فى العالم بعد الصين. واصلت إيران حربها السيبرانية ضد إسرائيل منذ ذلك الوقت وحتى الآن، حيث تعرضت إسرائيل فى مارس 2022م لهجوم سيبرانى أسفر عن تعطيل بعض المواقع الحكومية الإسرائيلية ومن أهمها: موقع الحكومة الإسرائيلية، ووزارة الداخلية، ووزارة العدل، وأيضًا وزارة الصحة، ومكتب رئيس الوزراء، وعلى الرغم من عدم وجود أدلة مؤكدة تدين الجانب الإيرانى، إلا أن كافة أصابع الإتهام تشير إلى إيران. [vii]

تعتبر إسرائيل من أكثر الدول تطورا فى مجال الأمن السيبرانى، حيث تم تصنيفها كثانى أقوى دولة فى العالم من حيث التفوق السيبرانى، وذلك وفقا لتقرير صادر من المعهد الدولى للدراسات الاستراتيجية. يذكر أن إسرائيل عملت على تقوية أمنها السيبرانى منذ أكثر من 20 عامًا، والآن نجد أنها تستثمر حوالى 82مليار دولار فى الصناعة السيبرانية[viii]، مما يجعلها من أكبر الدول من حيث صفقات الأمن السيبرانى حول العالم. أنشات اسرائيل ما يسمى بوحدة 8200 أو وحدة ( SIGINT) التابعة لجهاز الاستخبارات الإسرائيلى، تعمل تلك الوحدة على جمع المعلومات، وفك تشفير المعلومات المشفرة باللغات الاجنبية ومعالجتها، وتنقسم الوحدة إلى قسمين: الأول هو (أوفيك) ويضم المتميزين فقط، ومن ضمن شروطه اتقان اللغتين العربية والفارسية، أما الثانى هو ( ماتان) يشتمل على وحدتين هما ( حتساف) والتى تهتم بجمع المعلومات الاستخباراتيه من وسائل الإعلام المعلنة، والاخرى هى الوحدة العملياتية ل8200 ومهمتها تحديث المعلومات الاستخباراتية. تعتبر تلك الوحدة سرية للغاية، حيث لا يتم نشر الكثير من المعلومات حولها[ix]، يذكر أن من أحدث التقنيات التى توصلت إليها إسرائيل فى الوقت الحالى هو “فيروس بيجاسوس”،الذى أنشاته شركة ( ان اس او) الإسرائيلية، التى تضم نخبة من الظباط السابقين بالجيش الإسرائيلى، حيث يعمل هذا الفيروس على اختراق الهواتف  المحمولة دون النقر على أى روابط، والتجسس على صاحب الهاتف دون أن يعلم بهذا.[x] أثار هذا البرنامج أزمة سياسية ضخمة بين إسرائيل ودول العالم، وذلك بعد أن كشفت تقارير منظمة العفو الدولية ومؤسسات إعلامية وبالتعاون مع مؤسسة Forbidden Stories الصحافية الفرنسية أن حكومات دول عدة استخدمت البرنامج لمراقبة اتصالات ما يصل إلى 50 ألف شخص، من ضمنهم زعماء وصحفيين ومسؤولين حكوميين وناشطين حول العالم[xi]، وعلى الرغم من شركة (إن أس أو) صرحت بأنها تبيع البرنامج بغرض استخدامه ضد الإرهابيين والمجرمين، ألا أن البرنامج استهدف روؤساء لبعض الدول، منها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وملك المغرب وغيرهم. لجأت إسرائيل إلى تشكيل لجنة تحقيق على أثر تلك الأزمة، تضم تلك اللجنة ممثلين من وزراة الدفاع، ووزارة الخارجية، ووزارة العدل، وايضًا ممثلين من الموساد. سعت تلك اللجنة إلى مناقشة شركة (إن إس أو) فيما يتعلق بالتقارير التى صدرت بحقها، مع محاولة السيطرة على تداعيات الأزمة[xii].

