اندلعت الحرب بين إسرائيل وحركات المقاومة الفلسطينية، ورغم استشهاد عشرات الفلسطينيين وإصابة المئات، إلا أن صواريخ حماس والجهاد الإسلامي ما زالت تنهمر على المدن والمستوطنات الإسرائيلية دون انقطاع، مما أدى لمقتل بعض الإسرائيليين وإصابة آخرين، فضلا عن إصابة حركة الحياة داخل إسرائيل بالشلل التام، في ظل شبح الحرب الأهلية بين اليهود والعرب في أراضي الـ 48.
معادلة عسكرية جديدة!
رغم الأضرار الهائلة التي تتعرض لها إسرائيل أمنيا واقتصاديا، إلا أنها ترفض حتى الآن كل مقترحات وقف إطلاق النار والعودة للتهدئة. والسبب الذي يدفع إسرائيل إلى استمرار غاراتها على قطاع غزة، هو أنها فقدت عامل الردع وأصبحت أمام معادلة عسكرية وأمنية جديدة مع قطاع غزة، وهذا ما لا تقبله إسرائيل مهما كان الثمن. وعليه فإن حكومة تل أبيب ستواصل تصعيد هجماتها العسكرية ضد قطاع غزة من أجل تحقيق الأهداف التي أرادتها من عملية “حراس الأسوار”، وهي تسعى لذلك قبل أن يُجبرها المجتمع الدولي على وقف إطلاق النار.
غزة
إسماعيل هنية – صورة أرشيفية
إسرائيل والهدف الأهم..
إن الهدف الأهم الذي تود إسرائيل تحقيقه، هو أن تفرض قواعد لعبة مغايرة على حركتى حماس والجهاد، وأن تنسف المعادلة الجديدة التي وضعتها المقاومة، وهي الارتباط الشرطي بين ما يحدث في القدس وما يجري في قطاع غزة. وفي المقابل فإن حركة حماس ترى أن اتفاق وقف إطلاق النار لن يتأخر كثيرا بسبب الأزمة السياسة الداخلية في إسرائيل جراء تعثر تشكيل ائتلاف حكومي، والضغوط الدولية على حكومة نتنياهو.
جدير بالذكر أن إسرائيل وحركة حماس قد أوضحتا للوسطاء الدوليين أنهما لا تريدان المواجهة العسكرية الشاملة وتسعيان لتحقيق الأهداف العسكرية قبل أن يُفرض عليهما وقف إطلاق النار.
 وبطبيعة الحال فإن حركة حماس حققت إنجازا كبيرا بعدما أشعلت الانتفاضة داخل القطاع العربي في أراضي الـ 48، حيث انتقل أبناء القطاع العربي داخل إسرائيل من التضامن النظري إلى التضامن العملي، فأغلقوا الطرق واصطدموا بالمستوطنين اليهود والشرطة الإسرائيلية.
استعادة عامل الردع..
منذ اندلاع التصعيد العسكري بين إسرائيل وقطاع غزة جراء الممارسات العنصرية الإسرائيلية ضد أهالي القدس الشرقة، دعا العديد من الزعماء إلى وقف الاقتتال والتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار والعودة للتهدئة. إلا أن المجلس الوزاري المصغر للشئون السياسية والأمنية في إسرائيل وافق بالإجماع على توصيات رئيس الأركان باستمرار الهجمات العسكرية وتصعيدها ضد قطاع غزة حتى تتحقق أهداف عملية “حارس الأسوار” واستعادة عامل الردع الذي افتقده الجيش الإسرائيلي.
وكانت شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية قد طلبت من القيادة السياسية مزيدا من الوقت لتحقيق أكبر قدر من أهداف عملية “حارس الأسوار”. حيث ترى الاستخبارات الإسرائيلية أن مقاتلي حماس لديهم القدرة على الاستمرار بإطلاق عدد كبير من الصواريخ لمد ستين يوما وبنفس الوتيرة.
العدوان الإسرائيلى على غزة – أرشيفية
إسرائيل ستواصل هجماتها!
فيما تقول مصادر إسرائيلية إن الهجمات على قطاع غزة ستتواصل على الأقل لعدة أيام، وكانت تل أبيب قد رفضت مساعى مصر وقطر والأمم المتحدة لوقف إطلاق النار. ورفضت إسرائيل مساعي الوساطة بحجة أنها ما زالت تستكمل تحقيق أهداف العملية العسكرية، وبأنها لا تود حاليا وقف إطلاق النار.
وبالفعل فإن إسرائيل تسعى جاهدةً لتحقيق أكبر قدر من الأهداف التي وضعتها لنفسها في قطاع غزة، قبل أن تتعرض لمزيد من الضغوط الدولية لوقف القتال. وترى مصادر سياسية في تل أبيب أن الجيش الإسرائيلي ليس لديه سوى أيام معدودة تحقيق أهدافه، بعدما تلقى التوجيهات المناسبة من القيادة السياسية والأمنية، واستعد لتكثيف هجماته ضد أهداف المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة.
 عنصر المفاجأة!
يرى كثير من المحللين الإسرائيليين أن الحرب الحالية ضد المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، تثبت بما لا يدع مجالا للشك أن إسرائيل لم تتعلم الدرس ولم تستخلص النتائج من هزيمتها في حرب أكتوبر 1973. لأن الحرب الحالية ضد حركتي حماس والجهاد، أظهرت أن الجيش الإسرائيلي لم يكن مستعدا لها.
 ففي الوقت الذي بدأت فيه إسرائيل تعود للحياة الطبيعية بعد حملات التطعيم وانحصار وباء كورونا، إذا بها تنزلق مرة أخرى، إلى واقع الحرب الذي كانت تتمنى أن تنساه. وها هي صواريخ المقاومة الفلسطينية تنطلق من غزة لتصل إلى معظم المدن الإسرائيلية بما فيها القدس وتل أبيب. وهنا يتساءل الإسرائيليون كيف أن جيشهم غفل عن القدرات العسكرية التي طورتها حركتى حماس والجهاد، وأين كانت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية من تلك التطورات.
ويخلص المحللون الإسرائيليون إلى نتيجة مؤلمة، مفادها أن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية لم تتعلم الدرس القاسي من الهزيمة التي تلقتها إسرائيل في حرب أكتوبر من عام 1973، عندما انتصر الجيش المصري وعبر قناة السويس مُحطمًا أكبر مانع مائي عرفه التاريخ. وقتها أيضا زعمت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية أن الجيش المصري غير مستعد للحرب بل ولن يكون قادرا على مواجهة إسرائيل واقتحام خط بارليف.
شاركها.

اترك تعليقاً

Exit mobile version