تنبيه سياسى ..

أجرت صحيفة شرق حوارا مع الدكتور سيد على موجاني مستشار وزير الخارجية الحالي، بتاريخ الأربعاء 9 تير 1400ه.ش، الموافق 30 يونيو 2021م، نشرته تحت عنوان: صوت إيران يجب ان يُسمع. في محاولة منها لتلمس ملاح خطاب الحكومة الجديدة، والمنهج الذي تتم صياغته، فيما يتعلق بأسلوب عمل وزارة الخارجية ورؤية الحكومة الجديدة لأداء الدبلوماسية الإيرانية، والتي يبدو أنها مهتمة بـإحداث “قفزات في العلاقات الإقليمية” أكثر من ذي قبل. ويكتسب أن هذا المقال أهميته من حيث توقيت نشره؛ إذ إنه جاء عقب فوز إبراهيم رئيسي في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، واكتمال سيطرة التيار الأصولي على أركان الدولة وسلطاتها الثلاث. والذي يتبنى شعار إيران القوية.
إيران
جواد ظريف – صورة أرشيفية
وعلى الرغم من أن الصحيفة قدمت الدكتور علي موجاني مستشار وزير الخارجية محمد جواد ظريف، لقرائها بأنه دبلوماسي يتمتع بخبرة تاريخية، تحصل عليها من عمله بمركز الدراسات التابع لوزارة الخارجية في التسعينيات، وعمله، خلال السنوات الأخيرة مستشارًا ثقافيًا لإيران في ألمانيا وبولندا.
إلا أني أود أن أضيف، بحكم علاقتي الشخصية به، أنه واحد من أكبر الباحثين والمحققين المعنيين بتحقيق ونشر التراث الثقافي الإيراني في جميع دول العالم، بوصفه أحد القواسم المشتركة التي تستند إليها طهران في إثبات عمق تأثيرها الثقافي. وأنه كان مسئولا في وقت من الأوقات عن مكتبة مجلس الشورى الإسلامي، ثم إن اختياره للعمل مستشارًا ثقافيًا في أكبر دائرة تأثير ثقافي إيراني في اوروبا وهما المانيا وبولندا يعكس مدى مكانته العلمية. كما أشير أيضا إلى أن الدكتور علي موجاني له مئات المؤلفات والبحوث والدراسات والمقالات المهمة في مجال الثقافة وتحقيق التراث، آخرها الذي لم يصدر بعد، حول تنظيم داعش،كما أنه يعد أحد عشاق مصر والنيل وأم كلثوم.
على أي حال، إن استقرائنا لمضمون الحوار المذكور وتفسير محتواه، يفيد أنه عالج ثلاثة موضوعات رئيسة، أولها رؤية الدكتور علي موجاني للمتغيرات الإقليمية، والثاني إعادة ترميم الصورة الذهنية لإيران، بينما تعلق الموضوع الثالث بالتطوير المحتمل الذي سوف يشهده جهاز الدبلوماسية الإيرانية. وهذا ما نشير إليه على النحو التالي:
أولا: المتغيرات الإقليمية
وضع موجاني تصورا إقليميا، يوحي بالإدراك العميق للمتغيرات الاقليمية القائمة من حيث:
– أن منطقة الشرق الأوسط تتحرك باتجاه تحالفات اقليمية مستمرة، ولكنها ستظل تحالفات ضعيفة وآنية وغير مستقرة، وربما يمتد تأثيرها إلى ما وراء الإقليم.
– أن الحرب الأذربيجانية الأرمينية التي نشبت بمنطقة القوقاز ذات الأهمية الاستراتيجية لإيران، تركت تداعيات مباشرة وقوية على الداخل الإيراني، إلى جانب أنها أدت أيضا إلي زيادة الوزن النسبي لكل من تركيا وإسرائيل، خصما من وزن إيران بهذه المنطقة.
– أن التطورات الجارية في أفغانستان، تسير في اتجاه تهديد المصالح الإيرانية، خاصة أنها ستكون لها انعكاسات سلبية على إيران على المستويات كافة أمنيا واجتماعيا وسياسيا وعسكريا. وأن لهيب ما يحدث في أفغانستان لن يتوقف عند الحدود الإيرانية بل إنه سوف يطول روسيا وآسيا الوسطى والصين وخاصة في منطقة الأيجور، وشبه القارة الهندية وخاصة في منطقة كشمير.
ثانيا: ترميم الصورة الذهنية لإيران
– سوف تشهد إيران مرحلة جديدة خالية إلى حد كبير من حالة التناقض الداخلي الملحوظ بين مؤسسات الدولة؛ والتي أثرت بالسلب على صورتها الذهنية، التي طالما روجت على مدى 40 سنة.
– كما انها سوف تلجأ الى استراتيجية الاستخدام الأمثل لقواها الناعمة ـ التي سبق أن انتهجتها من ذي قبل لتصدير قيمها الثورية ـ في إعادة بناء صورة ذهنية جديدة لها على المستوى الخارجي لاستعادة القاعدة الجماهيرية المساندة لها مرة أخرى.
– سوف تستخدم إيران وسائل التواصل الاجتماعي على أوسع نطاق إقليمي، بما يجعل صوت إيران مسموعا، وتبلغ رسالتها وجهتها الصحيحة.
فيلق القدس – صورة أرشيفية
ثالثا: تطوير الجهاز الدبلوماسي
نوه موجاني أيضا إلى أن الهيكل التنظيمي والإداري لوزارة الخارجية سوف يشهد تغييرا ملموسا، وسيتم تزويده بالكوادر البشرية ذات الكفاءة والخبرة العالية، التي من شأنها اعادة العمل الخارجي إلى سابق عهده، وأشار إلى أن الإدارة المستقبلية لوزارة الخارجية سوف تلعب دورا ملموسا ومخططا وقائما على التقويم الذاتي والعقلانية والواقعية والشجاعة والمبادأة، فضلا عن إنها سوف تستعين بأدوات مبتكرة تحقق بها تطلعات إيران الخارجية، وتحُيِّد منافسيها وخصومها.
التقدير
– يبدو أن إيران، التي أنهكها استخدام المليشيات المسلحة في تكوين عمق استراتيجي لها بمنطقة الشرق الأوسط، سوف تدخل في حوار إقليمي واسع مع عدد من الأطراف والقوى الإقليمية. خاصة أنها حققت أهدافها المرحلية في العراق وسوريا ولبنان واليمن.
– أن حوار إيران الإقليمي المحتمل سوف يأتي من مركز قوة؛ خاصة أنه سيأتي عقب الانتهاء من ابرام الاتفاق النووي، ويهدف إلى الحفاظ على مكتسباتها الإقليمية. وبالتالي فإنها لن تقوم بأي نشاط سياسى ودبلوماسي في هذا الاتجاه الا بعد تجاوز مرحلة المفاوضات الجارية، وإعادة ترتيب الجهاز الدبلوماسي بما يتسق مع المرحلة الجديدة.
– من الواضح أن هناك إصرار إيراني على الاستحواذ على دور الدولة المركزية في الشرق الأوسط.
– أن المحددات الثورية لن يكون لها، خلال المرحلة القادمة، اي تأثير قوي على الأداء الخارجي الإيراني، بقدر ما ستكون مصالحها الوطنية هي المحدد الرئيسي لرسم سياستها الخارجية.
شاركها.

اترك تعليقاً

Exit mobile version