وعلى الرغم من تطور القدرات السيبرانية لكل من إيران وإسرائيل فى الوقت الحالى، الا أن كلا منهما يستطيع تسديد ضربات مؤلمة للطرف الآخر، فنجد تعرض ايران للعديد من الهجمات السيبرانية، كما حدث فى أكتوبر 2021م، حيث  هاجم بعض القراصنة نظام إلكتروني لتوزيع الوقود من خلال الإنترنت، يمكن سائقي السيارات من شراء الوقود المدعوم بالبطاقات الذكية الصادرة عن الحكومة، مما تسبب في طوابير طويلة في محطات الوقود، الجدير بالذكر هو اتهام ايران لدولة أجنبية بهذا الهجوم، بهدف اثارة الغضب الشعبي على النظام الإيرانى[xiii]، لترد إيران بضربة سيبرانية على إسرائيل عن طريق قيام  مجموعة قراصنة (بلاك شادو)  بتحميل معلومات خاصة بالمرضى، تتضمن  السجلات الطبية لـ290 ألف مريض في معهد ماشون مور الطبي على الإنترنت، وتسريب تلك المعلومات على موقع أتراف للمواعدة، مما كان له تداعيات بالسلب على الإسرائيليين.

  • تركيا

تأتى تركيا فى المركز ال11 عالميا  كقوة  سيبرانية [xiv]وفقًا لمؤشر الأمن السيبرانى العالمى GCI [xv]الصادر عن الاتحاد الدولى للاتصالات، والتابع للأمم المتحدة لعام 2020م، وتسعى تركيا لحماية أمنها السيبرانى عن طريق حزمة من القرارات التى استوجبت التنفيذ، فقامت بتشكيل استراتيجية للأمن السيبرانى، تهدف إلى إنشاء خطة وطنية للأمن السيبرانى، وتحديد سياساتها الفعالة، وتنفيذ تلك الخطة مع ضرورة التأكيد على أن الأمن السيبرانى جزء أساسي من أمن تركيا القومى، كما أقامت تركيا هيئات لإدارة سياساتها فى الفضاء الالكترونى مثل هيئة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ومجلس البحوث العلمية والتكنولوجية ، ومركز اختبار المعايير المشتركة، وفى عام 2012 م أنشأت تركيا ثلاثة معاهد سيبرانية (  معهد أبحاث تقنيات البرمجيات، و معهد الأمن السيبراني، و معهد أبحاث التقنيات المتقدمة)، ولايمكن أن نغفل عن قيادة الدفاع السيبرانى داخل القوات المسلحة التركية، والتى تهدف إلى مكافحة التهديدات السيبرانية، وايضا دور المركز الوطنى للاستجابة للحوادث السيبرانية [xvi](يو اس او ام) الذى يقوم بعمل مسح ل16مليون IP للكشف عن التهديدات السيبرانية المحتملة.

  • مصر

لمست مصر أهمية التحول الرقمى الذى يشهده العالم، فكان لابد من اتخاذ اجراءات تواكب هذا التحول الذى يحدث  لدفع عجلة التنمية فى البلاد من خلال استخدام التقنيات التكنولوجية فى إدراة مكونات البنية التحتية الحيوية، مما يستوجب بشكل مباشر ضرورة زيادة الأمان السيبرانى بشكل أكبر، تجنبا للتهديدات السيبرانية، تمثل فى اشتمال القانون المصرى على قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية لأول مرة لما لها من تداعيات على الأمن القومى للبلاد، وأيضًا انضمام مصر للاتفاقية العربية لمكافحة جرائم تقنية المعلومات عام2014 م[xvii]، كما وضعت مصر استراتيجية وطنية للأمن السيبرانى (2017م-2021م) تهدف إلى  تأمين البني التحتية للاتصالات والمعلومات بشكل متكامل لتوفير البيئة الآمنة لمختلف القطاعات لتقديم الخدمات الإلكترونية المتكاملة، وذلك في إطار جهود الدولة لدعم الأمن القومي وتنمية المجتمع المصري،[xviii] ،وتم أيضًا إنشاء المركز الوطني للاستعداد لطوارئ الحاسبات والشبكات بالجهاز القومي لتنظيم الاتصالات في أبريل عام 2009، حيث يقدم الدعم اللازم لحماية البنية التحتية القومية للمعلومات الهامة، خاصة في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والقطاع المالي، والاستعداد لطوارئ الحاسبات والشبكات ومراقبة الأمن السيبراني، والاستجابة للحوادث، والتنبؤ بالاخطار، وإصدار تحذيرات مبكرة عن انتشار البرمجيات الخبيثة، والهجمات واسعة النطاق التي تهدد البنية التحتية للاتصالات في جمهورية مصر العربية. هذا المركز يتكون  من أربع إدارات رئيسية، وهي إدارة مواجهة الحوادث ، وإدارة خدمات التحليل الجنائي الرقمي للطب الشرعي الرقمي، وإدارة تحليل البرمجيات الخبيثة ، وإدارة اختبار الاختراق. وفى عام 2014 م قامت مصر بانشاء المجلس الأعلى للأمن السيبرانى، بهدف وضع استراتيجية وطنية لمواجهة  الهجمات السيبرانية، و الإشراف علي تنفيذها و تحديثها. تجدر الإشارة إلى أن مصر تحرص على حضور الفعاليات الدولية والاقليمية التى تهدف إلى تعزيز الأمن السيبرانى مثل ITU,OECD,AU,OIC,ESCWA,UN,CRCC . أيضًا جاءت مصر فى الترتيب ال23 عالميًا فى مؤشر الأمن السيبرانى الصادر عن الاتحاد الدولى للاتصالات لعام 2020.[xix]

  • المملكة العربية السعودية

احتلت السعودية المركز الثانى عالميًا فى مؤشر الأمن السيبرانى لعام 2020م[xx]، وبهذا تتبوء السعودية المركز الأول عربيًا فى هذا المجال، يرجع هذا لبعض الإجراءات التى اتبعتها المملكة العربية السعودية فى مجال الأمن السيبرانى ومنها تأسيس هيئة الأمن السيبرانى عام 2017م، وتتصل مباشرة بالملك، وتهدف إلى حمايةً المصالح الحيوية للدولة وأمنها الوطني والبنى التحتية الحساسة والقطاعات ذات الأولوية والخدمات والأنشطة الحكومية. وفى عام 2018م انطلق  الاتحاد السعودى للأمن السيبرانى والبرمجة والدرونز، حيث أقيمت  الورشة التحضيرية الأولى للاتحاد فى عام 2017م، بهدف استقصاء آراء ومقترحات المتخصصين السعوديين في استشـراف مسـتقبل الاتحاد، وتأسـيس المعالم الرئيسيـة لانطلاقه[xxi]، ويسعى لبناء قدرات محلية احترافية في مجال الأمن السيبراني وتطوير البرمجيات والدرونز بناءً على أفضل الممارسات والمعايير العالمية، للوصول بالمملكة العربية السعودية إلى مصاف الدول المتقدمة في صناعة المعرفة التقنية الحديثة[xxii]. واهتمت المملكة برصد ميزانية ضخمة تقدر ب102 مليار ريال للأمن والمناطق الإدارية بما في ذلك الأمن السيبراني. وتشير التوقعات العالمية إلى نمو سوق الأمن السيبراني السعودي بمعدل نمو سنوي مركب قدره 16.5% بين عامي 2018م و2023م؛ ليصبح بذلك السوق الأكبر للأمن السيبراني في الشرق الأوسط.[xxiii]

  • الإمارات العربية المتحدة

استطاعت الإمارات أن تحتل المركز الخامس عالميًا فى مؤشر الأمن السيبرانى GCI لعام 2020م[xxiv]، ومن المؤكد أن ما وصلت إليه الإمارات لم يكن محض صدفة، بل كان نتيجة لمجهودات قامت بها الدولة فى مجال الأمن السيبرانى، ويأتى على رأسها اطلاق الاستراتيجية الوطنية للأمن السيبرانى،والتى تم اطلاقها فى عام 2019م، وتهدف إلى خلق بيئة سيبرانية أمنه للأفراد، وأيضًا توفر مناخ آمن للشركات تسمح لها بالنمو والتطور، [xxv]وذلك من خلال 60 مبادرة تقوم على خمسة محاور، منها تصميم وتنفيذ إطار قانوني وتنظيمي شامل للأمن السيبراني لمعالجة جميع أنواع الجرائم السيبرانية، وتمكين منظومة حيوية للأمن السيبراني من خلال الاستفادة من سوق الأمن السيبراني في الدولة والمشاركة بفاعلية في سوق الأمن السيبراني في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتطوير قدرات أكثر من 40 ألف متخصص في الأمن السيبراني، وزيادة وعي أفراد المجتمع بالأمن السيبراني والمخاطر المتعلقة بالإنترنت، ووضع خطة وطنية فعالة للتعامل مع الحوادث السيبرانية، وحماية الأصول الحيوية لدولة الإمارات في القطاعات الرئيسية، وعم عمل منظومة الأمن السيبراني بأكملها من خلال شراكات محلية وعالمية.
أنشئت الإمارات مجلس الأمن السيبراني، حيث تم اعتماده من مجلس الوزراء فى عام 2020م، ويعمل على اقتراح وإعداد التشريعات والسياسات، والمعايير اللازمة لتعزيز الأمن السيبراني للقطاعات المستهدفة في الدولة كافة، ووضع الآلية والإطار العام لتبادل ومشاركة وحوكمة المعلومات المرتبطة بالأمن السيبراني بين الجهات والقطاعات المختلفة محلياً ودولياً، وذلك بالتنسيق والتعاون مع الجهات المعنية. وأيضًا قامت تنفيذ شبكة اتحادية معززة ببنية تحتية مشتركة تسمح بالتوصيل البيني، وتبادل البيانات بين جميع الجهات المحلية والاتحادية في الدولة،تأسيس مركز الاستجابة الوطني لطوارئ الحاسب الآلي، بهدف تحسين معايير أمن المعلومات وممارساته، وحماية البنى التحتية لقطاع الاتصالات وتقنية المعلومات من مخاطر واختراقات الإنترنت، وعملت على تعزيز قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات.[xxvi]

 حرصت الإمارات على التعاون على المستوى الدولى فى مجال الأمن السيبرانى، فأنشئت العديد من بروتوكولات التعاون بينها وبين الشركات الخاصة التى تختص بمجال الأمن السيبرانى، ومنها شركة  XM Cyber الإسرائيلية، حيث ستعمل تلك الشركة على حماية قطاعات الغاز، والنفط، والبنى التحتية المالية، والمطارات. [xxvii]كما استضافت الإمارات معرض ومؤتمر “سايبر تك جلوبال” ويعتبر من أكبر المعارض فى العالم فى مجال الأمن السيبرانى، والذى كان يُقام فى تل أبيب، بالإضافة إلى معرض ومؤتمر “جيتكس” أكبر منصة للتكنولوجيا والابتكار الدولي، ومعرض ومؤتمر الخليج لأمن المعلومات “جيسيك”. [xxviii]

ختامًا:

من الصعب أن نجزم بتفوق دولة معينة فى مجال الأمن السيبرانى، نظرا لتعرض جميع الدول لهجمات سيبرانية متعددة، ولكن يمكن أن نتخذ كافة الاجراءات الوقائية لمنع مثل تلك التهديدات  الشرسة من افتراس الأمن القومى لدول العالم، وهذا عن طريق متابعة التطور المستمر فى مجال الأمن السيبرانى والسماح باطلاق العنان للعقليات المبتكرة فى المجال حتى ينعم العالم بالقدر الكافى من الأمان.


[i]  ريهام عبدالرحمن رشاد العباسى، أثر الارهاب الالكترونى على تغير مفهوم القوة فى العلاقات الدولية دراسة حالة: تنظيم “الدولة الاسلامية”، المركز الديمقراطي العربي، تاريخ الدخول :10/2/2022، متاح على الرابط: https://democraticac.de/?p=34528

[ii]  سو غوردون / إريك روزنباخ، أميركا تصفي حساباتها السيبرانية وتعيد النظر فيها،اندبندنت عربية،تاريخ الدخول: 13/2/2022، متاح على الرابط: https://bit.ly/3JKC2Dj

[iii] ___، بعد هجمات مكثفة.. بايدن يُعدّ خطة لتعزيز الأمن السيبراني، الشرق،تاريخ الدخول:13/2/2022، متاح على الرابط: https://bit.ly/3p46CQq

[iv] ___،  حرب لا ترصدها الكاميرات.. أكثر ما يخشاه الغرب من روسيا، سكاى نيوز عربية، تاريخ الدخول: 5/3/2022، متاح على الرابط : https://bit.ly/35JE8Fb

[v] ندى على،  بعد اختراق موقع الكرملين.. هاكرز يهدد السلطات الروسية بنشر معلومات حساسة،صدى البلد، تاريخ الدخول 5/3/2022، متاح على الرابط: https://www.elbalad.news/5181306

[vi] علي عاطف، إلى أين وصلت قدرات إيران السيبرانية؟ ، المرصد المصرى، تاريخ الدخول:14/2/2022، متاح على الرابط: https://marsad.ecss.com.eg/42737/

[vii] رغدة البهى، الهجوم السيبرانى الإيرانى على إسرائيل…خلفيات ودلالات، المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، تاريخ الدخول : 15/4/2022 ، متاح على الرابط : https://ecss.com.eg/18961/

[viii] جهاد عودة،  المواقع المصرية ومتغيرات الشرق الأوسط: القوة السيبرانية الأولى،صدى البلد،تاريخ الدخول: 15/2/2022،  متاح على الرابط: https://www.elbalad.news/4789998

[ix] محمد الليثي، الوحدة 8200: تعرف على ذراع الاستخبارات الإسرائيلية للاختراق عن بُعد  ، مركز الانذار المبكر، تاريخ الدخول:15/2/2022،متاح على الرابط: https://bit.ly/3BAI0DH

[x] سوزان عاطف، بعد فضيحة التجسس الكبرى.. كيف يعمل «بيجاسوس» لاختراق هواتف ضحاياه ؟،المصرى اليوم، تاريخ الدخول:16/2/2022، متاح على الرابط: https://www.almasryalyoum.com/news/details/2383209

[xi] محمد عادل، برنامج التجسس “بيغاسوس” تحت المجهر،الشرق،تاريخ الدخول:5/3/2022، متاح على الرابط: https://bit.ly/3CPhaZr

[xii] _____، خشية أزمة سياسية.. إسرائيل تشكل فريقا خاصا لتدارك تداعيات فضيحة التجسس العالمية “بيغاسوس”، يورونيوز، تاريخ الدخول:5/3/2022، متاح على الرابط: https://bit.ly/3hYgsPK

[xiii] زهراء رجبي،  حرب سيبرانية “باردة” تتصاعد بين إيران وإسرائيل، العين الاخبارية، تاريخ الدخول: 16/2/2022، متاح على الرابط : https://al-ain.com/article/war-cyber-cold-iran-israel

[xiv] Arfa Javaid, ITU Global Cybersecurity Index 2020: India ranked amongst top 10 nations,jagran josh , تاريخ الدخول:6/3/2022, متاح على الرابط : https://bit.ly/3tNY4yB

[xv] ________، Global Cybersecurity Index، تاريخ الدخول:6/3/2022، متاح على الرابط : https://bit.ly/37dv5wo

[xvi] د. رغدة البهي، بين التشريع والقرصنة والأمن: كيف تدير تركيا قدراتها السيبرانية؟،المركز المصرى للفكروالدراسات الاستراتيجية،تاريخ الدخول16/2/2022، متاح على الرابط: https://ecss.com.eg/10826/

[xvii] د. غادة محمد عامر،جهود الدول فى مكافحة الإرهاب التكنولوجى،مجلة السياسة الدولية، رقم المجلد 57، عدد227، يناير2022،ص257

[xviii] _______، وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، تاريخ الدخول 16/2/2022،متاح على الرابط: https://www.mcit.gov.eg/Ar/Publication/Publication_Summary/6132

[xix] ___، Global Cybersecurity Index 2020، تاريخ الدخول: 10/3/2022، متاح على الرابط: https://bit.ly/3i3yMHo

[xx]  المصدر نفسه

[xxi] _______، الإرهاب السيبراني.. الوجه التكنولوجي للتطرف، مركز سمت للدراسات، تاريخ الدخول: 1/3/2022 ،متاح على الرابط: https://bit.ly/36eQ6Xf

[xxii] ____، الاتحاد السعودى للأمن السيبرانى والبرمجة والدرونز،تاريخ الدخول: 10/3/2022، متاح على الرابط: https://safcsp.org.sa/about-us

[xxiii] ضياء محمود،كيف تتقدم السعودية بقوة في قطاع الأمن السيبراني على المستوى العالمي؟،عالم التقنية، تاريخ الدخول:10/3/2022، متاح على الرابط https://bit.ly/35LChzJ            

[xxiv] ___، Global Cybersecurity Index 2020، تاريخ الدخول: 10/3/2022، متاح على الرابط: https://bit.ly/3i3yMHo

[xxv] _____،               الاستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني-2019، تاريخ الدخول: 10/3/2022، متاح على الرابط : https://bit.ly/3MNHLu8

[xxvi] د/محمد أبوغزلة، تصدُّر الإمارات المؤشرات العالمية في الأمن السيبراني.. الأهمية والدلالات والسياق والانعكاسات، تريندز،تاريخ الدخول: 10/3/2022، متاح على الرابط : https://bit.ly/3Ias78G

[xxvii] _____،   “غلوبس”: شركة أمن سيبراني إسرائيلية تعمل في الإمارات والبحرين لحماية النفط والبنى التحتية والمطارات، RT،تاريخ الدخول:10/3/2022، متاح على الرابط https://bit.ly/3q0RDHo

[xxviii] د/محمد أبوغزلة، تصدُّر الإمارات المؤشرات العالمية في الأمن السيبراني.. الأهمية والدلالات والسياق والانعكاسات، تريندز،تاريخ الدخول: 10/3/2022، متاح على الرابط : https://bit.ly/3Ias78G

شاركها.

اترك تعليقاً

Exit mobile version